عود على بدء في قضية اللاجئين السوريين التي أصبحت ضمن البازار السياسي والتي يصر عليها الروس ولا يرغب بها النظام والتي يجب أن تكون ضمن إطار تفاوضي حقيقي يفضي الى تطبيق القرار2254 بما ينص على إنشاء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات ودستور جديد يتوافق عليه السوريين وفك أسر المعتقلين وكشف مصير المخطوفين وبغير ذلك لن تكون هناك عودة آمنة لأي سوري يعود إلى بلده، فقد كان مصير الكثير ممن خدعوا بوعود النظام وعادوا، كان مصيرهم الاعتقال أو الموت على يد جلاوزة النظام وعصابته. عدا عن ذلك فالبلد بوضعه الراهن اقتصاديًا ومعيشيًا ينهار يومًا بعد يوم وليس هناك مقومات للحياة في ظل هذه العصابة الحاكمة والمتحكمة بمصير شعبنا المكلوم والمظلوم. وغالبية اللاجئين والنازحين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام فقدوا بيوتهم وأموالهم بالمصادرة أو السرقة أو غيرها فإلى أين العودة في ظل هذا الوضع الكارثي.
لاشك بأن معظم اللاجئين والنازحين لديهم الرغبة والحنين للعودة إلى وطنهم وأرضهم ولكن هذه العودة لها شروطها كما أسلفنا وإلا فهي تسليم هؤلاء المستضعفين الذين فقدوا كل شيء إلا إيمانهم بوطنهم وأرضهم التي انتزعوا منها على يد عصابة مجرمة آثمة. تسليمهم إلى ذلك السفاح ليكمل فيهم مابدأه وبذلك نكون قد ساعدنا المجرم على إجرامه وأعدنا تأهيله ليستمر في طغيانه وجبروته، ومع أن الشرائع الدولية قد صنفته مجرمًا وقاتلاً وزعيمًا لعصابة إنتاج وتهريب المخدرات، إلا أنها تركته يسرح ويمرح ويروج لأكاذيبه وترهاته فلا عدالة ولا قصاص ولا محاسبة بل مجرد كلام وحصار يتعب الشعب أكثر مما يتعب النظام الذي يخرج بين الفينة والأخرى غير مكترث بما يحصل ليروج لانتصاراته المزعومة ولخططه المستقبلية للاستمرار بالحكم كزعيم عصابة أو رئيس لافرق عنده.
بهذا الوضع المتأسن والمستمر لأكثر من عقد يروج الآن إلى تطبيع جديد بين النظام وتركيا التي تضم على أراضيها أكثر من ثلاثة ملايين لاجئء ومحاطة بطوق من النازحين على حدودها الجنوبية بالإضافة إلى قسد التي تسيطر بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركا على ثلاث محافظات رئيسية هي الرقة ودير الزور والحسكة والتي يقودها أكراد قنديل المصنفين دوليًا على لائحة الإرهاب وترفض تركيا وجودهم إذ قامت بأكثر من عملية عسكرية في الشمال السوري لإبعادهم عن حدودها بمسافة 30 كيلو متر لتدرأ إرهابهم واعتداءاهم المتكررة، ولتنهي أيضًا طموحهم بإقامة كيان مستقل إسوة بأكراد العراق تمهيدًا لإقامة الدولة الكردية التي يحلمون بأنها ستضم أكراد تركيا أيضًا.
لاشك بأن المسألة السورية تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم فلا ندري أي اليد هي العليا في مناطق سيطرة النظام، هل هي لحزب الله اللبناني الذي أعلن أكثر من مرة أنه هو الذي حمى النظام من السقوط الذي كان حتميًا،أم إيران التي سارعت بالتدخل مع حزمة من المليشيات الطائفية العراقية والأفغانية وغيرها لتبدأ بتثبيت أركانها على الأرض وتقوم بتغيير ديموغرافي متسارع ظنًا منها أن هذا سيحميها ويثبت أركانها وتناست أن الفرس كانوا دائمًا أينما حلوا مخربون للبنيان لا معمرين له فالحضارة الفارسية هي على مر العصور حضارة هدم، بقي الروس ومرتزقتهم من فاغنر وغيرها والذين استحوذوا على اقتصاد البلد لسنوات طويلة وأسسوا مراكز بحرية وجوية طالما حلموا بها من عشرات السنين بعد أن دمروا وقتلوا واستباحوا ماطاب لهم بدعم من النظام وايران. صحيح أن النظام متواجد على حوالي 60% من الأراضي السورية ولكنه لايملك من أمره إلا القليل، فمع من التفاوض ومع من الاتفاق وهو معروف عنه أنه لايحترم عهوده واتفاقاته وليس بقادر على تنفيذها ولو أراد.
التفاوض مع النظام وروسيا وإيران المحتلتين يجب أن يكون حول تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 ومخرجاته وبه فقط يمكن أن يكون عودة للاجئين مع أنه قرار الحد الأدنى وكما صرح المسؤولين الأتراك يجب أن يتمسكوا بماقالوه بتنفيذ هذا القرار والقرارات المساندة له وحتى يتم ذلك مازال أمامنا وقت طويل من الانتظار والترقب والمماحكات التي اعتدنا عليها من النظام ومثالنا ماثل أمامنا فما يسمى اللجنة الدستورية لم تخطو خطوة واحدة باتجاه الأهداف التي شكلت من أجلها من أكثر من سنتين.
أعان الله سورية وشعبها وخلصها مما هي فيه على يد هذه العصابة المجرمة.
المصدر: إشراق