د. مخلص الصيادي
حلقة مهمة ، واطلالة غنية على خريطة العلاقات الاقتصادية بين الصين، والغرب، والتساؤل المطروح حول قدرة الصين على التحرك الى المستقبل دون علاقات ثقة وأمان مع الغرب محل شك كبير .
لكن ينقص هذا الطرح أمرين اثنين:
الأول : هل هناك فعلا مؤشر على أن الصين ستدير ظهرها للغرب، وبالتالي تخرب كل خطوط التبادل والتعاون والتيسير بين الطرفين.
الثاني: تعرض الحلقة جانب واحدا هو جانب الصين، لكن حتى تكتمل الصورة يجب أن نختبر إمكانية استغناء الغرب عن الصين !. خصوصا وأن ملف الصراع الروسي الأوكراني أظهر أن الضرر الناتج عن أزمة تصيب طرفين علاقتهما وثيقة هو ضرر يضغط بشدة على طرفي العلاقة.
وإذا كان لا يمكن للاقتصاد الصيني غن ينتعش دون التعاون المبني على الثقة والأمان مع العالم الصناعي الغربي ، فإن استقرار العالم الصناعي الغربي : استقرار الانتاج والاسعار والعمالة والاستثمار ..الخ مرتبط ارتباطا وثيقا باستقرار العلاقة مع الصين.
هكذا يمكن أن نقرأ المعادلة الاقتصادية والسياسية بين الطرفين، أما بالنسبة لتحول شركات غربية عن الصين الدول الأخرى( الهند، فيتنام، ماليزيا)، فيجب أن نقرأه في إطار تراجع المغريات الصينية التي قدمت من قبل لهذه الشركات بعد التقدم الاجتماعي الكبير في الصين وارتفاع تكلفة الحياة فيها، وانفتاح هذه الفرص في دول ما زالت في بداية الطريق.
ولو أمعنا النظر في التعثر الحاصل في سلاسل التوريد لوصلنا الى يقين بأن من مصلحة الدول الغربية، كما من مصحة الصين أيضا ألا يحدث اضطراب بنيوي في الاقتصاد الصيني لأن أثره سيكون بعيد الأثر. ومدمر على الاقتصاد العالمي كله. وخصوصا بلدان الغرب الصناعية.
بالتأكيد لا تشكل ” مجموعة البريكس”، بديلا، لكن من شأنها أن تزيد من وزن الدول المشاركة فيها في الميزان العالمي.
ما يمكن أن نلمسه بوضوح أن العالم كله في حالة اضطراب، وأنه حتى الآن فشل في صياغة معالم مجتمع دولي جديد متعدد الأقطاب، ومتعاون في التصدي للاجتياجات الانسانية العامة التي تستأهل أن تكون مجتمعة القيمة الأخلاقية لنظام عالمي جديد، وهي قيمة حتى تستقر لا بد أن تستوعب تنوع المحتمعات الانسانية وتعدد مصدرها القيمية في إطار منظومة قيم عالمية عادلة، وفي إطار مؤسسات دولية حاكمة . ما نلاحظه حتى الآن عمل غربي دؤوب لفرض القيم الغربية لتكون حاكمة. وهو عمل أثبت قصوره وفشله في كل مكان.