أشرف سهلي
في ضوء الجلسة القيمة التي بادر التجمع الفلسطيني السوري “مصير” بتنظيمها بتاريخ 13 أيلول/سبتمبر 2024 والتي جمعت شخصيات فلسطينية وسورية لديها رؤية مشتركة حول تكامل القضيتين الفلسطينية والسورية والعمل المشترك للدفاع عن عدالة الثورتين ونقاط اشتراكهما وفهم خصوصية كل منهما ونبذ التناقضات ولا سيما في أعقاب تصاعد الجدل والتراشق بين كثير من السوريين والفلسطينيين بعد عملية “طوفان الأقصى” وهو ما أدى لحالة ساد خلالها تشويه متبادل للنضال الفلسطيني المشروع والثورة السورية المحقة، يمكن تقديم جملة من الاقتراحات العملية للدفاع المشترك عن القضيتين ونبذ الأصوات المفرقة بين الشعبين:
– جعل التعاون الفلسطيني السوري أبعد من معركة مرحلية على طريق التحرير تخاض ضد الاحتلال الصهيوني في فلسطين أو ضد الاحتلالات الأسدية والإيرانية في سوريا.
– زيادة التواصل واللقاءات بين الناشطين والفاعلين الفلسطينيين والسوريين المستقلين وجعلها حالة دائمة مستمرة، وتنويع تخصصات ونوعية هذه اللقاءات وإثرائها بشرائح كثيرة من الشبان والشابات الملتزمين تجاه القضيتين بما يضمن تشكيل مرجعية يقودها هؤلاء الفاعلون في الثورتين بنفسهم باعتبار أن هذه اللقاءات والمرجعية الفاعلة هي خط الدفاع الفكري والإعلامي والتوعوي الأول عن فلسطين وسوريا وشعبيهما.
– تسجيل وتداول ونشر أبرز ماتتضمنه اللقاءات والندوات من حقائق ومعلومات ومحاضرات ونقاط اشتراك كمادة معرفية مرجعية لهذه القضية ونقطة انطلاق وتوعية يمكن أن يبنى عليها للحفاظ على حيوية النضال والتبني المشترك للثورتين من قبل الأفراد والجماعات.
– ضمان أن أساس التواصل وحركة التوعية المشتركة للدفاع عن الثورتين غير موجهة سياسيا أو مؤدلجة فكريا بل يسودها الطابعان الشعبي والنخبوي (الأكاديمي والثقافي) متشابكين معا، بما يضمن أن يتكامل الشعبي والنخبوي في هذه العملية وألا يقع شرخ بين الفئتين العامة القاعدية والمثقفة لكون كلتيهما قادرة على التأثير الفعال.
– دعوة شخصيات سورية وفلسطينية تنشط إلكترونيا وسياسيا في دعمها للقضيتين معا ولاتزال مستمرة في ذلك حاليا، ولديها تأثير شعبي وازن خاصة في مقدمها فئات المؤثرين الإلكترونيين والإعلاميين والجامعيين الشباب والشابات ممن لديهم الرغبة والمبدأ المستدام لتبني كلا القضيتين معا والقدرة على التأثير للمشاركة في هذه اللقاءات وتقديم رؤيتهم بصورة دورية بما يضمن رأب أي صدع ينشأ والتصدي لأي تراشق تخلقه الأحداث الجارية التي بطبيعة الحال لن تنتهي قريبا.
– ضرورة التذكير الدائم وبشكل منهجي من خلال ندوات وجلسات يتم تسجيلها ونشرها للعامة عن دور الفلسطينيين في الثورة السورية وجعل هذا الشق كما لو أنه من أدبيات الثورة السورية وهو ما يعد المفتاح الجوهري للربط المعاصر بين القضيتين ودماء الشعبين وهو ما يمنع في حال تحقق أي قفز على أحقية الثورة السورية بنظر شرائح فلسطينية وأحقية النضال والمقاومة الفلسطينيتين بنظر شرائح سورية ويضع حدا واضحا يميز ويفرق بوضوح بين الفعل النضالي الشعبي المشروع واستخدام ذريعة “الفعل النضالي المؤدلج” لإثارة التناقضات ولنسف النضال المشروع وأحقيته، وذلك للتصدي لأي أصوات تخدم بشكل مقصود أو غير مقصود نظام الأسد المجرم والكيان الصهيوني الإرهابي في حروب الإبادة التي يخوضانها ضد الشعبين وعموم شعوب المنطقة.
– ندوات توضح طبيعة الوجود الفلسطيني في سوريا وتاريخه يقدمها متخصصون في هذا الشأن للتوعية بحقيقة أن المكون الفلسطيني جزء أصيل من الشعب السوري منذ ماقبل حقبة الأسدين شأنه شأن كل المكونات السورية الأخرى مع وجود بعض الخصوصية.
