سري القدوة
ما من شك بان تصريحات سفاح غزة قاتل الأطفال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وترويجه الأكاذيب بشأن محور فيلادلفيا للتغطية على فشله في السيطرة على تهريب السلاح من إسرائيل إلى قطاع غزة، وتأتي كرسالة استباقية لواشنطن برفضه أي مقترحات لوقف إطلاق النار، وإجهاض لكل الجهود المبذولة للتهدئة والإفراج عن المحتجزين والأسرى وأنه يمهد من خلال ادعاءاته بتهريب السلاح من مصر وسيطرته على محور فيلادلفيا لإعلان فشله الأمني والسياسي وعدم العثور على المحتجزين أو تحقيق أي انتصار عسكري بغزة والضفة الغربية المحتلة وبات من الواضح ان استياء كل الأطراف من استمرار رئيس وزراء حكومة التطرف في إفشال الوصول لاتفاق هدنة .
وبات المشهد السياسي الإسرائيلي أكثر تأزما من أي وقت مضى حيث ينتظر إسرائيل مزيدا من الانقسام والتأزم الداخلي، مع إصرار رئيس وزرائها نتنياهو على بقاء قوات جيشه في محور فيلادلفيا على الحدود بين مصر وقطاع غزة، وهو ما يعني تعمده المغامرة بالسلام واللعب بالنار التي ستجتاح المنطقة إذا ما أقدم على تنفيذ مخططاته .
إصرار نتنياهو على البقاء في فيلادلفيا هروب للإمام وتحرك يائس من شخص مطلوب للعدالة الدولية، وهو مطلوب أيضا للعدالة داخل بلده بسبب جرائم تمس بالشرف، ولا يعرف كيفية التعامل مع هذا المأزق، والشيء الوحيد الذي يحميه أنه رئيس وزراء في حالة حرب ولذلك بات يغامر بالسلام لمصلحته الشخصية، عبر عرقلة المفاوضات بكل الطرق، ووضع شروط لن يقبل بها أحد متمسكا في تحالفه مع اليمين المتطرف الحاكم حاليا (في إسرائيل) والذي يسعى لضم الضفة واحتلال قطاع غزة وإفراغ مفهوم السلام من محتواه .
نتنياهو يصر على عرقلة جهود التفاوض من خلال فرض الشروط التي يريدها وهو يعرف أنه لا يمكن القبول بمنح الاحتلال الترخيص والشرعية لإعادة احتلاله وسيطرته على قطاع غزة بحجة الأمن ومن ضمن ذلك محور فيلادلفيا وأن موقف نتنياهو من فيلادلفيا حوله جدل عميق داخل إسرائيل نقسها، خاصة مع الخلاف المعلن بينه وبين قائد جيشه يوآف غالانت، فالأول يصر على بقاء القوات في المحور، بينما يرى قادة جيش الاحتلال أنه يمكن الانسحاب منه لإفساح المجال للمضي قدما في صفقة تبادل الرهائن ووقف الحرب، لا سيما بعد مقتل محتجزين مؤخرا وبات من الواضح ان حكومة نتنياهو فقدت الواقعية ولا تريد السلام ولذلك فإنها مستمرة في حربها على الشعب الفلسطيني .
لا يمكن لنتنياهو وحكومة التطرف الاستمرار في خداع العالم وتقديم الأكاذيب والمراوغة حيال القضية الفلسطينية وان وقائع العدوان على الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة شاهدة على جرائم حكومته وما تلك التصريحات التي حاول تسويقها عبر تصريحاته الصحافية إلا تعبيرا عن إفلاسه السياسي وعدم قدرته على مواجهة الحقيقة وإنه لن يكون هناك سلام أو استقرار في المنطقة بالقفز عن الشعب الفلسطيني وتحقيق مطالبه العادلة .
الموقف الفلسطيني الذي حددته إرادة الشعب الحر المناضل واضح ومعروف للعالم اجمع وانه لن يتنازل عنه ومخطئ من يعتقد غير ذلك وأن السلام يبدأ من فلسطين والاستقرار يبدأ بحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وأن الشعب الفلسطيني لن يحيد عن ثوابته الوطنية وسيبقى متمسكا بأرضه ومقدساته، والتاريخ أثبت دوما بأن الاحتلال إلى زوال مهما طال .
المصدر: الدستور