مازن أكثم سليمان
1_ هُناك الكثير كي يُقالَ في هذا المِضمار، ومن غيرِ المُمكِنِ أنْ يُغطِّي منشورٌ فيسبوكيّ مثلَ هذا الموضوع العريض، لكنْ حسبي أنْ أُضيءَ بعضَ المَفاصِل التي تنطوي على دلالاتٍ مُفيدة لمَن يُريدُ أنْ يفكِّرَ ويعرفَ وينتمي إلى الحقيقة التّاريخيّة والأخلاق المَعرفيّة، لا إلى الأهواء الأيديولوجيّة المُسَبَّقة والضَّيِّقة، ولا إلى الكيديّة والثَّأريّة أو الانتقاميّة المَسعورة..
2_ يُظهِرُ تفجُّرُ صراع الهُوِّيّات الحالي في سوريّة نمَطاً فريداً من العُصابيّة الجمعيّة والهيستيريا الغرائزيّة (الرَّغبويّة المريضة) التي تنمُّ عن أزمة ذات فرديّة وجَمعيّة..
3_ كتبتُ في السَّنوات الماضية كثيراً عن هذهِ المَسألة تحديداً، إلى حدود الملل والقرف، وآثرتُ على نفسي، بعدَ ذلكَ، أنْ تكونَ كتاباتي، في هذا الإطار وغيرهِ، مَنشورةً في مَواقِعَ أو مجلّاتٍ، بدلاً من أنْ أهدرَ طاقتي في سِجالات لا طائِلَ منها على الفيسبوك، على الرَّغم من أنَّني أتعامَلُ مع صفحتي، هُنا، بوصفِها منبراً جادّاً لتقديم آرائي وأفكاري ونتاجي، مُحترِماً جميعَ أصدقائي وصديقاتي على السَّواء، ومهما اختلفتُ معهُم في الآراء..
4_ ما يحدثُ في مَسألة الصِّراع حولَ هُوِيّة سوريّة يستحقُّ بُحوثاً سياسيّة واجتماعيّة ونفسيّة وأنتروبولوجيّة مُطوَّلة..
والمُشكلة عندَ تيّارٍ واسِعٍ من (العباقِرة) ليسَتْ في قُصور نظرتِهِم إلى مَفهوم الهُوِيّة، ولا في تهافُتِ مُنطلقاتِهِم المَعرفيّة في فَهْم قضيّة تعاقُب الحضارات، وتراكُبِها التّاريخيّ النّامي وامتصاصِها الثَّقافيّ لبعضِها بعضاً، ولا في جُنوحِ هذا التَّيّار إلى أفكار (رغبويّة مجنونة) مُنفصِلة عن المَنطق العقليّ، وغير واقعيّة سياسيّاً وديمغرافيّاً وثقافيّاً، ولا سيما حينَما يطرحونَ مقولةَ لُزوم طرد (الغُزاة العرب المُسلمين) الذينَ احتلّوا سوريّة منذ 1450 سنة؛ إنَّما المُصيبةُ الأكبَرُ في رفضِ هؤلاء (العُصابيّ) لأيّ نقاشٍ مَعرفيّ علميّ، وتجاهُلِهِم العنيد والمُتحجِّر المُغلَق لأيَّة وثائقَ أو دلائلَ مؤكَّدة وفقَ علم التّاريخ الحديث والمُعاصِر تدحضُ جميعَ هذهِ المَقولات المُؤدلَجة والمُتعالية والوهميّة..
