محمد سعدو
تتزايد أزمة السوريين يومًا إثر يوم، مع انعدام أي فرصة نجاة حقيقية، تؤسس لحل سياسي ممكن، أو بصيص ضوء واضح في نفق بات شديد العتمة، ومتاهة واسعة يدور بها الشعب السوري في دوامة لا تنتهي، يصعب إيجاد مخرج لها وسط حالة مأساوية يعيشها النازحون في الشمال السوري، واللاجئون المهجرون خارج حدود الوطن.
ولعل واقع القضية السورية المتأزم دوليًا وإقليميًا وعدم وجود إرادة أممية في إنهاء المسألة جذريًا وإجبار الأسد على الرحيل، كان سببًا أساسيًا لا شك، خصوصًا وأن الانعطاف العربي نحو النظام، بدأ يتزايد بتحركات تطبيعية واستضافته في قمم عربية، وافتتاح سفارات في دمشق وإرسال دبلوماسيين، ظنًا من العرب أن الأسد يمكن أن يحقق خطوات على طريق إظهار حسن النية بتنفيذ تغيير جديد في سورية.
إلا أن غياب الرؤية الثورية أيضًا نحو مستقبل حيوات السوريين، وانشغال الآخرين في الاستفادة قدر الإمكان من هموم السوريين ومعاناتهم، إضافة إلى ولوج البعض الآخر في اصطفافات ارتهانية لا تخدم مصلحة الثورة والوطن، بواسطة أجندات لا تمثل مطالب الأحرار كل ذلك دفع إلى الغرق أكثر بحالة من التيه والانفصام عن حاضر السوريين المؤلم.
ومن الأسباب التي هددت مسيرة الثورة وعمقت المشهد أكثر هو تشرذم قوى المعارضة وتزايد الخلافات والانشقاقات الأيديولوجية، والعداء المستمر بين رجالات السياسة السورية المعارضة بطريقة فظة، باتت تمزق أحلام السوريين بوطن حر ديمقراطي، وتبعثر خططهم وغاياتهم في رسم مستقبل جديد، وهذا ما ذكره وزير الخارجية القطري السابق، وعاد بكشفه أيضًا الباحث السياسي الكويتي ” عبد الله النفيسي ” في آخر حديث له حول الوضع السوري، واضعًا يده على الوجع، ومشخصًا لحالة مرض المعارضة و(تشيزوفرينيا) الابتعاد عن مشروع واضح ينشلنا من عثار كبير، ويغير رؤية المجتمع الدولي، بإثبات أننا أصبحنا موحدين على كلمة واحدة ومشروع واحد يقدم للشعب السوري عن ماهية مرحلة الحكم القادمة، و يجبر بذلك الأسد على الرحيل .
وتجدر الإشارة إلى أن النظام السوري وبحسب مصادر إعلامية عدة، بدأ يتحرك سرًا في محاولة لكسب ود الدول العربية مجددًا عبر قرارات طلبت منه سابقًا، ويبدو أن الأسد يدرس تطبيقها جديًا تزامنًا مع تحركات تركية عراقية تدور في فلك إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق، والواضح أن الطرفيين جادين في المضي عبر هذه الخطوة وسط تهديدات من إعلاميين للنظام نحو اجتياح إدلب. كل هذه التطورات ألا تستدعي تحركًا سياسيًا معارضًا جديًا وحقيقيًا يسعى لتوحيد كل أطياف المعارضة وتلاوينها وكل الشارع الثوري في جبهة واحدة استعدادًا للمرحلة الأصعب وتصديًا لكل مخططات الأسد للنيل من الثورة.
فهناك ضرورة وضرورة ملحة للإسراع في إنشاء جبهة ثورية وسياسية موحدة قبل فوات الأوان والاتفاق على موقف تفاوضي سياسي موحد، واستراتيجية نستطيع أن نبني من خلالها خطواتنا المقبلة وما دون حدوث ذلك لا شك نحن في واقع سيء للغاية، ومصير صعب والتفاهمات الدولية القادمة قد لا تصب في مصلحة الثورة والسوريين، وكل السيناريوهات أصبحت ماضية نحو مصير بائس.