قالت مصادر محلية ل”المدن”، إن حملات الاعتقال التي تنفذها قوات النظام السوري بحق المدنيين في دمشق وريفها ارتفعت وتيرتها في الأيام الأخيرة. وأوضحت أنه تمّ توثيق عشرات حالات الاعتقال، نفذتها الأجهزة الأمنية في ريف دمشق وبالتحديد في قرى وبلدات القلمون.
وأشارت إلى أن بلدة دوما في ريف دمشق هي أكثر المناطق التي يتم تسجيل حالات اعتقال تعسفي فيها، حيث رصدت 18 حالة اعتقال خلال كانون الثاني/يناير.
وأضافت المصادر أن العاصمة دمشق شهدت حملات اعتقال هدفها الابتزاز المادي لأهالي المعتقلين، إذ يقوم فرع الأمن العسكري باعتقال العديد من الشبان دون تسجيل أسمائهم في القيود لفترة تتراوح بين 15 و60 يوماً تتمّ خلالها عملية الابتزاز والمساومة المالية مع أهالي المعتقلين و”المطلوب الدفع بالدولار الأميركي”. وفي حال لم يتم الدفع يجري تسجيل المعتقلين في القيود، تمهيداً لإحالتهم إلى المحاكمة.
واستهدفت بعض حملات الاعتقال مواطنين على خلفية انتقادهم للأوضاع المعيشية. وتعرض الكثيرون من الصحافيين المواليين للنظام لتهديدات بالاعتقال إذا استمروا في انتقاد الظروف الاقتصادية الصعبة في مناطق سيطرة النظام والأداء الحكومي.
وأكد الناشط في مجال توثيق الانتهاكات تامر تركماني ل”المدن”، أنه وثّق 150 حالة اعتقال بالعاصمة دمشق وريفها خلال شهر كانون الثاني/يناير. وأضاف أن معظم حالات الاعتقال وقعت عند حواجز النظام الموجودة على مداخل العاصمة.
وأوضح أن النظام يستهدف أيضاً كل من قام بتسوية للعودة إلى سوريا. وقال: “وثقت حالات لأشخاص تمّ اعتقالهم بعد أشهر من عودتهم إلى سوريا. أغلب الحالات التي تردنا ويتم توثيقها تُعتقل على الحواجز وخاصة تلك الموجودة على مداخل المدن الرئيسية”.
وأشار تركماني إلى أن إحدى حالات الاعتقال كانت لسيدة من الغوطة الشرقية تم اعتقالها الشهر الماضي من أجل الضغط على ابنها، المنشق عن قوات النظام منذ 2014 والموجود حالياً في المناطق المحررة، للعودة إلى مناطق سيطرة النظام.
وأضاف أن النظام يستهدف أيضاً طبقة التجار وأصحاب الأعمال الصغيرة، من غير المعارضين والمطلوبين، من أجل ابتزازهم والحصول على الأموال مقابل الإفراج عنهم. وقال إن المبالغ التي يتم طلبها تتراوح بين 10 و20 ألف دولار أميركي.
من جهته، أرجع المحلل السياسي زياد الريس ارتفاع وتيرة الاعتقال مؤخراً إلى الانتخابات الرئاسية القادمة. وقال ل “المدن”: “النظام يستهدف حالياً كل من يُعتقد أنه سوف يؤثر على انتخاباته الرئاسية، وخاصة في المناطق التي كانت تشكل حاضنة شعبية للمعارضة وعادت إلى سيطرة النظام، ولذلك ازدادت حالات الاعتقال في ريف دمشق وحمص ودرعا مؤخرا”.
وأضاف الريس أن هناك هدفاً آخر للاعتقالات وهو إخلاء سبيل المعتقلين حديثاً قبل الانتخابات أي ضمن ما يسمى ب”العفو الرئاسي”. وقال: “لن يتم الافراج عن المعارضين السياسيين ضمن العفو إنما كل من تم اعتقاله مؤخراً، والدليل على ذلك ماحدث في درعا مؤخراً حين تم إطلاق سراح 40 معتقلاً تحت ضغط روسي”، مضيفاً أن هذه لعبة معروفة يمارسها النظام منذ عقود”.
وكان تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان صدر مؤخراً لاحظ “عودة الخوف والإرهاب لدى الأهالي من سطوة الأجهزة الأمنية، الأمر الذي حال دون إمكانية توثيق العديد من حالات الاعتقال التعسفي”. وأكد التقرير أنه على الرغم من ذلك لم تتوقف قوات النظام السوري عن ملاحقة المواطنين السوريين على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم المكفولة بالدستور والقانون الدولي.
وقال التقرير إن قوات النظام استمرت في ملاحقة واعتقال الأشخاص الذين أجروا تسوية لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَعت اتفاقات تسوية مع النظام السوري، وتركَّزت هذه الاعتقالات في محافظة دمشق، وحصل معظمها ضمن أُطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش.
المصدر: المدن