نائلة خليل
انطلق يوم الاثنين، في العاصمة القطرية الدوحة، المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي ينادي بتحقيق الوحدة الوطنية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية ومواجهة اليوم التالي للحرب. يأتي ذلك وسط موجة تحريض واتهامات من المجلس الوطني الفلسطيني وحركة “فتح” وأعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بأن المؤتمر يهدف لاستبدال منظمة التحرير والتنكر لتضحيات الشهداء والأسرى والوصاية على القرار الفلسطيني.
“العربي الجديد” التقى عضو لجنة المتابعة في المؤتمر الوطني الفلسطيني ورئيس حملة إطلاق سراح القيادي الفتحاوي مروان البرغوثي وعضو المجلس الوطني الفلسطيني القيادي الفتحاوي أحمد غنيم، ووجه إليه أسئلة عن المؤتمر.
– ما هو المؤتمر الوطني الفلسطيني؟
هو حراك شعبي من أجل الحوار والضغط والتغيير، يستهدف إعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية وتحقيق الوحدة الوطنية بقيادة وطنية موحدة.
– متى بدأت الفكرة؟
الفكرة بدأت بعد إلغاء الرئيس محمود عباس الانتخابات الفلسطينية في مايو/ أيار 2021، حيث بات الحديث عن أزمة النظام السياسي الفلسطيني يطفو على السطح ويشغل الجميع، وتلت ذلك مبادرات كثيرة لم تحقق أي نجاح في تحقيق الوحدة الفلسطينية. لكن الفكرة خرجت للوجود في فبراير/ شباط الماضي 2024 بعد أشهر من “طوفان الأقصى”، وظهر أن الأداء السياسي الفلسطيني لا يرتقي إلى مستوى الحدث، بل دخلت القيادة الفلسطينية في حالة سكون.
حينها كان يجب أن يتدخل العنصر الشعبي في هذا الأمر، وأطلقنا النداء الأول الذي وقعت عليه 1200 شخصية فلسطينية في الداخل والخارج في أكثر من 66 دولة، وهو نداء يدعو إلى الوحدة وتشكيل قيادة وطنية موحدة ويدعو إلى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية وإنهاء الانقسام.
– هل استنفدتم كل الحوار مع المنظمة وباءت كل المحاولات بالفشل ليُعقد المؤتمر؟
الفصائل الفلسطينية أمضت 17 عاماً للوصول إلى الوحدة والبحث عن الخروج من الانقسام ولم تنجح، وشاركنا في الكثير من الحوارات التي دعت إلى إنهاء الانقسام ووصلنا إلى نتيجة أن هناك إصرار على استمرار الحالة القائمة في النظام السياسي الفلسطيني وفي أزمته، خاصة بعد إلغاء الانتخابات الفلسطينية 2021. الغائب الوحيد كان عن حوارات الوحدة هو الشعب الفلسطيني، لذلك، في مبادرة المؤتمر الوطني، أدخلنا عنصر الشعب الضاغط من أجل تغيير هذه الحالة وإنتاج الوحدة بإرادة الشعب.
– هناك من يقول إن الموقعين والمشاركين في المؤتمر هم من النخبة وليسوا من الشعب، ماذا ترد؟
هذا غير صحيح، هناك تمثيل واسع في هذا المؤتمر من طلاب وأعضاء نقابات وأسرى محررين وصحافيين وأساتذة جامعات ونشطاء في الوطن والمهجر ورجال أعمال وكتّاب وأعضاء في المجلسين الوطني والمركزي الفلسطيني، وعناصر وقيادات حزبية من مختلف الأحزاب.
– هناك تمثيل فصائلي في المؤتمر بناء على حديثك إذاً؟
هذا ليس مؤتمراً فصائلياً، بل حراك شعبي يأتي الأشخاص إليه بوزنهم السياسي وصِفتهم الشخصية، يمكن أن يشارك أمين عام بصفته الشخصية وليس الفصائلية، هناك كوادر من فتح والشعبية وغيرها من الفصائل والجميع يشارك بصفته الشخصية وليس باسم فصيله.
نحن لا نقبل أن يكون تكوين المؤتمر الوطني الفلسطيني بديلاً عن الفصائل، لأن الفصائل في حوارها لم تنتج الوحدة، أما المشاركون في المؤتمر فبصفتهم فاعلين سياسيين من الشعب سيؤثرون في الناس من أجل عملية التغيير، هذه هي الفكرة الأساسية من المؤتمر، لذلك هو حراك شعبي لا فصائلي.
