في ظل التلويح التركي بعملية عسكرية برية ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال شرق سوريا، تخوض روسيا عمليات تفاوضية بهدف وقف العملية، وذلك بالضغط على قسد من أجل تحقيق الشروط التركية، والمتمثلة بشكل أساسي بإبعادها عن الحدود السورية- التركية مسافة 30 كيلومتراً.
تذكير روسي
وعقد قائد القوات الروسية في سوريا ألكسندر تشايك اجتماعاً مع القائد العام لقسد مظلوم عبدي في مطار القامشلي العسكري، عارضاً عليه المطالب التركية وحذره من جدّية التهديدات التركية هذه المرة في حال عدم تحقيقها، إلا أن صحيفة “الوطن” أكدت عدم الوصول لأي نتائج حتى الآن.
تلك الشروط والتي من ضمنها إعادة انتشار النظام مكان قوات قسد المنسحبة في حال حصوله، هي من أساسيات التفاهمات التي تطالب بها تركيا، روسيا بعد اتفاق سوتشي 2018، واتفاق 2019 الثلاثي الروسي-الأميركي- التركي، لكن في المقابل ذكّر المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف الجانب التركي بأن هناك تفاهمات يجب على الأخير تنفيذها.
وقال لافرنتييف لوكالة “تاس” الروسية، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “لا يقول شيئاً عن تنفيذ الاتفاقات الخاصة بإدلب شمال غرب سوريا”، موضحاً أنها إبعاد تحرير الشام وكذلك الفصائل المعارضة المدعوم من تركيا، عن الطريق الدولي “إم4″، وبالتالي مزيداً من قضم المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
مناورة روسية
ويوضح الكاتب السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو أن إبعاد قسد هذه المسافة مقابل الشريط الحدودي التركي-السوري من خلال الجهود الروسية ليست هي المطلب الأساسي لتركيا، وإنما دخول القوات التركية إلى تلك المناطق وهدم التحصينات والمعسكرات ومخازن الأسلحة التابعة لقسد.
ويقول كاتب أوغلو ل”المدن”، إن “تركيا لن تنطلي عليها الحيل الروسية”، موضحاً أنها تعهدت القيام بذلك في 2019، لكن بعد انتظار 3 سنوات حصل العكس، حيث تمركزت الوحدات الكردية بشكل أكبر ضمن تلك المناطق وهاجمت الداخل التركي، وما تفجير إسطنبول وهجوم مرسين وأيضاً القذائف التي تتساقط على المدن التركية، إلا دليل على عدم جدية موسكو بإخراج فعلي وحقيقي لقسد، وفق تعبيره.
ويصنّف كاتب أوغلو الجهود الروسية بأنها تأتي في إطار المناورة السياسية، مؤكداً أن أنقرة تسعى إلى الحفاظ على ما حقّقته من مكتسبات مع حلفائها، وبالتالي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من البدء بالعملية العسكرية التي قال إنها قريبة جداً.
أنصاف الحلول
لكن الباحث في العلاقات الروسية-التركية بسام البني يرى في المسعى الروسي لتحقيق المطالب التركية وإبعاد قسد، تفهماً روسياً لهواجس تركيا الأمنية في مقابل تفهم تركي لهواجس موسكو الأمنية بوجود تحرير الشام المصنفة على لوائح الإرهاب على حدود مناطق سيطرة النظام.
ويقول البني ل”المدن”، إن موسكو متمسكة بالاتفاق وإبعاد تحرير الشام عن الطريق الدولي “إم-4” وبالتالي إذا نجحت في إقناع قسد بإبعاد قواتها المسافة المتفق عليها، فإنه يصبح على تركيا لزاماً أن تفي بتعهداتها أيضاً، لأن روسيا لا تقبل بأنصاف الحلول. وفي الوقت نفسه، يرى البني أن تحقيق المطلب التركي مرتبط بالتفاهمات الروسية مع الولايات المتحدة وليس فقط مع قسد، وبالتالي فإن تحقيقه هو أمر معقد وليس سهل الحدوث.
ويتفق الباحث السياسي محمود علوش مع البني، ويوضح ل”المدن”، أن الإشارة الروسية إلى إدلب، مهمة جداً، وتعكس رغبة موسكو بأن يكون أي اتفاق تصل إليه مع قسد، مقترناً مع تحركات تركية من أجل تحجيم دور ونفوذ تحرير الشام في إدلب. لكن علوش يرى أن أنقرة ستواجه صعوبات كبيرة في تحقيق المطلب الروسي، وما سيعقب ذلك من صراع مع الفصائل المعارضة على الأرض.
المصدر: المدن