مع بداية التحركات الشعبية في سورية عام 2011 انقسمت المعارضة السورية إلى معارضة داخلية متهمة بأن مواقفها السياسية لاتفي بمتطلبات الثورة الشعبية، ومعارضة خارجية أعلى صوتًا وأقدر على الدخول في معترك السياسة العالمية أو هكذا كان يفترض على الأقل.
لكن ماحدث بعد ذلك أن المعارضة الخارجية لم يعد لديها لا النبرة العالية ولا القدرة على اللعب على حبال السياسة الدولية المتقلبة بقدر ما أصبحت رهينة وتابعًا للسياسات الدولية تجاه سورية.
هكذا جاء تشكيل الائتلاف كحل يفترض إنهاء الخلاف بين المعارضتين ودمجهما بإطار سياسي موسع.
لكن هيئات الائتلاف سرعان ما بدأت تحلق بعيدًا عن القوى السياسية التي أنتجتها، وساعد في ذلك عمق الاختراق والتدخل الاقليمي والدولي في المعارضة من جهة، والانتصارات العسكرية المتلاحقة للنظام وحلفائه من جهة ثانية، وما نشهده حاليًا هو حالة تشبه الشلل في المبادرة السياسية المستقلة للائتلاف، وكأنه أصبح جسمًا سياسيًا بدون روح، أو هيئة بيروقراطية موظفة لدى الدول الاقليمية والدولية أعطي لها دور تمثيل المعارضة السورية طالما أن السيناريوهات المعدة لسورية والمتبدلة باستمرار تتطلب ذلك التمثيل.
ومن وجهة نظر مصلحة الشعب السوري لابد من إدخال تغيير على تلك المعادلة التي تضعه فعليًا خارج دائرة القرار الدولي.
وربما تكون البداية في عودة الروح للقوى السياسية الداخلية في سورية، فالمعارضة الخارجية لايمكن أن يكون لها مصداقية بدون رصيد في الداخل، وسوف يكون من السهل على الدول التلاعب بها طالما ظلت تفتقد جذورها الداخلية، وفي الحالة التي وصلنا إليها اليوم لم يعد لدى معارضة الخارج ما يجعل طرحها السياسي متميزًا عن معارضة الداخل بشيء، لكن قدرتها على إيصال صوتها للمحافل الدولية أعلى بدون شك.
وبالمحصلة فإن أي تغيير في المعادلة السياسية للمعارضة السورية قادر على إخراجها من مأزقها الراهن يمر في استعادة دور المعارضة الداخلية وتفعيل حراكها السياسي، وإعادة ارتباط الهياكل السياسية بقواعدها من أحزاب وتجمعات وتنسيقيات ..الخ .
ورغم الصعوبات المعيشية الكبيرة التي يعيشها الشعب السوري والخسائر التي لحقت به، لكن يبقى الأمل في انبعاث الروح للحراك السلمي، وتلك هي الرسالة التي ينبغي التقاطها من التحركات الشعبية الأخيرة في السويداء.
وأول هدف ينبغي التضافر في العمل من أجله بين المعارضة في الداخل والخارج هو وقف مهزلة مسخ الحل السياسي عبر اللجنة الدستورية، وطالما أن الدول الكبرى والاقليمية متفقة على ذلك السياق الذي لايحترم إرادة الشعب السوري فعلى الشعب السوري أن يفرض إرادته بنفسه.
بتجدد حضور القوى السياسية الداخلية والحراك السلمي لايعود للائتلاف ولا لغيره الحق ولا القدرة على السير بعيدًا وفق ما تطلبه منه القوى الاقليمية والدولية ولا يتفق مع أهداف الشعب السوري ويليق بتضحياته العظيمة في سبيل حريته وكرامته وحقه في بناء دولة القانون والديمقراطية وحقوق الانسان.
المصدر: موقع ملتقى العروبيين