د. مخلص الصيادي
“من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا”.
الضيف وإخوانه يتقدمون ركب الشهداء وقد سبقهم يحيى السنوار واسماعيل هنية ورفاقهما. من كل فصائل الجهاد والمقاومة.
ركب الشهادة لا ينقطع، القادة يتقدمونه، فهم في الصدارة، يتسابقون الى جنة عرضها السماوات والأرض، فهم على الحالين في نصر وبشارة.
ما نشاهده اليوم في ظل عملية تبادل الأسرى يؤكد أن معركة طوفان الأقصى كانت المعركة الفارقة، الفارقة فلسطينيا، والفارقة اسرائيليا، وأن حماس ورفيقاتها سطروا نصرا عزيزا سيبقى خالدا، يزداد قيمة وأهمية مع كل يوم يمضي.
ورغم كل الوحشية والإجرام الذي مارسه الصهاينة ضد البشر والحجر والحياة في غزة، فقد خرج الغزيون في عزة وكرامة، مرفوعي الرأس. وخرج المقاومون وهم أشد بأسا وقوة وإصرار وتمكنا، فيما خرج الاسرائيليون أذلاء صاغرين، لم تستطع قوة الغرب الاستعماري على جبروتها أن تستر عوراتهم، أو تثبت أقدام العوائل الاسرائيلية على أرضنا المغتصبة، فتدافعوا إلى الخارج بعشرات الآلاف لعلهم يجدون ملجأ أو مغارات، في مختلف أصقاع الأرض.
صحيح أن في إعلان حماس عن استشهاد الضيف وعدد من القادة في معركة الطوفان المستمر منذ أكثر من خمسة عشر شهرا افتقاد لصف من القادة الميدانيين ذوي الخبرة والمكانة والعزيمة، لكن ما قد يجهله الكثيرون أن هؤلاء خلفوا وراءهم صفوفا من القادة المجاهدين يختزنون كل ما كان يتمتع به هؤلاء الشهداء، ويزيدون على ذلك بأنهم كذلك يتمثلونهم ثباتا، وخبرة، وإيمانا، وعزيمة، وتصميما، وهنا تكمن المفارقة التي لا يصنعها، ويكشف عنها إلا ركب الشهادة، إذ كلما ارتقى شهيد وغادر قائد كلما شع نور إضافي على طريق الجهاد والنصر، وصارت معالم الطريق أكثر إشراقا، وألقا، وإغراء.
مهم للروح الانسانية. لكل من يملك قيمة إيجابية في الحياة أن ينظر إلى صورة الأسرى من الاسرائيليين المطلق سراحهم، والأسرى من الفلسطينيين المحررين من سجون العدو، وما يختزنه هؤلاء وهؤلاء من صور، وقيم، وذكريات، عن فترة الأسر بكل ما فيها وعلى مختلف الصعد، ولا شك ستكون النتيجة لصالح الفلسطينيين، ولصالح القيم الإنسانية والاسلامية، ولصالح الحق والسلام العالمي.
وفيما العالم كله، والضمير العالمي يلعن النظام الصهيوني العنصري الاجرامي، فإنه يعتز بدون حدود بالسلوك الحضاري عالي المستوى للفلسطينيين في غزة. مقاومين، ومجاهدين وأهالي صامدين.
يا شهداء غزة العزة، ياشهداء الجهاد والشرف، بمثلكم ترتفع الرؤس، أنتم من يصنع لنا شارات النصر، والجيل الذي تربى بين ظهرانيكم، وعلى قيمكم وسلوككم وإخلاصكم حري بأن يسير في طريق الجهاد حتى يقطف ثمار النصر، وليس ذلك على الله بعزيز.