بسام شلبي
القسم الأول “الصعاليك“
القصة ١٨/١
سكر عروة بن الورد حتى الثمالة..
وهو في نشوته الأخيرة وقع معاهدة الصلح مع الأعداء..
صحا وهو في طريق عودته.. فتح الصحيفة الممهورة بختمه، صعق مما رأى..
– لن يقبل رجالنا أبدا بهذه الشروط..
أدار فرسه إلى الوراء وهم بالرجوع..
– كيف لا يقبلون بما قبلت به!! أنا الذي حولتهم من صعاليك إلى مقاتلين..
أدار فرسه إلى الأمام
– كيف أهدم كل ما بنيته بضربة واحدة!؟
أدار فرسه إلى الوراء
– كيف.. ؟!
أعاد فرسه كما كان..
ومازال القرمل يدور في مكانه حتى غاص في الرمال.
هامش :
القرمل: اسم فرس عروة بن الورد وقد ذكره في شعره عدة مرات أشهرها بيته الذي يشكر فيه فضله في إنقاذ حياته:
كليلة شيباء التي لست ناسيا
وليلتنا إذ من ما من قرمل
من: بتشديد النون طبعا.
أما قصة سكرة عروة المشهورة في قصة إطلاق زوجته سلمى الغفارية الذي ذكرناها سابقا.
وكان عروة قد سباها في إحدى غزواته و أطلقها وتزوجها فأحسن معاملتها و أكرم مثواها و أنجب منها أولادا.. ولكن في العرف القبلي ظلت في نظر بني عبس سبية رغم أنها معروفة الأصل والنسب.. و هذا ما دفع قبيلتها و أهلها لمحاولة افتدائها أكثر من مرة بالمال أو الحلال دون جدوى.
و لكن بني النضير من يهود يثرب قد اتفقوا مع قبيلتها مقابل المال باستدراج عروة إلى مجلس شراب، و في ذروة النشوة يتحداه أحدهم -أو أحد مندس في المجلس بترتيب منهم- بأن يخير زوجته بين خيارين أن تبقى معه او ترحل إلى أهلها على رؤوس الأشهاد.
و بعد أن استفاق من سكرته أدرك الخطأ الذي وقع فيه بإعطائه هذا الوعد.
حاول أن يتراجع، و لكن ألزمه الشهود فأبت كرامته أن يتراجع عن وعده.
فلما خيرها أمام الشهود، قالت فيه قطعة نثرية من المديح من أبلغ ما نثر العرب، و لكنها اختتمتها بقولها: أحسن إلى أبناءك فإني اخترت أهلي. وأظن أنه ظل نادما حتى أخر حياته.