5_ أيُّ قارئ لتاريخ سوريّة قبلَ الإسلام (وحتّى قبلَ المسيحيّة) يكتشِفُ ببساطةٍ، واعتماداً على النُّقوش الآثاريّة، وعلى كُتُب المُؤرِّخين الإغريق والرّومان والبيزنطيِّين، والحوليّات الآشوريّة والبرديّات وغيرَها، حجمَ الوجود العربيّ في سوريّة منذُ ثلاثة آلاف سنة في أقلّ تقدير، وفي الحواضِر نفسِها، وكممالكَ لها استقلالُها أحياناً، وليسَ، فقط، كقبائلَ مُتفرِّقة في البوادي فحسبُ، كما يُحاوِلُ أنْ يدَّعيَ البعضُ حينَما تُحاصِرُهُ الإثباتاتُ العلميّةُ والتّاريخيّةُ حولَ وجود العرب القديم في بلاد الشّام والعراق وحتّى مصر (أبو التّاريخ “هيرودوت” يُحدِّدُ حُدودَ بلادَ العرب في كتابِهِ “تاريخ هيرودوت” المكتوب في العام 2450 قبلَ الميلاد، من ضفّة نهر النِّيل الشَّرقيّة في مصر حتّى ديار بكر وديار تغلب في تركيا حاليّاً، إلى شواطئ الخليج العربيّ الشَّرقيّة؛ أي الأحواز في إيران حاليّاً).
6_ لكنَّ المُحور المُهمّ في هذا الحديث، هوَ الآتي:
لم يكُن السُّوريُّون قبلَ مجيءِ (العرب المسلمين الغُزاة) يعيشونَ في الجنّة الموعودة كما يُحاوِلُ أنْ يدَّعيَ البعض، إمّا جهلاً، أو زوراً وبُهتاناً، فالمسيحيّون في سوريّة كانوا يُعانونَ اضطهاداً كنسيّاً هائِلاً من بيزنطة، والوضع السِّياسيّ كانَ مُمزَّقاً إلى أقصى الحُدود (لا وجود لدولة مركزيّة قويّة وذات سُلطة وسِيادة)، والوضع المَعيشيّ لم يكُنْ على ما يُرام (لا يُمكِنُ الحديث عن حالة ثقافيّة أو حضاريّة مُتقدِّمة)، ووو………..إلخ.
7_ يُمكِنُ، مثلاً، الاطّلاع في هذا الشَّأن على ثورة الأميرة (ماوية العربيّة التَّنوخيّة) في القرن الرّابع الميلاديّ، والتي شغلَتْ مُؤرِّخي العصر البيزنطيّ، حيثُ انتفضَتْ على بيزنطة بسبب خلافٍ دينيّ حولَ طبيعة الإله، فرفضَتْ تعيينَ أسقفٍ يتَّبعُ عقيدةَ اليونانيِّين، وأصرَّتْ على تعيين أسقف من سوريا يُدعى موسى، ودارتْ معارك طاحنة بين جيش ماوية وجيوش البيزنطيِّين، فانتصرتْ ماوية عليهم انتصاراً ساحقاً، وأشعلَتْ ضدَّهم الجبهات من جنوبيّ فلسطين إلى حلب.. (لا تقلّ سِيرة ماوية العربيّة في سعيِها الاستقلاليّ أهمِّيَّةً عن سِيرة زنوبيا العربيّة)..
8_ أُشيرُ، هُنا، إلى مدى اتِّساع المجال لمَنْ يُحبّ أنْ يقرأ بحياديّة وموضوعيّة ومن دون مُسبَّقات عصبيّة غرائزيّة دينيّة أو عرقيّة رغبويّة مُسَبَّقة، وهُناك مئات المَصادِر الغربيّة والعالَميّة لا (القوميّة العربيّة الشُّوفينيّة) في مَوضوعة وجودُ العرب الواسِع والعميق والأصيل في سوريّة قبائلَ وممالكَ، بدواً وحضراً منذُ آلاف السِّنين..
ويتحدَّث المُؤرِّخ الدُّكتور محمَّد بهجت القُبيسيّ في حوار موثَّق معهُ عن وجود (نقشٍ) يُخفيهِ الغربيّون عنّا كعادتِهِم الاستشراقيّة المَشبوهة، وهو نقشٌ لا يعرفُهُ العرب، ولا حتّى الأكاديميِّون منهُم.. يقول المُؤرِّخ الدُّكتور محمَّد بهجت القبيسي في هذا الحوار بالحرف الواحد:
“ج_ وردَتْ (صفةُ عرب) في نقشٍ لـ نازان والد نارام سين، ابن شاروكين يتكلم عن عرب ملوكاً وعرب مكان..
