ديانا مقلد
سوريا اليوم هي محمية روسية، والأسد ليس أكثر من دمية بيد موسكو تارة وطهران تارة أخرى.
لم يبد نظام حماسة لحرب فلاديمير بوتين على أوكرانيا بقدر حماسة النظام السوري الذي كان أول دولة عربية تعلن صراحة دعمها لغزو أوكرانيا. وهاهي القوات الروسية احتفلت في قاعدتها الشهيرة في مطار حميميم شمال سوريا.
هذه الحماسة تبدو متوقعة، فالأزمة السورية لا تزال مستمرة دون أن يلاحظها أحد خصوصاً من الغرب، وجرائم الحرب من تجويع وقصف وتعذيب واعتقال لم تتوقف، بل هي متصاعدة في ظل الدكتاتورية السورية التي ترعاها روسيا.
بل هناك من يحاول إعادة تعويم بشار الأسد.
على عكس الأسد فإن رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكيلم لم يرحب ببوتين، رغم إدراكه أن الصوت العالي في الغرب احتجاجاً على تصعيد بوتين لن يتجاوز حدّ الفقاعات الصوتية التي لن تفضي الى خطوات فعلية.
أليس هذا ما علمتنا اياه التجربة السورية؟
الأمم المتحدة أزالت مخزون سوريا المعلن من الأسلحة الكيماوية في عام 2014. ومنذ ذلك التاريخ لم يتوقف نظام الأسد عن قصف المستشفيات والمدارس وممارسة التجويع والتعذيب والتهجير الممنهج.
في العام 2015، أعلنت روسيا عن دخولها العسكري الى سوريا بهدف محاربة تنظيم “داعش”. وتحول ذلك حتى اليوم إلى أكبر وأطول تدخل خارجي للجيش الروسي منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.
تميز التدخل العسكري ببطشه وباستغلال القصف الجوي وسياسة الأرض المحروقة التي يصفها محللون عسكريون بأنها السياسة التي يعتمدها الآن بوتين في أوكرانيا.
فحملة القصف التي شنتها روسيا ضد خصوم الرئيس السوري بشار الأسد، أحدثت دماراً هائلاً. والغضب الكلامي الذي أعلنته قيادات الغرب من تدمير المستشفيات، لم يخفف من الجنوح الروسي لتوظيف القوة النارية والتدميرية في الحرب على المدنيين.
سوريا اليوم هي محمية روسية، والأسد ليس أكثر من دمية بيد موسكو تارة وطهران تارة أخرى. إدلب مثلا، وهي منطقة خارج سيطرة النظام والروس، قد تمثل نموذجاً يمكن للمرء أن يقيس عليه منسوب العنف الروسي. فملايين السوريين هناك محاصرون، ومستهدفون بالقصف الجوي اليومي والحياة هناك تشبه الجحيم على الأرض. حتى الأمم المتحدة أدارت ظهرها لإدلب، وحولت مساعداتها للأسد وزوجته لتوزيعها وفق حسابتهما.
إذا سقطت أوكرانيا، سيميل ميزان القوى إلى حد كبير نحو الشرق. قبل ذلك فرض اعتماد الكثير من الدول الأوروبية على الغاز الروسي، صمتاً وقبولاً بدور روسيا في سوريا. واليوم تبدو روسيا مندفعة نحو أوكرانيا في ظل أسعار النفط المرتفعة، وهي أكثر استعدادًا لمواجهة الناتو مما كانت عليه قبل بضع سنوات. أكملت روسيا استثمارها في قوتها العسكرية وهي تدرك أن اللحظة هي لحظة انكفاء أميركي غربي.
غزو أوكرانيا بدأ من سوريا، وتحديداً من ذلك الصمت الذي أبداه الغرب حيال موبقة بوتين الأولى. فهل ستكون الاستجابة لعدوان بوتين مشابهة لما حصل في سوريا؟
المصدر: درج