بسام محمد شلبي
عاشت البشرية فترة طويلة من حياتها على حيرى اتجاه ظاهرة الزلازل والهزات الأرضية مما أعطاها هالة أسطورية في مختلف الحضارات حتى تم التوصل لأسباب حصولها مطلع القرن العشرين عندما اكتشف أن القشرة الأرضية الصلبة تتكون من عدة صفائح تعوم على سائل من المهل مما يجعلها في حالة حركة دائمة بطيئة جدًا بسبب كتلتها الضخمة مع ذلك فإن هذه الحركة تولد قوة كامنة هائلة في جوف الأرض نتيجة احتكاك أو تصادم الصفائح التكتونية تؤدي إلى خروجها في لحظة ما على شكل موجات اهتزازية ضخمة لتفريغ تلك الطاقة الكامنة وهو ما يسبب الزلازل وغالبًا ما يتبع كل زلزال عدة هزات ارتدادية عادة تكون أضعف وذلك لاستعادة التوازن نتيجة التغيرات الجوفية التي يحدثها الزلزال.
تقاس قوة الزلزال بعدة طرق أهمها يعتمد حساب كمية الطاقة المتحررة من الزلزال، ويمكن قياس تلك القوة من عدة أنواع من المقياس أشهرها مقياس ريختر المكون من 10 درجات، وهو عبارة عن مقياس لوغاريتمي ابتكره العالم الأميركي “تشارلز_ريختر” في العام 1935م,
ومن خلال هذا المقياس يلاحظ أن كل درجة من درجات قوة الزلزال تحرر طاقة أكبر من الدرجة التي قبلها ب32 مرة، أي أن الزلزال بقوة 5 درجات ريختر يحرر من الطاقة 32 ضعف الطاقة المحررة من زلزال بقوة 4 درجات ريختر، و 1024 ضعف الطاقة المتحررة من زلزال بقوة 3 درجات. هذا يعني أن زلزال قوه ٦ أقوى بألف مرة من زلزال بقوة ٤ درجة على مقياس ريختر
وزلزال قوة ٨ أقوى بألف مرة من قوة زلزال ٦ درحات ريختر.
أنواع الزلازل:
*زلازل بقوة من ١ الى ٣.٥ على مقياس ريختر يسمى غير محسوس ولا يمكن للبشر الإحساس به لكن قد تشعر به بعض أنواع الحيوانات.
*زلزال بقوة ٣.٦ إلى ٤.٥ على مقياس ريختر يسمى الزلزال المحسوس ويشعر به البشر يزداد هذا الشعور كلما كان الارتفاع الذي أنت فيه لكنه لا يسبب أضرار. قد يؤدي في بعض الأحيان لسقوط الأغراض عن الأرفف في الأدوار العليا.
*زلزال بقوة ٤.٦ إلى ٥.٥ على مقياس ريختر يسمى الزلزال المخرب. وهو يؤدي إلى حدوث شروخ أو تصدعات بالأخص في المباني القديمة أو المنشأة دون الأخذ بعين الاعتبار حسابات الزلازل وقليلًا ما يسبب انهيار المباني التي ليس فيها مشاكل إنشائية أساسية.
*زلزال بقوة ٥.٦ الى ٦.٥ على مقياس ريختر يسمى زلزال مدمر وهو يسبب شروخ وتصدعات في المباني العادية يجعلها غير قابلة للسكن أو الاستخدام ويسبب انهيارات جزئية أو كلية في المباني القديمة أو المباني العالية التي فيها غش تجاري أو عدم الاحتياطات للمتطلبات الزلزالية أثناء التصميم.
*زلزال بقوة ٦.٦ الى ٧.٥ على مقياس ريختر
زلزال شديد التدمير وهو يؤدي إلى انهيار المباني التي لم يتم تصميمها وفق حسابات إنشائية للقوى الزلزالية بالأخص المباني التي ارتفاعها أعلى من ١٥ متر.
*زلزال بقوة ٧.٦ الى ٨.٥ زلزال كارثي ولا يصمد أمامه إلا المباني المصممة بطرق مقاومة للزلازل. تعتمد على تكنولوجيا عالية في البناء غالبًا لا توجد إلا في اليابان والولايات المتحدة والصين مؤخرًا.
زلزال ٦ شباط:
يعتبر الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سورية من الزلازل شديدة التدمير حسب ما ذكرناه سابقًا حيث زادت قوته عند المركز قرب كهرمان مرعش عن ٧.٥ درجة على مقياس ريختر ومن الطبيعي أن يخلف هذا النوع من الزلازل الكثير من الدمار في البنية التحتية والأبنية ولكن أيضًا لابد من القول أن عدم التزام المقاولين والمطورين العقاريين بكود الزلازل الخاص بالمباني في تركيا أدى إلى زيادة الخسائر المادية والبشرية علمًا بأن تركيا تمتلك كود خاص بالزلازل من عام ١٩٤٦ وقد تم تطويره أو تعديله عدة مرات آخرها عام ٢٠١٢.
ومن المعلوم لدى كل الأوساط الهندسية أن تركيا تقع عند خطوط فاصلة بين الصفائح الأرضية وهي معرضة للزلازل بشكل دائم وكان هناك عدة زلازل قوية في القرن الماضي مع ذلك فقد تم التساهل وضعف مريب في الرقابة على المباني والمنشآت وضعف مراقبة جودة مواد البناء مما ضاعف الخسائر المتوقعة من زلزال لا ينكر أحد أنه قوي جدًا.
ولكن انهيار أو تصدع هذا العدد الكبير من المباني المشادة بعد العام ٢٠١٢ يؤكد أن على السلطات التركية إعادة النظر في طرائق الرقابة على المباني ومواد البناء والمقاولين في المستقبل.
ولن نتحدث عن الشمال السوري الذي يعيش في حالة شبه غياب للدولة منذ عقد وحالة فساد شامل قبلها بعقود انتجت كتل كبيرة من الأبنية المخالفة المتراصة بلا تراخيص أو رقابة.
فكان ضحاياها من الفقراء والبسطاء الذين طالما حلموا بسقف وجدران تأويهم مع دخولهم المنخفضة دون أن يعلموا أن هذه الأسقف ليست الأمان لحياتهم بل الخطر عليها.
رحم الله من قضوا في هذا الزلزال المدمر في تركيا وسورية وشفى الله جرحاه وأعان معوقيه ومشرديه. ولكن أيضًا يجب أن يكون نقطة فاصلة لإعادة نظر شاملة في كثير من مناحي حياتنا.
المصدر: إشراق