د_ وائل عبد الرحمن حبنّكة
كم تحمِلُ الأشواقُ لي يا شامُ
ما لا تَفِيْهِ بحِبْرِها الأقلامُ !!!
حتى البيانُ على شفاهي عاجزٌ
وأنا البيانُ براحتيَّ خِطامُ !!!
لم يَبْقَ لي في الشوق إلّا أدمعٌ
أصحو على نيرانها وأنامُ
ما بين ضِدّين انتهيتُ ، يُرِيْعُني
نورٌ دمشقيُّ الهُدى وظلامُ !!!
يتجمّعانِ على نوافذ فرحتي
قدراً له في جَعْبَتي استِسْلامُ!
أرضى بما يرضاهُ ربّي مُوْقِناً
أنّ المصائبَ بعضها إكرامُ
لا الذنبُ ذنْبي يا دمشقُ ولا أنا
مِمَّنْ له بيد الشرور حُسامُ
قلبي أرقُّ من النسيم وفطرتي
كالياسَمينِ وراحَتَيَّ غمامُ
يا شامُ : ما نَفْعُ الحديثِ وبيننا
لُغْزٌ ، وكلُّ حلولِه أوهامُ !!!
هلْ أشتكي ؟! ولمَنْ ؟! وأنتِ حبيبتي
بل أنتِ إنتِ الآهُ والآلامُ
واللهِ لا حُضْنٌ كحُضْنِكِ ضمّني
أبداً ، ولا أهلٌ كأهلِكِ ساموا !!
كنتِ الأمانَ ، فصرتِ مصدرَ خَيْبتي
وبكِ الحلالُ جنى عليه حرامُ
وبِكِ الذي كُنّاهُ صارَ كما نرى
حقلاً ، وُرُودُ صباحِه ألغامُ !!!
يا حسرتي مما نراه ، وهل نرى
إلّا بيوتاً بالعذاب تُسامُ ؟!
كيفَ استعار الشرُّ فيك رجالَه
وتقاسَمتْكِ بلحظةٍ أقوامُ ؟!
هل قاسيونُ رآك حين تقطّعَتْ
– بين الأحبّةِ عندَكِ – الأرحامُ!
هل شاهدَ ( الأُمُوَيُّ ) – وهو مُعَزَّزٌ –
كيفَ الكريمُ الحُرُّ فيك يُضامُ!
ماذا جرى يا شامُ أين عقولُنا ؟!
وجذورُنا ؟! … يا شامُ أينَ الشامُ ؟!
أنتِ التي قُدْتِ الزمانَ وأهْلَهُ
يوماً، وحولكِ رفْرَفَتْ أعلامُ
بل أنت من جعل الحياةَ حدائقاً
فيها الحضارةُ وجهُها بسّامُ
لو قيلَ قُرطبةُ ازدهَتْ وتزَيَنَتْ
لرأيتَ عُرساً في دمشق يُقامُ!
أو قيل للأمجاد: عُودي واصْدُقي
لأتى الوليدُ وطارقٌ وهشامُ …
بالله قولي يا دمشقُ وخبّريْ
بدروب قهرك مَنْ هُمُ الظلّامُ!
مَنْ باعنا؟! مَنْ هزَّ عرشَ وجودنا ؟!
بل كيف فينا ماتت الأحلامُ؟!
مَنْ خطّ للأمجاد نعْوَتَها التي
تبكي على شهدائها الأرقامُ ؟!
مَنْ؟! ألْفُ مَنْ؟! بل مَنْ ومَنْ
شَهِدَ الصراعَ ولم تَنَلْه سهامُ!
ماذا أقولُ وألفُ سيفٍ في فمي
ولكلّ سيفٍ سائِمٌ ومُسامُ ؟!
ماذا أقول وللحروف مخالبٌ
تُدْمي، ومِثْلي في الحروبِ سلامُ
للشامِ عندي قصّةٌ خبّأْتُها
سرّاً له خلفَ الكلامِ كلامُ
حظّيْ كمَرْيَمَ لو نطقتُ تصُدُّني
عينُ الذهولِ، ولو سَكَتْتُ أُلامُ!
وغَداً إذا عاد المسيح سَيَنْجَلي
ما لم أقُلْهُ، ولم تقُلْهُ الشامُ …
سينوبُ عنّا في الحديثِ فعندهُ
أقوالُنا والحُكْمُ والأختامُ !!!