– التذكير الدائم يشتى الطرق الممكنة بدور السوريين في النضال الفلسطيني خلال حقبة الانتداب البريطاني وماتلاها وبحقيقة أن سوريا وفلسطين هما منطقة طبيعية واحدة وذلك باستخدام شواهد تاريخية ووثائق.
– التعرية الدائمة بشتى الطرق الممكنة لنظام الأسد وعلاقته بإسرائيل وتعرية دور إسرائيل في تحطيم سوريا وتشويه الثورة وضربها ودورها في الحفاظ على نظام الأسد وحقيقة التخادم بين النظامين ومعهما النظام الإيراني لإجهاض الثورة السورية وتمييع المقاومة الفلسطينية وإضعاف موقفها وكذلك توضيح التخادم بين إسرائيل والنظام العربي ضد الثورات العربية وضد النضال الفلسطيني وذلك باستخدام الشواهد التاريخية والوثائق وبشكل ممنهج وأكاديمي من قبل متخصصين.
– التعرية الدائمة بشكل منهجي وبالوثائق لدور نظام الأسد في إضعاف حركة التحرر الفلسطينية تاريخيا وصولا إلى المرحلة الحالية،وكذلك الوقوف على الواقع الموثق السياسي والمعيشي وكل المتغيرات التي طرأت على فلسطينيي سوريا بعد الثورة السورية بشكل خاص وذلك لبناء تصور مترابط وشامل عن طبيعة علاقة هذا النظام مع الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله في مختلف المراحل داخل سوريا وفي محيطها وفهم خصوصية هذه العلاقة المبنية على الإذلال والإجرام في حالتي ماقبل الثورة السورية ومابعدها.
– مواصلة النشر عبر المنصات للقضيتين معا وإيجاد كل نقاط الربط بينهما والنشر حولها واستثمار أي تفصيلة أو حدث أو قصة من فلسطين أو سوريا لتعزيز هذا الربط والتشابك والتشابه بينهما مهما بدا صغيرا.
– ضرورة وإن كان ذلك من الأساسيات إعادة سرد وعرض تاريخ نشوء القضية الفلسطينية واحتلال فلسطين ضمن سلسلة جلسات وندوات بين الأوساط السورية بهدف التثقيف بخصوصيتها من جهة ومركزيتها من جهة أخرى، والتأكيد على فكرة أن الصراع هو صراع عربي صهيوني وليس فلسطينيا إسرائيليا فحسب وبأن الكيان الصهيوني ومعه السلطة الغربية وكثير من الأنظمة الاستعمارية تهدف لتحطيم وتدمير دول المنطقة وشعوبها سواء بوجود أنظمة قمعية متحالفة ومعادية لهم وثورات ضدها أو عدمه واستخدام كل القدرات والإمكانيات والظروف التي تتاح لفعل ذلك، وكذلك الأمر سرد وعرض تاريخ حقبة القمع والاستبداد الأسدية وماسبقها من ذاكرة سورية والحراكات الشعبية المتكررة ضد الاستبداد والقمع التي كانت آخرها الثورة السورية الحالية لوضع سياق تاريخي صحيح والتوعية للأمر لدى أوساط كثير من الفلسطينيين، وذلك للتأكيد على أن خصوصية القضيتين ونشأتهما وأي نقاط تناقض واشتراك بينهما ليست وليدة الأحداث الحالية ولا تبرر حالة الانكفاء على الذات لأي من أفراد الشعبين باعتبار أن نقاط الاشتراك هي الأساس والتناقضات هي الحالة الخاصة.
– احترام حق الأفراد في النقد السلبي للقوى والفصائل والأحزاب على الجانبين (الفلسطينية من قبل فلسطينيين أو سوريين) و(السورية من قبل سوريين أو فلسطينيين) إن كان نقدا مبنيا على اختلاف إيديولوجي أو سياسي، شريطة أن يكون صاحب النقد يبني نقده على أساس (الحرية لا تتجزأ) ويحترم أحقية الشعب الآخر بالنضال والثورة بل ويتبنى قضية تحرر فلسطين إن كان سوريا وتحرر سوريا إن كان فلسطينيا ويبتنى القضيتين بوضوح في مواقفه ولديه المقدرة الكافية على التمييز بين نقاط الاشتراك والخصوصية لكل من القضيتين عند الخوض في النقد كي يكون نقدا واعيا بناء ويخدم تحرر الشعبين وألا يقع في محظورات تخدم أعداء الشعبين.
– الابتعاد عن التراشق الإلكتروني والإعلامي مع الشخصيات أو الكيانات التي تثير الخلافات والتناقضات إن كانت من السوريين أو الفلسطينيين أو غيرهم والاكتفاء بالخطوات العملية السابقة دون النزول إلى مستوى التراشق معها بل الترفع التام عنه إن كان يمس القضيتين أو يمس أيا من الشخصيات التي تتبنى الدفاع المشترك عنهما وذلك كطريقة فعالة للتصدي لتلك الأصوات وتهميشها.
– صحفي فلسطيني سوري مقيم في هولندا