س_ هل ورد في النقش حرف العين أم..؟
ج_ أتت بحرف العين، على كلّ هذا ما أقره “إسرائيل ولفنسون” في كتابه “اللُّغات السامية ” وما نقله عنه “أنوليتمان” ، هذان الاثنان لم ينكرا هذا النقش والاثنان قرآها، عرب. يعودُ هذا النقش إلى نهاية الألف الثّالث قبلَ الميلاد (2200 ق.م )، وللأسف إلى الآن أدمغتنا مغسولة بأن نقش “جنيديبو العربي” الذي قامَ بألف جمل في معركة قرقر، هو أوَّل نقش يذكرُ العرب لكن هذا كلام غير صحيح.
إرجع إلى الكتابات الإبلاوية، ليسَ لدينا شيءٌ عنها.. كلّهُ مكتوب بالحرف اللّاتينيّ، وكلّه إمّا بالإيطاليّ أو بالإنكليزيّ، شخصٌ واحدٌ لدينا يهتمّ بهذهِ الأمور، وهذا لا يكفي، يجب أن يكونَ لدينا مدرسة أو مجموعة ما، لديها على الأقلّ فكرة عن الكتابات القديمة، أقولُ كتابات ولا أقولُ لغات، عندي الآن كتابات إيبلا، يجب أن يكونَ لدينا شخصٌ مُؤسَّسٌ لغويّاً على الأقلّ، وأن يكونَ، أيضاً، مُؤسَّسٌ باللَّهجةِ العربيّة العدنانيّة لأنَّ اللُّغة لُغة، ثمَّ نُعلِّمُهُ شكلَ الخط” (انتهى كلام الدُّكتور القبيسيّ).
9_ نعم: كانَ وجودُ العرب في سوريّة منذُ ما قبلَ المسيحيّة (في أقلّ تقدير) أصيلاً ومُوثَّقاً آثاريّاً، وصريحاً وواضِحاً، وهذا ما تنطوي عليهِ بجَلاءٍ مُؤلَّفات مُؤرِّخي الإغريق والرُّومان وبيزنطة..
10_ ثمَّةَ أيضاً (على سبيل المثال لا الحصر)وثيقة كنسيّة سريانيّة كشَفَها الصَّديق الباحث والمُؤرِّخ تيسير خلف، وجاءَ فيها:
“التَّركيبة السُّكَّانيّة لدمشق وغوطتها في العام 570 ميلادي (أي قبلَ دخول العرب المسلمون إلى سوريّة) من خلال الوثائق الكنسيّة السِّريانيّة:
تعدُّ وثيقة (رؤساء الأديرة العرب) العائدة للكنيسة السِّريانيّة واحدةً من أهمّ الوثائق التي تتحدَّثُ عن التَّركيبة السُّكانيّة لسوريا الجنوبيّة قبل الفتوحات الإسلاميّة.. فهذهِ الوثيقة التي تعودُ إلى العام 570 ميلاديّ تذكر أسماء 137 ديراً في منطقة دمشق وحوران تتبع للكنيسة السريانيّة، بالتحديد لأسقفيّة كانت تسمى “أسقفيّة العرب”.
ومن خلال هذه الوثيقة نستنتجُ ما يلي فيما يتعلقُ بمنطقة غوطة دمشق:
أوَّلاً: جميعُ المدن المحيطة بدمشق كانت من العرب المسيحيِّين التّابعين للكنيسة السريانيّة الغربيّة، وكانوا شديدي الولاء للكنيسة السِّريانيّة كما تدلُّ رسالتهم.
ثانياً: مدينة دمشق وحدها كانت خارج هذا النُّفوذ لأنَّها كانت تتبع للكنيسة الملكية الارثوذكسيّة.. تركيبتها السُّكّانية بحسب الوثائق الكنسيّة السِّريانيّة تتكوَّنُ من عربٍ يتبعون كنيسة بيزنطة، ويرأسهم آل منصور الذين تفاوضوا مع المسلمين على تسليم المدينة صُلحاً، الذين أصبحوا فيما بعد وزراء الأمويِّين ومدبريهم. بالإضافة إلى أقلِّيات يهودية تلموديّة وسامريّة وأقلِّيّة يونانيّة.”..
