نبيل السهلي
بعد انطلاقة عمل الأونروا لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في إطار مناطق عملياتها الخمس في أيار/ مايو 1950؛ رفض اللاجئون الفلسطينيون بداية التعامل مع وكالة الغوث واستلام مساعداتها الغذائية. وقد تضمنت أناشيد الثورة الفلسطينية في الستينيات والسبعينيات، أنشودة الشعب الفلسطيني “ثورة”، للشاعر الراحل محمد حسيب القاضي، التي كان من أهم أبياتها الشعرية: “ولعوا النار بهالخيام وارموا كروتة التموين”، لتصبح الأونروا فيما بعد ضرورة لتقديم الخدمات التعليمية والصحية للاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة، الأمر الذي ساعد في ارتفاع معدلات التعليم، وهذه حقيقة يجب عدم إنكارها.
نطاق عمليات وكالة الغوث
تتنوع الخدمات التي تقدمها الأونروا للاجئين المسجلين لديها ما بين التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية، وتغطي كل المخيمات الفلسطينية البالغ عددها 58 مخيما. وتتوزع مخيمات اللاجئين بواقع 12 مخيما في لبنان و10 في الأردن و9 في سوريا و27 في الأراضي الفلسطينية، بواقع 19 مخيما في الضفة الغربية و8 في قطاع غزة الذي لاتتجاوز مساحته 364 كيلومترا مربعا. كما تدير الأونروا نحو 900 منشأة بين مدرسة وعيادة صحية ومركز تدريب مهني، يعمل فيها حوالي 30 ألف موظف وموظفة في مناطق عمليات الوكالة في كل من الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة.
ومن بين هذه المنشآت، هناك 703 مدراس، ما يعني أن البرنامج التعليمي الذي تديره الأونروا يعدّ من أكبر برامج الوكالة، ويستحوذ على أكثر من نصف ميزانيتها المقدرة بنحو مليار ومائتي مليون دولار سنويا.
ويعدّ قرار إنشاء الأونروا من قبل الأمم المتحدة في عام 1949، وانتشار خدماتها في عام 1950، اعترافا أمميا بقضية اللاجئين الفلسطينيين، ولهذا تساهم بعض دول العالم في تقديم هبات ومساعدات سنوية للأونروا؛ بغية الاستمرار في عملها في مناطق عملياتها الخمس، وفق موازنة سنوية مقدرة لكل منطقة حسب عدد اللاجئين والخدمات المقدمة. ولهذا؛ فإن استمرار عمل الأونروا أمر ضروري، ناهيك عن كونها الشاهد الدولي الوحيد على نكبة 48 ومسؤولية دولة الاحتلال الصهيوني والغرب عن ظهور قضية اللاجئين الفلسطينيين.
في تسابق مع الزمن، سعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر محاولاتها لتغييب الأونروا؛ الشاهد الدولي الوحيد على نكبة 48 ومسؤولية دولة الاحتلال والغرب عن بروزها. وقد تكون إدارة ترامب أكثر الإدارات الأمريكية انحيازا لتصورات إسرائيل ومواقفها إزاء القضايا الأكثر حساسية كقضية اللاجئين، وقد توضح ذلك من خلال قرار الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية آب/ أغسطس من عام 2018 بإيقاف كامل للمساعدات الأمريكية لوكالة أونروا، التي رعت وترعى وتغيث 50 في المائة من إجمالي عدد الفلسطينيين.
واللافت أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، قد مرت منذ اتفاقات أوسلو 1993 بظروف صعبة، وتعرضت منذ تولي ترامب سدة الرئاسة في الولايات المتحدة لحرب مخطط لها بالاتفاق مع حكومة نتنياهو، بغرض تصفيتها ومن ثم “شطب” قضية اللاجئين الفلسطينيين.
قضية جوهرية
تعدّ قضية اللاجئين الفلسطينيين القضية الجوهرية في إطار القضية الفلسطينية، كما أنها القضية الدولية الأطول عمرا بين قضايا اللاجئين في العالم، رغم أن المجتمع الدولي أقر عام 1948 ضرورة وجوب عودتهم إلى ديارهم، كحق ثابت من حقوقهم في تقرير مصيرهم. وفي 8 كانون الأول/ ديسمبر 1949 ولدت الأونروا، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302، وبدأت مزاولة أعمالها في الأول من أيار/ مايو 1950، بغية توفير الخدمات الإغاثية والصحية والتعليمية للاجئين الفلسطينيين في 58 مخيما أنشئت لأجلهم في الأردن وسوريا ولبنان، بالإضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.
ورغم مرور نحو سبعين عاما على تأسيسها، ما زالت “الأونروا” تقدم خدماتها لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين في قوائمها. وتشير سجلات الأونروا إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها يقدر بأكثر من ستة ملايين لاجئ، وهذه الأرقام تمثل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعيش نحو ثلثهم في المخيمات.
ويشكل اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في الضفة الغربية والمسجلون لدى الأونروا ما نسبته 17 في المائة من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى الوكالة، ويشكلون نحو 26 في المائة من سكان الضفة. أما في قطاع غزة، فبلغت نسبتهم 25 في المئة من إجمالي اللاجئين، ويشكلون أيضا 66 في المائة من سكان القطاع.
أما على مستوى الدول العربية، فقد بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الوكالة في الأردن 39 في المائة، في مقابل 9 في المائة في لبنان، في حين بلغت النسبة في سوريا، قبل اندلاع الثورة السورية، 10 في المائة، ثلثهم كان يتركز في مخيم اليرموك الذي تم تدمير القسم الأكبر منه في نيسان/ أبريل 2018.
ومن الأهمية الإشارة إلى أن حوالي 42 في المائة من مجمل السكان في الضفة والقطاع هم من اللاجئين الفلسطينيين. واللافت أن هناك كثافة سكانية مرتفعة في مخيمات قطاع غزة، الأمر الذي يزيد من أوضاعها البائسة أصلا؛ في ظل حصار إسرائيلي مديد للقطاع.
المصدر: عربي 21