منجد الباشا
بسبب من حالة الخوار الذي تعيشه الثورة حتى اليوم. لجهة حاجتها الى انتاج قيادة ثورية، وحالة الميوعة وعدم التبلور التي تعيشها مكوناتها الحقيقية حيث ان هذه المكونات لازالت مجرد كيانات لا رابط بينها موزعة هنا وهناك ضمن الفصائل العسكرية تارة او ضمن جسد الحراك الثوري المهلهل وتنسيقيات الثورة واتحادها والذي اخذ الاخوان المسلمون مؤخرا يحاولون الهيمنة عليه واحتوائه…تارة أخرى بسبب كل ذلك.. لازال الثوار الحقيقيون يفتقدون الى الرؤية او الخطاب الموحد تجاه المحرك الرئيسي الذي يرسم مصير الثورة والثوار وكذلك مصير الوطن…
فقد كنت من الذين يعتقدون ان الغالبية العظمى لتحليلاتنا لهذا المحرك الرئيسي انما تصدر بتأثير الضخ الاعلامي الذين نعلم انه في غالبيته ايضا يفتقر الى الرؤية الثورية طالما انه لا يوجد هناك قيادة للثورة…. وقد كنت من الذين توقفوا عن الانغماس الكامل بحركية الواقع الثوري والمشاركة في صنع احداثه. والانتقال الى حالة الاندهاش والدفاع عن النفس منذ ان بدأت التشكيلات العسكرية والاسلاموية تفرض سيطرتها على الساحة الثورية …مقصية كل ما هو ليس معها سواء بالقتل او الاعتقال او الابتزاز..او القمع والترهيب …كما هي الصورة عليه اليوم في الداخل الذي نسميه محررا …
منذ ذلك الحين.. تشكل لدي قناعة ان الثورة المضادة بدأت وبقوة السلاح تزيح وتقصي وتقتل كل مظهر من مظاهر الثورة الحقيقية.. وعليه.. فقد استقر لدي ايضا ان كل ما جاء على المستوى الدبلوماسي والسياسي بمايتعلق بالثورة وعلى المستوى الاقليمي والدولي والاممي انما كان يتحرك ليخدم مسارا آخر غير مسار الثورة …اي لينفذ سياسة وفلسفة الثورة المضادة التي تهدف الى اخماد الثورة الحقيقية.. ويخدم عملية تفتيت سورية المشكلة إثر سايكس بيكو واعادة تشكيلها مرة اخرى تشكيلا يستحيل الرجوع عنه….وهنا اجد ان اي قراءة لمسار استانة لا تلحظ عملية ربطه بمسار المحرك الرئيسي وانه انما جاء ليملأ الفراغ الذي يحدثه هذا المحرك في مساره هنا او هناك..انما تكون قراءة تلامس الظاهر فقط وتهمل عمق الحدث …فكلنا يذكر .. الاعتراض الكبير الذي تم على بيان جنيف وجنيف واحد واثنان وثلاثة. وتداعيات هذا الاعتراض في الساحة السياسية والثورية ..حتى استقر الموقف على القرار 2254..الذي لا يعبر عن خيار الثورة والثوار ..وانما هو الخيار المفروض عليها دوليا وامميا..وكلنا يذكر كيف ان البيانات التي كانت تصدر عن مؤتمرات استانه كانت دائما تشير الى ارتباط استانة بجنيف دون اي مواربة……اذن..استطيع القول ان مسار جنيف واركانه ..كمسار استانه واركانه ايضا…وحتى المسار الاممي…انما كانوا نتاج محرك رئيس واحد. يبغي تنفيذ ما اشرت اليه..وها هي الاحداث التي تتحرك اليوم لترسم ملامح الحلقة النهائية في المقتلة السورية تحت عنوان واحد الا وهو ..تغيير كيانية الوطن السوري ..وتقاسم المنافع وتوزيعها بين الافرقاء الذين نفذوا ادوارهم بشكل مدروس وممنهج…وهو ما يؤكد فكرة ان العالم اليوم انما يدار من قبل سلطة مافيوية مالية مخابراتية….واننا امام شكل جديد وناعم من اشكال الاستعمار….المتوحش
اخيرا..يبقى ان ندرك ان ما تم وما سيتم انجازه انما هو استمرار لفعل معادلة تاريخية ..
تلك المعادلة التي تخبرنا دائما ان الحياة انما هي صراع بين الاقوى والاضعف..وان الاقوياء هم من يصنعون التاريخ..ويكتبونه ايضا…فهل نرضخ لحكم التاريخ..ام نبقى ثوارا على طول المدى..واحرارا بلاحدود…