سابين عويس
في الوقت الذي كان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يعلن عن مشاركة بلاده في الجولة المقبلة من المفاوضات مع المملكة العربية السعودية، كاشفاً عن تقدم في النقاط الإيجابية والمقترحات العلمية والبناءة المقدمة الى الرياض، وفيما أعلن في وقت سابق لا يتجاوز الأسبوع أن مفاوضات فيينا حول برنامج طهران النووي تقترب من التوصل الى اتفاق جيد، خرقت مسيّرات “درون” قبل يومين صفاء مدينة أبوظبي، حيث هاجمت القوات الحوثية المدعومة من طهران منطقة الإنشاءات في مطار أبوظبي الدولي، مشعلة النار في ثلاثة صهاريج، وموقعة قتلى وجرحى، في عملية حملت الكثير من الرسائل التصعيدية، في مرحلة يُفترض أن يكون عنوانها المهادنة على وقع الحوار المفتوح مع الرياض وواشنطن.
ما الذي تريده إيران من الرسائل الدموية، فيما ترخي في السياسة مناخات من الإيجابية حيال مساراتها التفاوضية المفتوحة، وهل تعكس نقاط ضعف أو قوة بتزامنها مع التطورات الميدانية في اليمن والدخول الأميركي المباشر على خط العمليات الجارية هناك؟
لا ترى مصادر دبلوماسية مواكبة في الأداء الإيراني ما يؤشر الى رغبة طهران في عودة هادئة الى طاولة المفاوضات في فيينا، أو طاولة الحوار في بغداد، رغم أن خطوة انتقال ثلاثة دبلوماسيين إيرانيين الى الرياض للعمل في إطار منظمة التعاون الإسلامي يفترض أن تصب في إطار الانفتاح السعودي على طهران، والدفع نحو تحقيق تقدم على مستوى الحوار الجاري بين البلدين.
وفي رأي هذه المصادر، فإن طهران تمارس نوعاً من الازدواجية في التعاطي الدبلوماسي، بحيث تمارس دبلوماسيتها مرونة في مواقفها، تترافق مع إطلاق يد أذرعها العسكرية في المنطقة، والهدف بات واضحاً: الضغط وامتلاك أوراق تفاوضية قوية على مختلف الجبهات، من العراق الى اليمن الى لبنان. وأكثر ما يثير قلق المصادر عينها ينحو في اتجاه الكلام الأميركي عن تقدم حيال رفع العقوبات عن طهران عامةً، وليس عن تلك الناتجة من التخصيب. ومرد هذا القلق أن قراراً كهذا إذا صح، سيؤدي الى تسييل الأرصدة المجمدة، وستتاح إمكانيات تمويلية هائلة أمام أذرعها في المنطقة لرفع مستوى الضغط والتصعيد، تحقيقاً لأهدافها التوسعية.
وترى المصادر أن إطالة أمد المفاوضات لا يضعف طهران كما يتراءى لبعض المراقبين، بل على العكس يعزز موقعها التفاوضي، ويتيح لها هامشاً أوسع من الضغط عبر تحريك أذرعها العسكرية العاملة تحت إمرتها، في شكل يزعزع أمن الدول واستقرارها، حيث النفوذ واسع لهذه الأذرع، داعية الى التوقف عند صورة رفض الوفد الإيراني المفاوض الجلوس الى طاولة واحدة مع الوفد الأميركي مباشرةً، وما يتركه من أثر لدى القوى والدول التي تدور في فلكها، حتى لو لم تكن تلك الصورة لتعبر بصدق عن واقع المفاوضات.
وتبدي المصادر استغرابها لردود الفعل المقابلة، بحيث تغيب أي استراتيجية عربية تواجه الاستراتيجية الإيرانية في كل أبعادها السياسية والدبلوماسية والعسكرية. وفي هذا السياق، تسأل: ما سيكون موقف المملكة بعد الاعتداءات الحوثية المتكررة عليها، والتي تمددت أخيراً لتطال الإمارات، وعلى أي قواعد ستستمر في حوارها أو أن هذا الحوار بات مهدداً؟
المصدر: النهار العربي