سلام الجاف – براء الشمري
تتضارب المعلومات في إقليم كردستان العراق بشأن زيارة غير مألوفة لوفد أميركي إلى مناطق نشاط مسلحي حزب “العمال الكردستاني”، في محور سلسلة جبال قنديل العراقية ضمن المثلث العراقي التركي الإيراني، ففي الوقت الذي لم يصدر أي تصريح رسمي يوضح تفاصيل الوفد أو المغزى من الزيارة، يختلف سياسيون أكراد ومصادر في الإقليم بشأنها بين أنها ترتبط بالأوضاع في الشمال السوري، أو الاتفاق الأخير بين “قسد” وشركة نفط أميركية على استثمار حقول نفط، في حين يطرح آخرون سيناريو مختلفاً تماماً وهو وساطة لإنهاء العملية التركية الحالية شمالي العراق، بإجبار مسلحي “الكردستاني” على التراجع عن الحدود إلى مسافة آمنة.
وتنفذ القوات التركية، منذ قرابة خمسين يوماً، عملية برية وجوية واسعة النطاق في الأراضي العراقية ضمن إقليم كردستان العراق على الحدود مع تركيا، رداً على اعتداءات وهجمات مسلّحة ينفذها مسلحو حزب “العمال” الكردستاني داخل الأراضي التركية ومناطق حدودية مع العراق، وتحقق العملية نجاحاً ملحقةً بمسلحي الحزب خسائر فادحة، إذ أجبرته على التراجع من مناطق مختلفة كان ينشط فيها على الحدود ضمن حور سوران وسيدكان وزاخو وحفتانين شمالي أربيل وشرقي دهوك.
وأكد عضو الحزب “الديمقراطي الكردستاني”، بزعامة مسعود البارزاني، ماجد شنكالي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن هناك أنباء تشير إلى زيارة وفد أميركي إلى جبال قنديل، وأن الزيارة استغرقت حوالي ست ساعات.
ولفت إلى أن الحديث عن الزيارة يتركز حول صفقة بشأن الاتفاق بين “قسد” وشركات أميركية لاستغلال النفط في مناطق شمال شرقي سورية، بسبب محاولات حزب “العمال الكردستاني” التدخل في هذا الاتفاق.
واستدرك أن “الزيارة من المؤكد أنها تطرقت لملفات أخرى، وقد يكون من بينها الحديث عن وجود حزب العمال الكردستاني في كثير من المناطق العراقية، لأن هذا الوجود يتسبب بكثير من الإحراج للجانب العراقي، خصوصا في ظل الحديث عن دعم أميركي للحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي”.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لا يمكن أن تناقش وقف إطلاق النار في مناطق شمالي العراق مع حزب “العمال الكردستاني” وحده، من دون الحصول على موافقة من الجانب التركي، مستدركاً “لكن بالتأكيد توجد خطط أميركية مرسومة للمنطقة والأميركيون يعملون على تنفيذها”.
في المقابل، قال الباحث في الشأن السياسي الكردي، علي ناجي، إنّ المعلومات المتوفرة لديه حول الوفد الأميركي تشير إلى أنه التقى بكوادر من حزب “العمال الكردستاني” وبحثوا عدّة قضايا، خصوصاً تلك المتعلقة بالأوضاع في شمال شرق سورية التي تخضع لسيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، التي تعد الحليف الفكري لـ”حزب العمال الكردستاني”.
ورجح احتمال “طلب الأميركيين من حزب العمال الكردستاني عدم التدخل في الشأن السوري”، مشيراً أيضاً إلى أنّ “الزيارة قد تكون تطرقت أيضاً إلى الأوضاع في جبال قنديل، والمعارك التي تدور منذ شهر ونصف في منطقة حفتانين ومناطق أخرى بين القوات التركية ومقاتلي العمال الكردستاني”.
ولفت إلى “احتمال وجود طلب أميركي لوقف المعارك”، مستدركاً “إلا أن الملف السوري يبقى هو الأبرز في هذه الزيارة”.
من جهة ثانية، لفت صحافي محلي في الإقليم، تحفظ عن ذكر اسمه لـ”العربي الجديد”، إلى أن المنطقة وخلال زيارة الوفد شهدت هدوءًا لأول مرة منذ أسابيع إذ توقف القصف والغارات الجوية فيها”، موضحاً في الوقت نفسه، أنه “بسبب خضوع المنطقة لمسلحي الكردستاني لا يمكن الجزم بدقة أي معلومات ترد من هناك وتبقى بحاجة إلى تأكيد، لكن الشيء المؤكد أن هناك وفدا أجنبيا دخل مناطق العمال الكردستاني”.
وفي السياق، أشار الصحافي الكردي سيروان زيباري، في سلسلة تغريدات عبر موقع “تويتر”، إلى “ازدواجية في تعامل الأميركيين مع العمال الكردستاني”، قائلاً في إحدى تغريداته إن “وفداً أميركياً زار جبال قنديل التي تمثل معقل الحزب لعرض وساطة لوقف إطلاق النار هناك”.
وفي تغريدة أخرى، قال “علماً أنه قبل عدة أشهر عرضت الولايات المتحدة الأميركية مبلغ 5 ملايين دولار لكل من يعطي معلومات تؤدي إلى قتل القيادي رقم واحد في حزب العمال الكردستاني جميل بايك أو القبض عليه، والقرار ما زال نافذاً”.
وحددت الولايات المتحدة الأميركية، عام 2018، مكافأة قدرها 12 مليون دولار لمن يكشف عن أماكن وجود 3 من قادة حزب “العمال الكردستاني”، وهم جمال بايك، ومراد قريلان، وداوران كالكان.
بدوره، أكد الصحافي هوار شفيق الأنباء التي تحدثت عن أن وفداً أميركياً رفيع المستوى زار، أمس الأحد، جبال قنديل للقاء مع قيادة “الكردستاني”، وسط تحليق الطيران الأميركي وغياب الطيران التركي في المنطقة بموافقة تركية. ونقل عن مصادر، لم يسمها، قولها إن الوفد الأميركي حمل معه اقتراحا لوقف القتال وبدء محادثات السلام على غرار حركة “طالبان” الأفغانية.
وتابع أن عدة مصادر صحافية قريبة من “الكردستاني” نقلت أنباءً عن اللقاء، مستدركاً “لكن قد يتريث الطرفان في الإعلان عن اللقاء حتى يتوصلا إلى نتائج”.
ولفت إلى أنه في حال صح أن فكرة اللقاء هي بالأساس فكرة تركية، فهذا يعني أن أنقرة تريد وقف الحرب والوصول إلى حل.
المصدر: العربي الجديد