بسام شلبي
أصبح من الدارج والشائع نشر الآراء أو الفتاوى الغريبة بل المستفزة أحيانًا على وسائل التواصل الإلكتروني بمختلف منصاتها.
من رؤية عدم صلاحية القرآن لكل زمان ومكان إلى رؤية إجحاف وظلم التراث الفقهي الاسلامي للمرأة بل العداء لها بشكل ممنهج متعمد.. إلى رؤية عدم جواز تعدد الزوجات.. إلى إرضاع الكبير.. إلخ
وهذا ليس مقتصرا على الفتوى و الآراء الدينية بل يشمل كثيرا من المناحي في اقصى اليمين أو أقصى اليسار.. و باستخدام ألفاظ خارجة عن حدود اللياقة و الأدب.. و صادمة لقيم المجتمع بشكل فج سواء كانت ذات مضمون جنسي مباشر أو غيره.
فالسؤال لماذا تنتشر بشكل واسع مثل هذه التغريدات او الفيديوهات..؟؟!!
هل منتجوها غير واعين لمضمونها أو تأثيرها؟ سلبا او إيجابا.. وإن يكن السلبي و السطحي غالبا في الارجح.
و أظن أن الجواب كامن في الأدوات نفسها فانتشار التواصل الإلكتروني و دخوله في نطاق “البزنس” خلق الحاجة الملحة لنجوم المواقع لاكتساب أكبر عدد من المشاهدات او المشاركات و التعليقات بأي طريقة و بأي ثمن لتوفر لهم الدخل المنشود.
لا أظن أن منتجي هذه المواد غير واعين لما يفعلونه و معظمهم على درجة من العلم او الحرفية في مجال الإعلام والميديا.
و إن يكن مشكوكا في إدراكهم لمدى خطورته.. أو أنه يقع في مجال التجاهل أمام أهمية الهدف المضمر و هو الحصول على أكبر عدد من المشاهدات و التعليقات حتى لو كانت سلبية إلى درجة الشتم و التجريح فهذا لا يهمهم بقدر ما يهمهم استدراج المستخدمين للتفاعل السلبي او الايجابي سواء بسواء.
فهذا يذكرني بمبدأ شركات الوساطة المالية في البورصة التي تكسب من عدد مرات التداول و حجمه بغض النظر عمن يكسب او يخسر من المتداولين..
و لكن سؤالي الاهم و الاعمق هو لماذا نتفاعل نحن المتواصلين بهذا الشكل الكثيف مع المواد و الاراء المتطرفة او الغريبة لو كانت واضحة التصنع!!؟
إن من يصنع هذه المواد واع لما يريد أما من يتفاعل هل هو واع لما يفعل؟
و هل واع أنه بمشاهدته او تعليقاته يصبح هو ترس من الآلة العملاقة التي تصنع هذه المواد و تعويمها سواء كان تعليقه سلبيا او ايجابيا.
فنحن لا ينبغي ان نتنصل من المسؤولية الادبية و الاخلاقية ونلقيها على الصانع الاول، لأننا في ظل قوانين التواصل و الميديا المفروضة بحكم الامر الواقع نصبح شركاء أصلاء في صنع و ترويج أي مادة او محتوى سواء كان إيجابيا او سلبيا.
وعلينا أن لا ننكر انجرارنا أو انحيازنا لما هو سلبي وتافه أكثر بكثير لما هو جدي وإيجابي.
المصدر: صفحة بسام شلبي