دعا مؤتمر لـ”القوى الوطنيّة” السوريّة عُقد افتراضياً، الأربعاء، إلى إسقاط الائتلاف الوطني لـ قوى الثورة والمعارضة السوريّة، على خلفيةِ إعلان “الائتلاف”، قبل أيام، عن تشكيل “مفوضيةٍ وطنيّة للانتخابات”، والتي تراجع عنها لاحقاً تحت ضغط الشارع المعارض.
وكانت مجموعة مِن التيارات والتشكيلات السياسية في الثورة والمعارضة السورية إضافةً لـ شخصيات مستقلة معارضة قد بدأت، أمس الأربعاء، أعمال مؤتمر “القوى الوطنية للدفاع عن ثوابت الثورة”، في خطوة تعكس استياء الشارع السوري المُعارض ممّا أعلنه “الائتلاف” بخصوص تشكيل “مفوضية وطنية للانتخابات”.
وشارك في المؤتمر الذي عُقد افتراضياً عبر منصّات التواصل الاجتماعي، هيئات سياسية تمثل عدداً مِن المحافظات السوريّة، وأحزاباً واتحادات وحركات سياسيّة، وتجمّع الضباط المنشقين، إضافة إلى صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي للسوريين المغتربين، ونحو 20 شخصية سوريّة مستقلّة معارضة.
البيان الختامي لـ”مؤتمر القوى الوطنيّة السوريّة”
خرج مؤتمر “القوى الوطنيّة” السوريّة في بيانٍ ختامي مِن ثمانية بنود قالت “حركة بناء سوريّة الحرّة” – إحدى الحركات السياسية المُشاركة في المؤتمر – إنّه نال موافقة الغالبية الساحقة مِن القوى السياسية والشخصيات الوطنية التي اجتمعت وشاركت في المؤتمر.
وأعلن البيان الختامي للمؤتمر أنّ “الائتلاف بجميع تفرعاته والمؤسسات المنبثقة عنه، لا يمثل السوريين وغير مخول بالتحدث والتفاوض عنهم أمام أية جهة دولية أو رسمية، وهو فاقد للشرعية والمشروعية معاً”.
واعتبر البيان أنّ “الائتلاف بنيوياً هو هيكل محاصصة مرفوضة وطنياً وثورياً أثبتت التجربة بأنه سلوكاً، وخلفية، وارتهاناً، عقبةٌ في طريق ترجمة تضحيات الشعب السوري إلى منجزات تعبّر وتجسّد طموحاته في الحرية والكرامة والاستقلال، وبناء سوريا الجديدة ، دولة للمواطنة والعدل”.
وتابع “ما أقدم عليه الائتلاف يُعدّ خيانة علنية للثورة السورية، وتجاوزاً وخرقاً صريحاً للقرارات الدولية لا سيما بيان جنيف1 وقراري مجلس الأمن (2118 و 2254) ونسفاً للتراتبية المنصوص عليها بوضوح المتمثلة في (هيئة الحكم، دستور، انتخابات)”، مردفاً “لا يمكن تفسير تجاوز الائتلاف لـ نظامه الداخلي القاضي بحل نفسه عند التوقيع على تشكيل هيئة الحكم الانتقالية التي تتمتع بالحق الحصري في تشكيل الهياكل ومؤسسات المرحلة الانتقالية، سوى بالتواطؤ المشبوه مع الجهات والأطراف التي يخدم قراره هذا مخططاتهم”.
بيان المؤتمر: الائتلاف لا يمثّل السوريين
أكّد المجتمعون أنّ “الائتلاف برمته لا يمثل السوريين أمام أية جهة رسمية محلية أو إقليمية أو دولية، ولم تعد له أية صفة أو وصاية على أي أحد من أبناء الشعب السوري، وتعتبر جميع قراراته باطلة ولا يترتب عليها أية التزامات أو آثار قانونية حالية أو مستقبلية”.
وأشاروا إلى أنّ “المشاركة بأية انتخابات هي حق قانوني مناط بالحكومة الانتقالية الشرعية التي يُجمع عليها الشعب السوري بالتوافق مع المجتمع الدولي، وهي مَن تقرر طريقة الانتخابات وموضوعها وتحدد آلياتها والجهات التي يمكن أن تشرف عليها وتضمن نزاهتها وسلامة نتائجها، وليس لأي جهة كانت أن تقرر إجراء الانتخابات قبل تشكيل هيئة الحكم الانتقالية عملاً بقرار مجلس الأمن الدولي ٢٢٥٤ والقرارات الأممية الأخرى المتعلقة بذات الشأن”.
ورأى المجتمعون أنّه بالتزامن مع مطالبة السوريين ومؤسسات المجتمع الرسمي والمدني على المستوى الدولي بتقديم “الأسد ومنظومته” إلى محكمة الجنايات الدولية، يأتي قرار الائتلاف لـ”يشرعن وجود هذا النظام وجوقة مجرميه، ويمنحه صك براءة على جرائمه بحق الشعب السوري”.
وختم البيان قائلاً إنّ المجتمعين في المؤتمر الذي يضم قوى الثورة والثوار يعلنون بأنهم “في حالة اجتماع دائم ومستمر حتى تحقيق أهداف الشعب السوري وثورته بإنجاز التغيير الديموقراطي الذي يبدأ بتطبيق تراتبية القرار الدولي ٢٢٥٤ وفي مقدمته تشكيل هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات والتي لا مكان فيها لمجرم الحرب (بشار الأسد)، ومنذ بداية تشكيلها”.
وجاء انعقاد المؤتمر رغم تراجع “الائتلاف”، يوم الثلاثاء الفائت، عن تشكيل “مفوضية وطنية للانتخابات”، والتي فجّر الإعلان عنها أزمة سياسية ما تزال محتدمة في أوساط المعارضة السورية والثورة، وسط مخاوف مِن أن تكون “خطوة باتجاه التماهي مع ضغوط إقليمية لإيجاد حل يقوم على المشاركة في الحكم مع النظام بوجود (بشار الأسد)”.
الائتلاف الوطني لـ قوى الثورة والمعارضة السوريّة
يذكر أنّ الائتلاف الوطني لـ قوى الثورة والمعارضة السوريّة أُسّس في العاصمة القطرية الدوحة، في شهر تشرين الثاني 2012، وذلك في ذروة الحراك الثوري ضد نظام الأسد في سوريا، وكان الهدف مِن تشكيله أن يكون الممثل الشرعي والوحيد للثورة السورية، قبل أن تظهر لاحقاً تيارات ومنصّات سياسيّة عدّة بدفع إقليمي ودولي هدفها تشتيت هذا التمثيل مِن أجل التوصّل إلى حلول سياسيّة لا تحقّق الحد الأدنى مِن مطالب الثورة، وأبرزها إجراء تغيير سياسي عميق يطول “الأسد” وأركان حكمه.
ويُعد الائتلاف المكّون الرئيسي في الهيئة العليا للمفاوضات التي تتخذ مِن العاصمة السعودية الرياض مقراً لها، والتي رضخت لـ ضغوط إقليمية أدخلت بموجبها عددا مِن المنصات الموالية – نوعاً ما – إلى نظام الأسد وأبرزها “منصة موسكو” إلى صفوفها، رغم أنّ هذه المنصة محدودة التأثير في الشارع السوري المُعارض، وتتماهى تماماً مع الرؤية الروسيّة للحل والتي تقوم على إبقاء “الأسد” في الحكم.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا