تستمر قضية المعتقلين السوريين في سجون الطاغية، كمسألة من أهم المسائل التي تؤرق أحوال وكذلك حيوات السوريين على امتداد تواجدهم، في الداخل كما في الخارج، ويبدو أن متابعة المطالبة بإطلاق سراح كل المعتقلين بلا استثناء قد أضحت مطلبًا هو الأهم بكل المقاييس لدى كل السوريين على امتداد تواجدهم. وضمن هذا الهم الكبير لصحيفة إشراق وجميع السوريين كان لنا أن التقينا بالكاتب والشاعر السوري والمعتقل السابق الأستاذ حسن النيفي حيث سألناه وأجاب:
_باعتباركم من المعتقلين الذين كان لهم تجربة اعتقال طويلة في سجون الطاغية الأسد. كيف ترى أوضاع المعتقلين اليوم بعد إصدار ماسمي بمرسوم العفو عن المعتقلين؟
_لعل قضية المعتقلين السوريين في سجون الأسد هي إحدى القضايا المزمنة التي كانت قرينة ملازمة للدولة الأسدية منذ نشوئها، وذلك بحكم السمة الوحشية للسلطة، ولعل الحالة الراهنة للمعتقلين لا تفارق سيرورة معاناتهم الأساسية التي تتمثل بوجود نظام لا يرى في المعتقلين سوى قطيع من الضحايا التي لا ينبغي أن يفرج عنها دون أن يقايضها بمكسب سلطوي آخر، ذلك أن مجمل المُفرج عنهم منذ صدور قانون العفو ( 7 – 5 – 2022 ) لا يتجاوز المئات، مقابل مئات الآلاف ممن بقي في السجون أو تمت تصفيته، وبناء على ذلك لا أحد يتوقع حلّاً جذرياً لقضية المعتقلين بوجود طغمة حاكمة لا يردعها أي قانون أو قيمة أخلاقية.
_وهل تعتقد أن أداء المعارضة كان جيدًا بما يخص قضية المعتقلين؟ أم سوى ذلك؟
_ ما جعل قضية المعتقلين تتفاقم وتغدو أكثر تعقيداً، هو غياب الدور الفاعل لكيانات المعارضة، أعني غياب شبه كلّي لأي مسعى حقيقي يطالب بالمعتقلين ويكون لمسعاه أثر فعلي لدى الجهات الدولية والإنسانية، بل لعله من المعيب أن تكون هيئة المعتقلين التابعة للإئتلاف لا تمتلك حتى الآن قاعدة بيانات حقيقية بأعداد المعتقلين وأحوالهم، أضف إلى ذلك أن منظمات المجتمع المدني، والتي قدمت مساعي متقدمة على الإئتلاف فيما يخص جمع البيانات وأعداد المعتقلين ومسائل التوثيق، إلا أنها هي الأخرى لا تنسق فيما بينها، بل ربما كل جمعية أو منظمة تعتبر نفسها كياناً منفصلاً عن الآخر، لعل هذا العمل الذي يفتقر إلى التنظيم والتنسيق والتأطير كان له آثار سلبية فادحة على المعتقلين أنفسهم.
_وكيف تنظر إلى حالة الانتظار الطويلة لذوي المعتقلين حيث تتضاءل الآمال بخروج أبنائهم وسط صمت مطبق من “العالم المتحضر” ؟
– لعلها من حكمة القدر أن يكون تجمع أهالي المعتقلين في الساحات العامة بدمشق وصيدنايا، وهم ينتظرون أبناءهم بقلوب هدّها التعب والانتظار، عاملاً آخر يكشف عن أن تداعيات الاعتقال في سورية لم تنحصر في المعتقلين فحسب، بل إن ما يعانيه أهلهم وذووهم لا يقل ألماً ووجعاً، بل يمكن التأكيد على أن ظهور المعاناة المؤلمة لجميع الجماهير الغفيرة التي كانت تنتظر تحت ما يسمى جسر الرئيس، إنما تؤكد للعالم فداحة الجريمة التي يرتكبها الأسد بحق السوريين، كما تدحض من جهة أخرى كل أكاذيب إعلام النظام التي كانت تنكر وجود معتقلين بأعداد كبيرة، فضلاً عن أن الحالة الصحية للمفرج عنهم تحمل قرائن ودلالات فاضحة لممارسات النظام الإجرامية بحق المعتقلين.
المصدر: إشراق