أثار انتخاب منظمة الصحة العالمية” بالإجماع لحكومة النظام السوري بعضوية المجلس التنفيذي فيها في دورتها الـ74، التساؤلات حول قانونية السماح للوزير السوري المدرج على لوائح العقوبات الأوروبية، حسن غباش، بالمشاركة في مهام المنظمة.
وفي 28 من أيار الحالي، انتخبت “الصحة العالمية” بالإجماع في دورتها الـ74، سوريا لعضوية المجلس التنفيذي فيها، من بين أعضاء آخرين انضموا حديثًا إلى المجلس.
وأثارت هذه الخطوة استياء عاملين سوريين في القطاع الصحي، وناشطين ومنظمات وجمعيات مجتمع مدني عاملة في الشأن السوري، بسبب انتهاكات النظام الموثقة دوليًا في القطاع الصحي.
ويُظهر المقطع المصوّر، الذي شاركه الكاتب والصحفي السوري منصور العمري عبر “فيس بوك“، لانتخاب سوريا في مجلس “الصحة العالمية”، عدم اعتراض أحد من ممثلي الدول الأعضاء الحاضرين للاجتماع على الترشح.
وقالت رئيسة جمعية المنظمة، بعد أن تلت أسماء 12 دولة مرشحة لعضوية المجلس التنفيذي للمنظمة بما فيها سوريا، “أرى أنه لا أحد يريد التعليق، وأفهم أنه لا يوجد اعتراض، لذلك أعلن انتخاب الأعضاء الـ12”.
والحضور هم ممثلو الدول الأعضاء في المنظمة، بما فيها دول ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وقطر وتركيا.
وتظهر القائمة الدول المنشورة عبر موقع الصحة العالمية، اسم الوزير السوري، حسان غباش، باعتباره ممثلًا في المجلس التنفيذي.
قانوني لكن لا أخلاقي؟
مدير البرنامج السوري للتطوير القانوني، إبراهيم العلبي، قال في حديث إلى عنب بلدي، عن تصادم العقوبات المفروضة مع انتخاب الصحة العالمية لوزير من حكومة النظام السوري في مجلسها التنفيذي إن “العقوبات المفروضة على سوريا وعلى الأشخاص المعاقبين، ليست عقوبات أممية بل صادرة من دول، وبالتالي فالمشاركة والتعامل مع الأمم المتحدة ليس محظورًا”.
وبعد زيارة سابقة لوزير الزراعة في حكومة النظام، لإيطاليا للمشاركة في مؤتمر أممي، تبين للعلبي أنه يوجد إعفاء لهذه الشخصيات ضمن قوانين العقوبات الأوروبية والأمريكية، للمشاركة بالنشاطات الأممية، وإلا لم يكونوا ليتمكنوا من المشاركة باللجنة الدستورية في وفد “جنيف”، إذ يضم وفد النظام السوري العديد من الشخصيات المعاقبة أوروبيًا وأمريكيًا.
وبحسب العلبي، يوجد نص بقوانين العقوبات يسمح للأشخاص المدرجين بالعقوبات الدولية بزيارة دول، كانت قد عاقبتهم، وأن تستضيفهم، في حال كانت الزيارة متعلقة بمؤتمر أو اجتماع أممي.
ومن جهة أخرى لم تفرض الأمم المتحدة عقوبات على النظام السوري، بل فرضت على تنظيمات أخرى اعتبرتها إرهابية مثل “القاعدة” و”جبهة النصرة” وتنظيم “الدولة الإسلامية”.
وعليه لا يوجد ما يمنع انتخاب سوريا في المجلس التنفيذي للمنظمة قانونيًا، و”لكن يمكن تسخين الأمر حقوقيًا، لربط إدراج الشخص المعاقب دوليًا بالانتهاكات”، بحسب العلبي.
سخط مدني
أثار انتخاب منظمة الصحة العالمية للنظام السوري، استياء عاملين سوريين في القطاع الصحي، وناشطين ومنظمات وجمعيات مجتمع مدني عاملة في الشأن السوري، بسبب انتهاكات النظام الموثقة دوليًا في القطاع الصحي.
