أحمد مظهر سعدو
في عيد العمال العالمي، وحيث يحتفل عمال الكرة الأرضية بعيدهم السنوي، نتوقف بإمعان مع معناة العامل السوري في الداخل السوري، كمافي بلاد التهجير القسري، حيث المعاناة والقهر وهضم الحقوق، الذي يبدأ لكنه لايبدو سينتهي في المنظور القريب، بل لعله يزداد يومًا إثر يوم، وساعة بعد ساعة، سلبًا للحقوق وقهرًا مواكبًا لا ينتهي ولا يتوقف أبدًا.
فمنذ أيام حكم المقبور حافظ الأسد التي بدأت مع انقلاب 16 تشرين ثاني/ نوفمبر 1970 يعيش العامل السوري بل وكل قطاعات الشعب السوري، حالات من هضم الحقوق وإلغاء الوجود الفاعل، وإنهاء الدور السياسي للطبقة العاملة، وزج كل من له دور فاعل وحركي مناهض لسياسات الأسد، في غياهب المعتقلات وسجون الطغيان الطاغوتي.
يعيش العامل السوري قسوة العمل وظروفه الصعبة، كمايعيش ذل وشح المرتبات الضئيلة التي لا تكاد تكفي قوت يومه، ولا تفي بحاجاته اليومية، ولا توازي ارتفاعات الأسعار المتواصلة اضطرادًا، وانخفاض سعر الليرة السورية غير المسبوق، حتى أضحت في مهب الريح، تتقاذفها الأمواج، وتنتهي إلى فقدان القيمة كليًا، ولعل أسوأ أيام العامل السوري صعوبة وقهرًا، هو مايعانيه اليوم، خلال العقد الأخير من هذه الألفية، إبان حالة العنف والقتل فيما سمي بالمقتلة الأسدية، التي تركت آثارها الكبرى، ليس على العامل فقط، بل على كل أطياف وقطاعات الشعب السوري، حيث مايزال القتل مستمرًا، وكذلك انتهاك جميع الحرمات، والتعدي على حيوات الناس التي باتت قائمة ومتواصلة، على أيدي جلادي فاشيست العصر من آل الأسد، ناهيك عن إيصال العامل والمواطن السوري عن سابق تصور وتصميم، إلى أن يتجاوز لديه خط الفقر حسب المعايير لبدولية، التسعين بالمئة، وخط الفقر المدقع عتبة الخمسة والستين بالمئة، وهو وضع معيشي لم يسبق له أي مثيل بتاريخ سورية، حتى أيام الوجود والاحتلال الفرنسي لسورية أو غير ذلك من الحقب التاريخية التي مرت على السوريين.
أما اليوم وفي بلاد اللجوء والتهجير القسري، حيث تجاوز عديد من هُجِّر على أيدي النظام السوري ١٤ مليون شخص، بين لاجيء ونازح، حيث راح أصحاب النفوس الضعيفة من أرباب العمل في تركيا وسوى تركيا، يمارسون كل حالات هضم حقوق العامل، مخالفين بذلك كل القوانين الوضعية المحلية والعالمية التي يفترض بها أن تحفظ حق العامل وهي التي جاءت نتيجة نضالات وتضحيات عمالية كبيرة في العالم، على كل المستويات من الأجور المجزية، إلى تخفيص ساعات العمل، إلى الصحة، إلى الأمومة، إلى التعويضات، وكل مايتعلق بحق العامل المنصوص عنه قانونًا.
لقد باتت حيوان العمال السوريين محفوفة بالأخطار من كل جانب، وراحت هذه الحقوق تتبعثر على أيدي الجشع والعسف، لدى بعض أرباب العمل الفاسدين، حتى وصلت إلى الطرد من العمل دون أي سبب أو أية حقوق، ومن ثم تخفيض الأجر إلى مادون الحد الأدنى للأجور المنصوص عليه قانونًا في كل دول العالم.
المصدر: إشراق