يمثل الاتفاق بين إسرائيل ولبنان علامة فارقة في العلاقات بين طرفين ينخرطان في صراع نشط ومستمر منذ عقود. ويحمل الاتفاق مكاسب لكلا الطرفين بفضل تلاقي مصالحهما في هذا الملف واستعدادهما لتقديم تنازلات في إطار الفرص المحدودة الحالية.
من وجهة نظر إسرائيل، بغض النظر عن الفوائد في المجال الاقتصادي وإمكانية أن تساهم الاتفاقية في السلام والأمن على الأقل في المجال البحري، فمن المهم بشكل خاص الإشارة إلى الآثار الإيجابية على المستوى الاستراتيجي. ويتضمن ذلك 3 مستويات رئيسية:
ويتعلق المستوى الأول بالعلاقات بين إسرائيل ولبنان، حيث أن ترسيم خط حدودي بحري بين الدولتين (باستثناء الـ 5 كيلومترات المتاخمة للساحل) يدل في الواقع على اعتراف لبنان بوجود إسرائيل.
ويعكس الاتفاق تغييراً جوهرياً في العلاقات الثنائية فهو يبدد حديث “حزب الله” عن إسرائيل باعتبارها كيانا غير شرعي لا ينبغي الاعتراف به وأنه يجب تدميره، وقد يساعد ذلك في تغيير صورة إسرائيل لدى اللبنانيين عموما.
أما المستوى الثاني فهو مكانة “حزب الله” ونفوذه في لبنان، حيث أن موافقة القيادة اللبنانية على هذا الاتفاق تثبت أن “حزب الله” ليس بيده كل شيء في لبنان. صحيح أنه كان مطلعاً على الأحداث وأثّر على القرار، لكن الاتفاق يتضمن بوضوح عناصر يصعب عليه تقبلها.
وهكذا، اضطر “نصرالله” أيضًا إلى التنازل في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية في لبنان والانتقادات الداخلية المتزايدة، في حين يحاول الترويج لفكرة أن تهديداته هي التي ساهمت في تحقيق التوصل إلى هذا الاتفاق.
ويتعلق المستوى الثالث والأخير بإيران ، حيث يعكس الاتفاق فشلاً آخر في مواجهتها مع إسرائيل، بالنظر إلى معارضتها الواضحة لأي اتفاق محتمل مع إسرائيل – “الشيطان الأصغر” – برعاية الولايات المتحدة – “الشيطان الأكبر”.
بالإضافة إلى ذلك، يشكل الاتفاق حجر عثرة أمام جهود “حزب الله” لتوسيع موطئ قدمه في لبنان. وأبعد من ذلك، فإن الاتفاق يوثق علاقة لبنان بالغرب (خاصة الولايات المتحدة وفرنسا) في تناقض تام مع رؤية “حزب الله” وإيران المهتمين بضم لبنان إلى المحور الشيعي.
المصدر | أورنا مزراحي/ معهد الأمن القومي الإسرائيلي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد