تتواصل حالات اللجوء السوري، وتستمر وتتعدد أوجه التهجير القسري للسوريين، ويتوجه الإنسان السوري إلى كل بقاع الأرض نحو ملاذات آمنة، لايلوي على شيء، فالواقع في الداخل السوري لم يعد بالإمكان تحمله، سواء كان تحت سلطة الإجرام الأسدي، أو في أماكن هيمنة (قسد) الإرهابية، أو حتى ضمن سيطرة حكومتي (المؤقتة) و(الإنقاذ). الوضع المعيشي والأمني الصعب، والاعتقال السياسي يستمر، وكم الأفواه مابرح هو السياسة السائدة والطاغية، إذ لا كرامة للإنسان، ولا حرية ولا دستور ولا سيادة للقانون، في وقت يتواصل فيه الطغيان الأسدي فسادًا وإفسادًا في كل مناحي الحياة، حتى بات الشعب السوري لايعرف نهاره من ليله، ولا أمسه من آنه أو غده. وملك الكبتاغون المصنف عالميًا ووفق القانون الأميركي هو من يحكم ويهيمن على معظم السوريين، فكيف يمكن أن يكون مستقبل هذا الشعب على أيدي تجار المخدرات وقتلة الناس ومعتقلي البشر.
لعل حال السوريين في بلاد اللجوء ليس أفضل كثيرًا من أحوالهم تحت سلطة الأسد الطغيانية، فالعنصرية تطالهم من جهة، والقوانين الجائرة والقرارات التضييقية من جهة أخرى، ناهيك عن أحوالهم الأكثر خطورة أثناء التهجير في الغابات أو البحار، والأخطار المحدقة التي تودي بهم إلى المهالك. وليس هناك من اهتمام عالمي بحيوات السوريين، بل الظاهرة الأبرز كانت خلال السنوات الأخيرة هي التخلي والخذلان، والانعطافات المتنوعة، حتى بات لاوجود لمستقبل واضح أمام أي سوري، ولا آفاق بائنة يمكن الاستناد إليها، ولا أثر لمن يضغط جديًا باتجاه تطبيق القرارات الدولية/ الأممية الخاصة بالوضع السوري. الجميع منهمك بمشاكله من الدول الكبرى، ومايعنيهم هو الانشغالات النفعية المصلحية البراغماتية، عبر استراتيجيات تلك الدول، التي تعول على أمنها القومي ومصالحها التجارية وأمن إسرائيل بالضرورة . خاصة بعد الحرب البوتينية التي قاربت العام ضد شعب أوكرانيا، وانشغال الغرب كله بها، واهتمامه بمستقبل هذه الحرب، التي ستؤثر في إعادة بناء ملامح نظام عالمي جديد قد لايكون أحادي القطب، بل متعدد الأقطاب، حيث تغرق روسيا في حربها ضمن الوحل الأوكراني، وتدفع المزيد نحو أزمة طاقة عالمية، وحالة من التضخم نال الشعب السوري منها الكثير.
التغريبة السورية جاوزت بألمها وحرقتها وضياعها التغريبة الفلسطينية، واللجوء السوري بات الأكبر عالميًا، في العصر الحديث، كما أن الخذلان هو الاكبر أيضًا، حيث تشهد المنطقة برمتها انزياحات استراتيجية تترك آثارها على مجمل الوضع السوري، والمسألة السورية، وتزيد من آلام ومعاناة السوريين، وتقض مضاجعهم، بين لاجيء ونازح ومهجَّر قسري، او معتقل أو مغيب لايعرف أحد مصيره في سجون الاستبداد الأسدي، بدعم إيراني/ فارسي وروسي، وفرجة من قبل دول الجامعة العربية، والكثير من دول العالم (المتحضر ). والسؤال: أين القانون الدولي الإنساني من جريمة العصر في التهجير القسري للسوريين، لأكثر من نصف الشعب السوري، بين نازح ولاجيء، وأين هي قوانين اللجوء التي أصموا آذاننا بها، حيث تُركن على الرف، ويبحث اللاجيء السوري عن منفذ أو مخرج لمأساته دون الإمساك بأي من هذه المخارج أو الحلول، حيث لا يؤمن النظام السوري المجرم إلا بالحل الأمني العسكري، الذي اتبعه ومشى به منذ بدايات الثورة السورية أواسط آذار / مارس 2011 ومازال مستمرًا في قمعه للسوريين، والمقتلة الأسدية تتواصل يومًا إثر يوم، والتهجير واللجوء يستمر بشكل أكثر فداحة وأكبر حجمًا وأشد مرارة.
المصدر: إشراق