– من الملاحظ أن هناك ثقلاً فتحاوياً في المؤتمر؟
صحيح هناك ثقل حركي وازن في المؤتمر، لكن هذا المؤتمر ليس حراكاً لحركة “فتح”، هناك حضور من جميع أطياف وفصائل الشعب الفلسطيني.
– الهيئات الرسمية من المجلس الوطني وحتى حركة “فتح” ترفض المؤتمر لأن هدفه الخروج بجسم بديل عن منظمة التحرير على حد تعبيرها؟
لا يمكن لهذا المؤتمر أن يفكر في الخروج ببديل عن منظمة التحرير، المجموعة التي تبحث عن سبل لإنهاء الانقسام لا يمكن لها أن تبحث عن انقسام جديد في الساحة الفلسطينية.
مجرد مراجعة النص الذي وقّع عليه حتى الآن أكثر من ألفي شخص يؤكد أن الموضوع قيد البحث في المؤتمر هو إعادة بناء منظمة التحرير الحالية نفسها، ولا بديل لها، نحن من حمينا منظمة التحرير عندما كانت هناك محاولات للالتفاف عليها بعد مؤتمر مدريد عام 1991، وكل قيادات حركة فتح تعرف كيف ساهمتُ أنا وكادر الأرض المحتلة في منع الالتفاف على منظمة التحرير، نحن حماة منظمة التحرير.
– ما هي مصادر تمويل المؤتمر الوطني الفلسطيني؟
المؤتمر الوطني يقوم بتمويل نفسه، ونحن حريصون على ذلك لأن الاستقلال السياسي يعتمد على التمويل الذاتي، لذلك 60% من الأعضاء موّلوا رحلتهم وإقامتهم بأنفسهم، وقام جزء كبير منهم بتمويل من تبقى من المشاركين، هناك عدد من الشخصيات الفلسطينية في المهجر قامت بتمويل المؤتمر أيضاً.
إضافة لذلك، ستكون هناك رسوم رمزية للمشاركين وهي 100 دولار حداً أدنى لكل مشارك حتى نستطيع تغطية بقية النفقات.
– لماذا يُعقد المؤتمر في الدوحة؟
في البداية، كانت وجهتنا الجزائر، وبعد أن تلقينا موافقة إيجابية أولية من الرئاسة الجزائرية، للأسف، هذه الموافقة لم تترجم إلى موافقة عملية، فحصنا مع تركيا لكنها رفضت، ونفهم حساسية دول الجوار الفلسطيني وعلاقتها مع القيادة الفلسطينية إزاء تنظيم هذا المؤتمر الذي ترفضه قيادة السلطة، وكانت لدينا موافقة من جنوب أفريقيا لكن لم نذهب بسبب المسافة البعيدة والتكلفة المضاعفة، وحصلنا على رد إيجابي من العاصمة القطرية الدوحة لإقامة المؤتمر.
– كيف تفسر هذا الهجوم على المؤتمر ومنع السلطة الفلسطينية بعض المشاركين من السفر للمشاركة بالقوة عبر سحب جوازات سفرهم وتحويلهم إلى الأجهزة الأمنية؟
الهجوم كان متوقعاً، لكن ليس بهذا المستوى الذي انحدر إليه من اتهام قيادات وطنية كبيرة بما لا يليق، هذا مسّ ليس بمكان القيادات المشاركة في المؤتمر الوطني، بل مسّ بالهيئات التي يحترمها كل أبناء الشعب الفلسطيني.
نعتقد أن هناك ارتباكاً لدى القيادة الفلسطينية بالتعامل مع كل سؤال يطالب بإصلاح وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية، هناك ارتباك لدى القيادة الفلسطينية مع كل حالة لدى الشعب الفلسطيني تطالب بأن نكون على مستوى الحدث الذي يتم ضد الشعب الفلسطيني وحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضدنا.
صدر بيان عن المجلس الوطني تناول قامات وطنية وثورية ووضعنا البيان على صفحة المؤتمر، لنتحداهم بأن ينفذوا ما قالوه في البيان ضدنا، لذلك هل يوجد من يمنعكم من إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة للشعب الفلسطيني وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية؟ من يمنعكم؟
المصدر: العربي الجديد