حاولت روسيا الضغط على تركيا لتسحب نقاطها العسكرية (نقاط المراقبة) الواقعة في مناطق سيطرة النظام، وجنوب طريق حلب- اللاذقية الدولي (M4)، وهو ما يعني سيطرة قوات النظام وروسيا على المنطقة.
كما طلبت منها تخفيض عدد قواتها في مناطق شمال غربي سوريا، إلا أن محاولات الروس في إقناع الأتراك خلال الاجتماع، الذي دار بين ضباط من الطرفين في 16 من أيلول الحالي بالعاصمة التركية أنقرة، قابلها رفض تركي.
ولم يثمر الاجتماع لأن الطلبات الروسية كانت مختلفة عن رؤية الأتراك، وهي تقدم النظام والسيطرة الميدانية بسياسة القضم التدريجي للأرض، حسب حديث المحلل العسكري العقيد أحمد حمادي لعنب بلدي.
واستمرت الأرتال العسكرية التركية، التي تتخذ من معبر كفرلوسين على الحدود السورية التركية منفذًا لها إلى الأراضي السوري في الدخول وتعزيز نقاط المراقبة، وتبديل نوبات الحراسة.
وجود النقاط يعني تثبيت “سوتشي” وتمهيد لعملية سياسية
أوضح المحلل العسكري العقيد أحمد حمادي، في حديثه لعنب بلدي، أن وجود نقاط المراقبة في مناطق سيطرة النظام، يعني تمسك الأتراك باتفاق “سوتشي” الذي يثبت الوضع الحالي في إدلب.
كما يجعل من الوضع الحالي لمنطقة شمال غربي سوريا، انطلاقة للعملية السياسية السلمية، فأي تغيير في هذا الواقع اليوم في المنطقة يهدد العملية السياسية، وهذا ما أشار إليه وزير الخارجية التركية، مولود جاويش أوغلو، خلال لقائه مع قناة “CNN” التركية في 17 من أيلول الحالي.
وكان الوزير جاويش أوغلو، ألمح إلى إمكانية انتهاء العملية السياسية في إدلب، في حال عدم توصل بلاده إلى اتفاق مع روسيا.
وقال الوزير، “بالنسبة لسوريا، نحن بحاجة للحفاظ على وقف إطلاق النار في منطقة إدلب أولًا”.
وأضاف، “يحتاج وقف إطلاق النار في سوريا إلى الاستمرار والتركيز أكثر قليلًا على المفاوضات السياسية”، مشيرًا إلى وجوب وجود هدوء نسبي في المحافظة، لأنه إذا استمرت المعارك، فقد تكون العملية السياسية قد انتهت.
وحدة قتالية إنذارية
كما أن عدم انسحاب النقاط التركية من مناطق سيطرة النظام، يعني عدم إعطاء شرعية للنظام وروسيا بالسيطرة على مناطق جنوبي وشرقي إدلب وريف حلب الغربي، حسب حديث القيادي في “الجيش الوطني”، النقيب عبد السلام عبد الرزاق، لعنب بلدي.
وتستخدم النقاط كورقة ضغط في أي مفاوضات بين روسيا والأتراك، وعسكريًا لها دور في الاستطلاع، ودور وحدة قتالية إنذارية كونها تتوضع في عمق مواقع العدو، حسب النقيب عبد السلام.
واستبعد النقيب وجود خطر على النقاط المتموضعة في مناطق النظام، لأن النظام لن يجرؤ على الاقتراب منها في ظل التفاهمات الروسية التركية، حتى لو تجددت العمليات العسكرية في شمالي سوريا، التي يستبعد عودتها قريبًا أيضًا، حسب تعبيره.
ونقلت وكالة أنباء “سبوتنيك” الروسية، في 16 من أيلول الحالي، عن مصدر لم تسمه، أن الوفد الروسي قدم خلال الاجتماع في مقر وزارة الخارجية التركية بأنقرة مقترحًا لتخفيض عدد نقاط المراقبة التركية في إدلب، “إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن”.
وتحدث المصدر أنه “تقرر تخفيض عدد القوات التركية الموجودة في إدلب، وسحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة”، بعد رفض الجانب التركي سحب نقاط المراقبة التركية وإصراره على إبقائها.
من جانبها، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط”” عن مصدر روسي أن موسكو عملت على إقناع أنقرة بتقليص الوجود العسكري في إدلب وسحب الأسلحة الثقيلة، خلال محادثات في أنقرة.
وقال المصدر للصحيفة، إن الوفد الروسي الفني قدم اقتراحه، “لكن الطرفين فشلا في التوصل إلى تفاهم بهذا الشأن، في حين شهد اليوم الثاني من المحادثات نقاشًا تفصيليًا حول آليات سحب جزء من القوات التركية المنتشرة في المنطقة، مع سحب الأسلحة الثقيلة، والإبقاء على نقاط المراقبة التركية”.
ولفت المصدر إلى أن “أنقرة أصرت على الاحتفاظ بكل نقاط المراقبة، لكنها أبدت مرونة في الحديث عن سحب جزء من قواتها مع الأسلحة الثقيلة، والنقاشات ركزت على آليات القيام بذلك لضمان عدم وقوع استفزازات في أثناء عمليات الانسحاب”.
وتخضع محافظة إدلب لاتفاق “موسكو” الموقّع بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين، في 5 من آذار الماضي، ونص على إنشاء “ممر آمن” على “M4″.
وتضمّن الاتفاق تسيير دوريات مشتركة روسية- تركية على الطريق، بين قريتي ترنبة غربي سراقب (شرقي إدلب) وعين حور بريف إدلب الغربي، على أن تكون المناطق الجنوبية لطريق ” M4″ من الممر الآمن تحت إشراف الروس، وشماله تحت إشراف الأتراك.
لكن فريق “منسقو الاستجابة” وثق 2387 خرقًا لوقف إطلاق النار من قبل قوات النظام وروسيا، منذ بدء سريان الاتفاق حتى 18 من آب الماضي، إذ قُتل 18 مدنيًا، بينهم خمسة أطفال حتى بداية تموز الماضي.
ويشمل خرق الاتفاق استهداف مناطق المعارضة بالقذائف المدفعية والصاروخية، والطائرات المسيّرة والطائرات الحربية الروسية، في عدة مناطق بإدلب وحماة وحلب.
وشن سرب طيران روسي اليوم، الأحد 20 من أيلول، أكثر من 25 غارة جوية على الأطراف الشمالية الغربية لمدينة إدلب، كان أقلع من “قاعدة حميميم” العسكرية الروسية جنوب شرقي اللاذقية.
المصدر: عنب بلدي