تيسير الخطيب
بعد حوالي ٩٥ يوما على بداية الحرب الصهيونية على قطاع غزة ،لم يحقق العدو الصهيوني ايا من اهدافه المعلنه للحرب حسب معظم المحللين ، ولكن العدو الصهيوني قد حول القطاع الى منطقة لا تصلح للعيش بعد تدمير اكثر من سبعين بالمئة من عمرانها ، و كافة المرافئ الصحية والخدمية اللازمة لاستمرار الحياة ، كما لا زال يمنع دخول المساعدات وبشكل خاص الطبية والوقود واشياء اخرى لحرمان شعبنا في غزة من فرصة الاستمرار بالعيش والتمسك بوطنه ودفعه دفعا للهجرة ، وفي هذا الجو تاتي تصريحات كلا من وزراء الحكومة الصهيونية سموتريش ، وبن غافير وغيرهما حول ضرورة تسهيل ما اسموه الهجرة الطوعية “تحت النار” للتخلص من اكبر كتلة سكانية بحيث لا يبقى منهم سوى عدد قليل حوالي ٢٠٠ الف يقومون باعمال الزراعة والبناء وغيرها في داخل اسرائيل ، وهذا بحسبهم يتطلب احتلال قطاع غزة وابقائه تحت السيطرة لمدة غير محدودة ، هذا التصور الذي يقترب بدرجة كبيرة من رؤية نتنياهو للمستقبل او ما يسميه مرحلة ما بعد حماس ، ولكن رياح غزة لا تات بما تشتهيه سفن اسرائيل ، فصمود الفلسطينيون وبطولات المقاومة والنتائج العسكرية على الارض كلها لا تشي بان هذه التوجهات قابلة للتحقق على الاقل من زاوية النتائج الحالية ، والتي ارغمت وزير الدفاع على اعلان الدخول في المرحلة الثالثة من الحرب التي يقلل فيها عديد قواته ويعمل على تنفيذ عمليات محددة كاعمل القصف والاغتيالات والاغارة المحدودة … وما يتبعها ، ولكن الاهم فيما يتعلق بهذه الطروحات هو الانقسام السياسي في مجلس الحرب والحكومة على تحديد ماهو الهدف التالي لما بعد الحرب وضرورة نحديدها وحول تشكيل رئيس الاركان للجنة تحقيق لاحداث ٧ اوكتوبر وهذا على ما يبدو ياخذ منحى انقسام الحكومة وانفراط عقد حكومة الطواريء بانسحاب غانتس ووزراؤه من الحكومة وترك نتنياهو ووزراء اليمين في الحكومة والذهاب الى انتخابات مبكرة تحت تاثير ضغط الشارع الاسرائيلي والضغط الاميركي ، الذي لا يمكن تحقيقه دون انحياز عدد من نواب الليكود الى هذا الرفض لنتنياهو ، وسيبقى الاستعصاء قائما ومنتظرا نظرا لحجم وطبيعة التطورات في الشارع الاسرائيلي ، والضغط الاميركي المنتظر ، على خلفية تاثير تلك الحرب على الداخل الاسرائيلي . فتمرد نتنياهو على الارادة الاميركية ، ووقوعه رهينة احزاب اليمين ، صعد من الضغوط الداخلية عليه من غانتس و الجيش ورئيس الاركان وحتى وزير الدفاع ، وهذا التمرد لنتنياهو الذي لن تقبل به واشنطن وخصوصا انه يتعارض مع خطوط واشنطن العريضة سواء ازاء مدى الحرب واهدافها ومدى تعارض اليمين مع كامل الاستراتيجية الاميركية ازاء المنطقة وعدم استجابته للمصالح الحيوية لواشنطن في المنطقة والعالم.
ويتضح انه طالما حكومة نتنياهو قائمة فان الحرب مستمرة وخطر التهجير تحت النار لازال قائما وله الاولوية لدى نتنياهو وحكومته ، وعدم قبول نتنياهو لاي علاقة للسلطة الفلسطينية بغزة لما يسمى ما بعد حماس يؤكد برنامج نتنياهو الهادف الى التهجير وتصفية القضية الفلسطينية ، ولكن مع العجز المتفاقم للجيش الاسرائيلي وتزايد الانقسامات داخل مجلس الحرب والحكومة والمجتمع الاسرائيلي حول اولويات اسرائيل في هذه المرحلة وتراجع نسب المؤيدين لاستمرار الحرب وتزايد المطالبين بعقد صفقة فورية لاطلاق الاسرى ،ووصول المفاوضات حول اطلاق سراح الاسرى الى استعصاء بعد اغتيال العدو للشيخ صالح العاروري رحمه الله ، كل ذلك يجعل من احتمال تزايد الضغوط الاميركية لاحداث تحول في تركيبة الحكومة وخياراتها امرا واردا وممكنا مما سيعطي فرصة افضل لتصور مستقبل الصراع والى الحدود التي سيقف عندها .