ليست الدعوة التي وجهتها الخارجية العراقية لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، كما سابقاتها، إذ يقُرأ هذه المرة، فيها محاولة من الحكومة العراقية للاستفادة من التغييرات في السياسة الأميركية، والنهج “الناعم” الذي بدأت تنتهجه إدارة جو بايدن في أكثر من ملف بالمنطقة.
واللافت، أن دعوة العراق، الجامعة العربية لإعادة نظام الأسد إلى مقعد سوريا الدائم، التي جاءت على لسان وزير الخارجية فؤاد حسين قبل يومين، أتت بالتزامن مع عرض عراقي للوساطة بين إيران والولايات المتحدة حول الملف النووي، تقدم به رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، حليف طهران، وكذلك بعد مشاركة العراق في جولة مباحثات “أستانة” الأخيرة في سوتشي، بصفة مراقب، بدعوة من روسيا، ما يشي بدفع روسي للعراق نحو تحريك هذا الملف.
لكن مصدراً حكومياً عراقياً اعتبر أن دعوة وزير الخارجية تأتي تماشياً مع قرار عراقي قديم يتم تكرار طرحه كل مرة، نابع من موقف العراق الثابت والهادف إلى تخفيف الازمات في المنطقة والعمل على إيجاد حلول دبلوماسية.
وقال المصدر ل”المدن”، أن العراق يحاول منع استغلال الأزمات، من قبل أطراف لا تريد مصلحة المنطقة وعلى رأسها القوى والمنظمات الإرهابية، مشيرا إلى تحفظ العراق على تعليق عضوية سوريا في الجامعة، في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2011، مؤكداً أن العراق طالب لأكثر من مرة بإعادة مقعد سوريا الى الجامعة العربية باعتبارها من الدول المؤسسة للجامعة.
وفي السياق، اعتبر الباحث في “مركز الحوار السوري” محمد سالم أن الموقف العراقي الأخير، إنما هو تكرار لمواقف سابقة أعلنتها الحكومة العراقية التي تتكلم باللسان الإيراني بدرجة ما داخل الجامعة العربية، وأَضاف ل”المدن” أن محاولات العراق في هذا الخصوص تتقاطع مع محاولات بعض الأطراف العربية الساعية لإعادة نظام الأسد للجامعة.
ورأى سالم في توقيت الموقف العراقي، محاولة للتركيز على هذه النقطة في أجواء مفصلية تتمثل بتغيير آليات التعامل الأميركي مع إيران مع مجيء إدارة بايدن، التي قدمت سلسلة من التنازلات السريعة لطهران، كرفع الحوثيين عن قائمة الإرهاب، والسكوت عن الهجوم على مطار أربيل دون أي تهديد بالرد بشكل مشابه لسلوك إدارة ترامب التي كانت ترد على مثل تلك التحركات.
وأضاف أن الحلف الإيراني والحكومة العراقية ضمنه، يريد رفع سقف التوقعات على طاولة الحوار مع الولايات المتحدة لأقصى درجة ممكنة للحصول على أكبر قدر من المكاسب في أي صفقة مرتقبة للعودة إلى الاتفاق النووي، ومن ضمن ذلك إعادة شرعية الأسد، لكن سالم مع ذلك، استبعد عودة النظام للجامعة العربية، نظراً لتعقيدات اتخاذ القرار وارتباطها بشكل غير مباشر بالقرار الأميركي وعقوبات “قيصر”، والتوافق العربي.
ويتضح طبقاً لمصادر سورية مطلعة، أن تحركات العراق نحو مسألة عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية ليست بمعزل عن تطورات ملف إيران النووي، وصفقة تبادل الأسرى بين النظام وإسرائيل، برعاية روسية.
المصدر: المدن