11_ من المعلومات المُوثَّقة (ليسَ فقط في وثائق العرب المُسلمين؛ إنَّما في الوثائق السِّريانيّة والقبطيّة والفارسيّة والبيزنطيّة) أنَّ رأسَ حربة فتوحات (الغُزاة العرب المسلمين) في العراق والشّام ومصر (ومثال ذلكَ معركة اليرموك الحاسِمة) كانَ العربُ الغساسِنة المسيحيّون (يا للمُفارَقة التّاريخيّة التي تستحقُّ التَّأمُّل العميق والطَّويل والحياديّ، والتي تقلبُ إلى حدٍّ بعيدٍ جميعَ المُسلَّمات الاستشراقيّة والشُّعوبيّة والطّائفيّة الكاذِبة)..!!!!!!
12_ ما دفعَني هذا اليوم إلى كُلّ هذا الحديث، وقوعي بالمُصادَفة على صفحةٍ عنِ التّاريخ (السُّوريّ السِّريانيّ) تُسمِّي الإمبراطور الرُّومانيّ “فيليب العربيّ” بـِ “فيليب الآراميّ”، وهُنا، سأكتفي بالقول إنَّ من يُديرُ مثل هذهِ الصَّفحات المَشبوهة (أهبَل وأجدَب وحاقد) في أقلّ تقدير، ولنْ أدخُلَ بمظانّ السِّياسة وألاعيب التَّفتيت المُمنهج والتَّمويل الهادِف تحت عنوان: (فرِّق تسُد، وزيِّف تنتصِر)..
13_ من المُذهِل أنْ يمتلِكَ مثل هؤلاء الوقاحة والجُرأة الكافية للاعتداء على الحقائق، وللعمَل على تزييف التّاريخ الموجود والمُثبَتْ في النُّقوش الآثاريّة، أو التّاريخ الموجود في الوثائِقَ الرَّسميّة السِّياسيّة الرُّومانيّة، أو في مُؤلَّفات المُؤرِّخين الرُّومان، وكُلُّها تُطلِقُ عليهِ اسم: الإمبراطور “فيليب العربيّ”، وتقولُ إنَّ والدَهُ كانَ زعيم قبيلة عربيّة في سهلِ حوران وجبَلِهِ..!!!
14_ وفي السِّياق التَّزييفيّ نفسِهِ: نجدُ، مثلاً، أنَّ صفحات كثيرة تتبنَّى الرِّواية التَّوراتيّة التي تصِفُ (الملك حزائيل) بـِ “ملك آرام دمشق”، وتتجاهلُ النُّقوش الآشوريّة المُوثَّقة والأصيلة والمَضبوطة في علم التّاريخ، والتي تُسمِّيهِ بالحرف الواحد: “حزائيل ملك العرب”..!!!!!!
