معقل زهور عدي
حوالي 1.25 مليون نازح وربما يكون العدد الحقيقي أكبر من ذلك يتحولون مع الزمن إلى لاجئين، إذ لا يمكن لهم البقاء في الطرقات والجوامع والمدارس فترة طويلة، النزوح وتدمير القرى والبلدات في الجنوب اللبناني , وتدمير أحياء بكاملها في الضاحية الجنوبية كل هذا يصبح العامل الأشد تأثيرا في مسألة السعي لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب .
المفارقة أن ايران على لسان وزير خارجيتها لاتريد وقف النار بحجة ” وحدة الساحات” في انتظار التوصل لاتفاق حول غزة , لكن الهدف الحقيقي للسياسة الايرانية يكمن في الاعتقاد السائد بأن وقف النار في لبنان سيترافق بصورة مؤكدة مع إلزام حزب الله بسحب قواته إلى شمال الليطاني في حين يعاني الحزب من فقدان قياداته وكوادره الرئيسية وشل اتصالاته وتحركاته وأي اتفاق سياسي تحت مظلة القرار 1701 سوف يعكس حالة الضعف التي يمر بها الحزب , وسوف يترجم ذلك سياسيا بتراجع نفوذ الحزب في الدولة والمجتمع وهذا ماتخاف منه ايران . لذلك لاتريد أن ترى وقفا لاطلاق النار في اللحظة الراهنة .
لكن السؤال : وهل يمكن مع الزمن استعادة حزب الله لما فقده من قوة عسكرية وسياسية ؟ أم أن الزمن يسير باتجاه معاكس نحو مزيد من الضعف ؟ لقد رأينا حتى الآن سياقا متسارعا نحو تدمير مقدرات حزب الله العسكرية واللوجستية في كل مكان , وتدمير الضاحية الجنوبية , وفي كل يوم يتم اغتيال أحد كوادر حزب الله وقياداته وآخرهم هاشم صفي الدين , وممرات تهريب الأسلحة تضرب واحدا بعد الآخر , والحصار يوشك أن يكون شاملا في البر والبحر والجو , فكيف سيستعيد حزب الله قوته في المدى المنظور ؟
السياق الوحيد الذي يطرحه رفض حزب الله لوقف إطلاق النار وبتعبير أكثر صراحة قبوله بالتراجع والتفريط بشيء من مكانته السياسية ضمن الدولة اللبنانية مما يعني في النهاية انتهاء عصر الهيمنة على الدولة اللبنانية أقول إن رفض حزب الله التراجع والاعتراف بمعادلات القوة الجديد في لبنان يعني استمرار الحرب , وتحول النازحين إلى لاجئين , وبالتأكيد سيخلق شرخا بينه وبين حاضنته التي أصبح أهم أهدافها اليوم العودة إلى بيوتها حتى لوكان الكثير منها قد تهدم .
وضمن تلك المعطيات يبدو الموقف الايراني غير مبال بمصير ملايين اللبنانيين , وبمصير لبنان كله , مقابل اهتمامه بإعادة تنظيم حزب الله وتسليحه وكسب الوقت ريثما يستطيع تعويض ماخسره من قوة ربما بالمراهنة على مقاومة الاجتياح البري الاسرائيلي للجنوب .
لكن القادة الاسرائيليين يعاودون الحديث عن أن توغلهم ليس بغرض الاحتلال لكن بغرض تدمير مخازن الصواريخ والأنفاق , وأنه سينتهي بغضون أسابيع .
وخلال ذلك الوقت لايضيع الجيش الاسرا ئ يلي الوقت في توسيع قصفه للضاحية والجنوب وكل لبنان , واغتيال من بقي على الحياة من قيادات الحزب وكوادره .
والحقيقة أن لبنان بحاجة ماسة لوقف العدوان الاسرا ئيلي عليه , ليس لعودة النازحين فقط ولكن لتجنب الاحتمال الأسوأ الذي يمكن أن ينزلق إليه بسبب ” ممانعة ” ايران لوقف النار من زاوية حرصها على أن لا يتراجع الحزب بحيث يقع ضمن سياق يفضي إلى انتهائه وتحوله لحزب سياسي لبناني .