وخرج عاملون في مديرية صحة إدلب في وقفة احتجاجية في 31 من أيار، استنكارًا لقرار “الصحة العالمية” ضم النظام لعضوية مجلسها التنفيذي.
وتساءل مسؤول العلاقات العامة في المديرية، غانم الخليل، عن المعيار الذي اختير وفقه النظام للعضوية، وقال في حديث سابق إلى عنب بلدي، “هل هو مكافأة على إجرامه طوال السنوات الماضية من قتل للأطباء والكوادر الطبية والممرضين، واستهداف سيارات الإسعاف والمسعفين، وتدمير المستشفيات والمراكز الطبية؟”، بحسب قوله.
وأضاف الخليل أن منظمة الصحة العالمية “فُضحت” من خلال هذا الإجراء، إن لم تراجع سياستها وقرارها في عضوية النظام بالمجلس التنفيذي رغم “إجرامه”.
ما وظيفة المجلس التنفيذي؟
يتألف المجلس التنفيذي للمنظمة من 34 فردًا من ذوي المؤهلات التقنية في مجال الصحة، ويجري تسمية كل فرد من قبل إحدى الدول الأعضاء المنتخبة لهذا الغرض من قبل المنظمة، وتُنتخب الدول الأعضاء لولاية مدتها ثلاث سنوات.
ويجتمع المجلس مرتين على الأقل سنويًا، ويُعقد الاجتماع الرئيس عادة في كانون الثاني من كل عام، مع عقد اجتماع ثانٍ أقصر مدة في أيار.
وتقتصر وظائف المجلس التنفيذي الرئيسة على إنفاذ ما تقرره منظمة الصحة، وإنفاذ سياساتها، وإسداء المشورة إليها، والعمل عمومًا على تيسير عملها.
الوزير متورط بالمسؤولية عن العنف
وفي 27 من أيار الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي تمديده لعقوباته المفروضة على النظام السوري منذ 2011 لعام إضافي.
وجاء في بيان نشره الموقع الرسمي لمجلس الاتحاد، “مدد مجلس الاتحاد الأوروبي، الإجراءات التقييدية التي فرضها الاتحاد على سوريا حتى 1 من حزيران 2022، في ظل استمرار قمع السكان المدنيين في البلاد”.
وشطب المجلس خمسة متوفين من قائمة العقوبات، ليبقى على القائمة الآن 283 شخصًا مستهدفًا بتجميد الأصول وحظر السفر، و70 كيانًا خاضعًا لتجميد الأصول فقط.
وأضاف الاتحاد الأوروبي أن فرض العقوبات الحالية جاء ردًا على القمع العنيف للسكان المدنيين من قبل نظام الأسد.
وتستهدف العقوبات أيضًا الشركات ورجال الأعمال البارزين المستفيدين من علاقاتهم مع “النظام” و”اقتصاد الحرب”.
وأوضح أن الإجراءات التقييدية تشمل أيضًا حظر استيراد النفط، وفرض قيود على بعض الاستثمارات، وتجميد أصول مصرف سوريا المركزي المحتفظ بها في الاتحاد الأوروبي، وقيود تصدير المعدات والتقنيات التي يمكن استخدامها في القمع الداخلي، ومعدات وتقنيات رصد أو اعتراض اتصالات الإنترنت أو الهاتف.
وتضمنت آخر رزمة من عقوبات الاتحاد الأوروبي ثمانية وزراء جدد في حكومة النظام السوري، التي تضم أيضًا رئيس الحكومة، حسين عرنوس.
وبحسب بيان نشره الاتحاد الأوروبي على موقعه الرسمي، في تشرين الثاني 2020، تشمل العقوبات وزراء النفط والثروة المعدنية، بسام طعمة، والصحة حسن غباش، والصناعة زياد الصباغ، والكهرباء غسان الزامل، والزراعة محمد حسان قطنا، ووزراء الدولة: محمد سمير حداد، ومحمد فايز البرشة، وملول حسين.
وأوضح الاتحاد أن سبب إضافة الوزراء إلى العقوبات مشاركتهم النظام السوري المسؤولية عن العنف ضد السكان المدنيين.
المصدر: عنب بلدي