15_ كذلكَ: وفي الإطار نفسِهِ، تقومُ مثل هذهِ الصَّفحات بتجاهُل عُروبة (جوليا دومنا وزنوبيا وولاية تراجان العربيّة (وغير ذلكَ ممَّن وثَّقَتْ عُروبتَهُم النُّقوشُ الآثاريّة، فضلاً عن النُّصوص التّاريخيّة الصَّريحة والمضبوطة علميّاً لمُؤرِّخِي الإغريق والرّومان وبيزنطة)، ويستعيضونَ عن صفة (عربيّ) بصفات (سوريّ/ سريانيّ/ آراميّ)، وهذا نجدُهُ بكثرةٍ في صفحاتٍ تدعو إلى (سوريّة السِّريانيّة الآراميّة، وسوريّة الآشوريّة، وسوريّة الفينيقيّة)، وتنطوي منشورات كثيرة فيها على قتلٍ مَعنويٍّ للعرب المُسلمين، وحتّى على دعواتٍ صريحةٍ إلى طردِهِم وإبادتِهِم واستعادةِ وجه سوريّة (الحضاريّ)؟!!!!!!ا
16_ لا بُدَّ من القول، في هذا السِّياق: إنَّ تاريخ سوريّة والعراق القديم لم ينفصِلْ لحظةً واحدة عن تاريخ شبه الجزيرة العربيّة عبر 10 آلاف عام، فلا وجودَ لحواجزَ جُغرافيّة تحولُ دونَ حركةِ القبائل في جميع الاتِّجاهات، ويقومُ مُؤرِّخون مُعاصِرون في جامعات الغرب، في العُقود الأخيرة، بدحض نظَريّة الهجرات القديمة باتِّجاه واحد من الجزيرة العربيّة إلى الشّام والعراق ومصر والسُّودان، ويقولونَ: بنظريّة الحركة الدّائِمة (لا الهجرات) في جميعِ الاتّجاهات، والتي كانَ مركزُها مثلَّث بادية الشّام والعراق والحجاز، لهذا تُشكِّلُ المنطقةُ من اليمن إلى جبال طوروس فضاء ثقافيّ وحضاريّ واحد ومُتفاعِل ومُتطوِّر في الاتِّجاهات كافّة، ولهذا تبدو أيَّة قراءة تجزيئيّة للمُنتجات الثَّقافيّة والدِّينيّة والفكريّة في هذهِ المنطقة قراءةً تُرسِّخُ الحَواجِزَ التَّفاصُليّة الحدِّيّة الوهميّة، والتي ستُفضي إلى وعيٍ أيديولوجيٍّ زائِفٍ، من جانبٍ أوَّل، ومُناقِضٍ من جانبٍ ثانٍ، لحقائِق التّاريخ والجغرافيا والدِّيمغرافيا وعلم الإناسة، وعاجِزٍ أو قاصِرٍ، من جانبٍ ثالث، عن تفسير حقائِقَ كثيرة، مثل: سِرّ وجود آثار فينيقيّة في عُمان والإمارات والبحرين، أو سِرَ وجود بلدات في الجزيرة العربيّة بأسماء آراميّة، أو سِرّ وجود مُفردات سِريانيّة كثيرة في القرآن الكريم، أو سِرّ تثاقُف الأديان المشرقيّة أو الميثولوجيا، أو سرّ تداخُل اللَّهجات العربيّة والسِّريانيّة والفينيقيّة والعبريّة وصولاً إلى اللَّهجة الأكاديّة..
17_ أختتِمُ، هذا الحديث بتساؤل العقل: لنفترِض أنَّ هؤلاء المُزيِّفون يقولونَ الحقيقةَ، وأنَّ الغُزاة (العرب المُسلمون) قد غزوا بلاد الشّام والعراق ومصر: ما الفائِدةُ أو المردود المنطقيّ والواقعيّ البنّاء من هذا الحديث؟ أينَ هيَ مثلاً الثَّقافة الآشوريّة؟ هل من شاعرٍ يُقدِّم الآنَ ديواناً باللُّغة الفينيقيّة؟ هل هُناك الآنَ موسيقى سريانيّة تُهيمِن على الهُوِيّة المُوسيقيّة في سوريّة مثلاً؟
هيَ أوهامٌ لا طائِلَ منها، والحلّ، حالياً، ليسَ في تفتيت الواقع والنَّسيج الثَّقافيّ والحضاريّ؛ وزرع مزيد من الشِّقاق؛ إنَّما في تأسيس دوَل عربيّة ديمقراطيّة تعدُّديّة تنهَضُ على حقوق الإنسان والمُساواة والعدالة والمُواطَنة العابِرة للأعراق والأديان والمَذاهِب، وهذا لا ينفي لا حقوق الأقلِّيّات ولا الخُصوصيّات الثَّقافيّة، بقدر ما يُعزِّزُها، وأيُّ كلامٍ آخَر هوَ كلامٌ تمزيقيّ مُضلِّل ومَشبوه، فضلاً عن كونِهِ ليسَ أكثَر من كلام غرائزيّ رغبويّ مُنفلِت من عقالِهِ وغير واقعيّ لا سياسيّاً ولا ثقافيّاً ولا اقتصاديّاً.
المصدر: صفحة مازن أكثم سليمان