خالد الخطيب
تحاول هيئة تحرير الشام الاستفادة من الفوضى الأمنية التي تعيشها مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في منطقتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون” في ريف حلب لتروج لنجاحها المفترض في إدارة الملف الأمني في إدلب، والإدارة المدنية بالعموم.
ويجري إعلام الجبهة الرديف مقارنات بين مختلف القطاعات في المنطقتين المتجاورتين والخاضعتين لسيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، ويلمح بشكل مباشر إلى أنه يتوجب على الهيئة التمدد نحو كامل المنطقة وإخضاعها لإدارتها كلياً، وإنهاء حالة الفلتان الأمني التي تعيشها.
الذهبي والإدريسي والشمالي الحر والدالاتي وغيرهم الكثير من الأسماء لمنظرين وقادة في الجبهة يروجون للنجاح في الإدارة الأمنية والمدنية، وتعكس حملتهم المنظمة أطماع الجبهة في التوسع على حساب المعارضة وبتكتيك جديد بدلاً من المواجهة المباشرة. يقول الذهبي في “تلغرام”، إن “من يدير المحرر بإدلب بالرغم مما وقع فيه من أخطاء إلا أنه الأنسب لإدارة كل المحرر وفرض السيطرة التامة ليس فقط على إدلب بل على كل ما هو ليس تحت سيطرة روسيا وإيران”.
ويقول نائب مسؤول المكتب السياسي في “لواء السلام” هشام سكيف ل”المدن”، إن “دعاية تحرير الشام تأتي بعد فشلها في تسويق نفسها كقوة شرعية، فبرغم كل التنازلات التي قدمتها ما يزال تصنيفها تنظيماً متطرفاً قائماً، لذلك تحاول توسيع سيطرتها وخلق قاعدة شعبية مفترضة تحصل من خلالها على شرعية ما”.
لا يفوّت إعلام الجبهة الرديف أي حادثة أمنية تشهدها مناطق سيطرة الفصائل، وكان الاشتباك الأخير بين الفصائل في جنديرس بريف عفرين فرصة للدفاع عن الحرب التي شنتها الجبهة ضد “حركة نور الدين زنكي” في ريف حلب الغربي بداية العام 2019. وحادثة جنديرس التي كان الزنكي طرفاً فيها مؤخراً، هي دليل على مشروعية الحرب ضد هذا الفصيل وإخراجه من المنطقة باعتباره تشكيلاً منفلتاً مثله مثل الكثير من الفصائل التي يجب القضاء عليها ليستتب الأمن الذي تنشده وتريده الجبهة لعموم مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، بحسب المقربين من الهيئة.
يقول الشمالي في “تلغرام”: “عندما طردت هيئة تحرير الشام مليشيات نور الدين الزنكي من ريف حلب الغربي وقف الكثيرون من فصائل الشمال معها محاولين مساعدتها والدفاع عنها؛ ليقعوا اليوم بشرها” وإن “أسباب مجزرة جنديرس بالمدنيين هي محاولة مليشيات الزنكي التمدد وبناء مملكة تشابه مملكة عينجارة وقبتان من أجل المتاجرة بأرزاق المسلمين”.
ويقول مدير المكتب السياسي في “فرقة المعتصم” مصطفى سيجري ل”المدن”، إن “هذه الدعاية غير المباشرة تعبر فعلياً عن مطامع تحرير الشام والقوى التي تقف خلفها بهدف التسلل والسيطرة على كامل المناطق المحررة، تمهيداً للتسليم للنظام والقوى الداعمة له”. ويضيف سيجري أن تحرير الشام “عملت سابقاً على تشويه سمعة الجيش الحر ووصفه بالعمالة والخيانة ومن ثم ضربه عسكرياً مما أتاح لها السيطرة على إدلب وما حولها، واليوم تعمل على تشويه سمعة الجيش الوطني تمهيداً لشنّ الهجمات الارهابية والعدوانية”. ويتابع: “الجولاني لم ولن يكون زعيماً إلا للعصابات المجرمة وللزعران وقطاع الطرق”.
من جهته، يرى الصحافي محمود طلحة أن تحرير الشام تعيش حالة من التخبط والتناقض في خطابها، “بالأمس تدعو الفصائل للمصالحة واليوم تنظم حملة ضدهم، وتكشف عن أطماعها في سلب ما تبقى من جغرافيا محررة، أي استكمال سياسة الجبهة ضد الفصائل المعارضة لكن بأساليب وتكتيكات جديدة تحاول من خلالها توسيع شعبيتها”. ويضيف ل”المدن”، أن “دعاية الهيئة التي تمهد للتمدد على حساب الفصائل لن تنجح، فالتنظيم غارق بالإشكالات والفوضى الداخلية، ولا يمكن أن يكون له قبول في الأوساط الشعبية بأي حال”.
بدوره، يرى الباحث في الجماعات الإسلامية عرابي عبد الحي عرابي أن “جبهة النصرة عرفت نفسها بداية بأنها فصيل محلي وهذا الأمر تطمح من خلاله لأن تصبح مقبولة دولية، والقبول الدولي المفترض يعني أن هذا الفصيل يمكن الاعتماد عليه في مسائل متعددة، ومن ضمنها ضبط الملف الأمني، وضبط الحدود، وإيقاف حركة التهريب، وضبط الحالة الفصائلية وغيرها من المهمات المفترضة”.
ويضيف ل”المدن”، أنه “في حال نجاح الجبهة بالتمدد نحو غصن الزيتون ودرع الفرات فهذا الأمر سيمنحها شعبية أكبر، وربما يمنحها أيضاً أرضية سياسة أقوى من وضعها الحالي يمكنها من مفاوضة تركيا والدول الأخرى”.
ويشير عرابي إلى أن “هناك عوائق تمنع تمدد الجبهة في الوقت الحالي. منها عوائق قانونية، ففي ريف حلب على سبيل المثال يُعمل بالقانون العربي الموحد ولا تعترف به الهيئة. والجبهة تنفذ عمليات إعدام فيما تركيا ترفض هذا الامر”. وعن مصير الحكومة المؤقتة، يوضح أن “تحرير الشام هي من أزالتها من إدلب، لكن هناك الكثير من الإشكالات والعوائق الباقية التي تمنع تمدد الهيئة”.
المصدر: المدن