سري القدوة
الشعب الفلسطيني لا يزال ضحية مستمرة للاحتلال والاستعمار وأيضاً ضحية للفشل الدولي في توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين الذي يعكس ازدواجية معايير دولية في التعامل مع القانون الدولي وتطبيقاته الملزمة ومبادئ حقوق الإنسان التي يتم النظر إليها بمعايير متناقضة، الأمر الذي يفقد مؤسسات الشرعية الدولية ما تبقى لها من مصداقية بشأن تحمل مسؤولياتها القانونية الأخلاقية تجاه معاناة شعبنا وحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير بعيداً عن الاحتلال والاستعمار والحصار .
الاحتلال الإسرائيلي الغاشم يفرض عقوبات جماعية شاملة على المدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس، مستغلة غياب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لعدوان متواصل منذ السابع من تشرين الأول الجاري وأنه في الوقت الذي يتعرض قطاع غزة لأبشع المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين ومنازلهم ومرتكزات حياتهم، تواصل قوات الاحتلال التصعيد في اقتحاماتها واستباحتها للمدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، وتستمر في إغلاق الضفة وتحويلها إلى سجن كبير، وتقطيع أوصالها وشل حركة المواطنين، كما يواصل المستعمرون اعتداءاتهم بحق المواطنين ومنازلهم وأرضهم وأشجارهم، بحماية جيش الاحتلال، الأمر الذي يُنذر بتفجير ساحة الصراع برمتها .
في ظل ممارسة العنصرية والتميز تستخدم سلطات الاحتلال القمعي الإسرائيلي بكل وقاحة سياسة التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين في غزة حيث أصبح الوضع مروع للغاية في ظل غياب الإنسانية وإن المدنيين في غزة يتعرضون للعقاب الجماعي على نظر ومسمع من العالم، ولا يمكن وجود أي مبرر لاستخدام التجويع كسلاح في الحرب ولا يمكن لزعماء العالم أن يستمروا في الجلوس والمراقبة فهم ملزمون بالتحرك العاجل وإنهاء هذا العدوان الظالم على الشعب الفلسطيني وأهمية توفير الحماية للسكان .
ومع شروق شمس اليوم التالي تتفاقم الأوضاع حيث يتنصر الجميع دوره في نيل الشهادة او الإصابة بينما يبحث من بقي حيا عن رغيف خبز او شربة ماء ويعاني الأطفال من صدمة شديدة بسبب القصف المستمر، كما أن مياه الشرب ملوثة وأصبحت الأسر بدون طعام او دواء فكم من المتوقع أن يتحمل سكان غزة ؟
وبعد تدمير أكثر من نصف مباني ومنازل قطاع غزة وما ألت إليه الأوضاع في القطاع بات المطلوب حالياً وأكثر من أي وقت مضى، تحرك دولي عاجل لإنصاف شعبنا وحماية المدنيين الفلسطينيين، وخلق مناخات جديدة لتمكينهم من استعادة الأمل لحياة حرة وكريمة في أرض وطنهم، عبر مبادرات وإجراءات دولية شجاعة وملزمة، تنهي العدوان على شعبنا وتضمن له حقوقه واحتياجاته الإنسانية كاملة بشكل مستدام، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ورسم خارطة طريق تفضي إلى إنهاء الاحتلال ضمن سقف زمني محدد .
وما من شك بان اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار حماية المدنيين والتمسك بالالتزامات القانونية والإنسانية وأن تصويت 120 دولة لصالح القرار، يعني أن العالم يؤكد رفضه للعدوان على شعبنا وتهجيره من أرضه وإحداث نكبة جديدة ويجب التحرك العاجل والتعامل من قبل المجتمع الدولي بكل جدية مع هذه النتائج والتي تؤكد دعم العالم للحقوق الفلسطينية .
أن أغلبية دول العالم لا زالت تدعم عملية السلام الدائم والشامل عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وأنه لا يمكن تحقيق ذلك إلا بالوسائل السلمية، استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ووفقا للقانون الدولي وعلى أساس حل الدولتين .
المصدر: الدستور