وظف النظام ببراعة ودهاء شديدين مجموعة من العاهرات(أخلاقًا)، لا سلوكًا (فهذا شأن خاص وآخر) واستخدمهن للدفاع عنه، والنطق باسمه، وتمثيله في ملفات وقضايا عديدة ومعقدة، أقل ما يقال فيها إنها مثلت عناصر مفاجأة وإدهاش، تدل على قدرته الكبيرة على استغلال كل شيء لمصلحته الشيطانية بما فيها سيدات دربها بعناية فائقة.
من هذه العينات: الاعلامية في تلفزيون النظام والفنانة كنانة حويجة، التي برزت في مهمة جديدة خلال السنوات الاخيرة، فهي التي فاوضت عنه الفصائل المسلحة في درعا، مؤخرًا، بينما يفترض ان يقوم بالمهمة شخصية عسكرية، أو أمنية، من الصف الأول أو الثاني، الممسكة بملفات معقدة وحساسة من هذا القبيل، وكنانة هي ذاتها التي أشرفت على كافة اتفاقيات التهجير والتغيير الديمغرافي بدءًا من عام ٢٠١٥ في معضمية الشام ، وهي التي فاوضت تنظيم الدولة / داعش في مخيم اليرموك، وفي الرستن، والعديد من المناطق . وظهرت الى جانب جنرال روسي في فيديو مثير مرتدية الحجاب، وعلى جسدها عباءة سوداء.
والجدير بالذكر أن كنانة حويجة هي ابنة رئيس الاستخبارات الجوية السابق الجنرال ابراهيم حويجة، والتي تمكنت، بفضل تسترها بالعمل الاعلامي، دخول كثير من المواقع الساخنة على جبهات الصراع والحرب الملتهبة.
ومن هذه العينات التي أنتجتها وأخرجتها أجهزة النظام الشيطانية الناشطة الشهيرة ميس كريدي الناطقة باسم جبهة العمل الوطني (المعارضة في الداخل !!) التي يرأسها المدعو محمود مرعي، والتي ظهرت مؤخرًا في مؤتمر قومي عقد في بيروت وقد أصابها السعار، ضاربة براحتيها على طاولة ضمتها مع معاون وزير إعلام النظام الأسبق لإسكات رئيس هيئة التنسيق الوطنية حسن عبد العظيم، وتُدافع باستماته عن النظام والمقاومة والممانعة، التي تمر عبر غرف الليل السرية لكبار ضباط الأمن، ورؤساء أفرع الاستخبارات المتعددة التي احتضنتها ليلًا ونهارًا، سرًا وعلانية، في فجور لا حدود لوصفه.
من المعروف أيضًا أن ميس كريدي التي تدعي مزاولة الصحافة والكتابة الأدبية تتمتع بمواهب فذة عديدة، بما فيها التمثيل والتنكر والتسلق. فقد بدأت طريقها الى النجومية السياسية عبر سلالم هيئة التنسيق الوطنية، ونجحت في أن تصبح بسرعة فائقة نائبة رئيس الهيئة “الجاني على نفسه والمجني عليه في الإثنين معا” حسن عبد العظيم. وعندما اشتد عود الثورة وقويت شوكة المعارضة الخارجية، تخلت عن هيئة التنسيق وانتقلت الى القاهرة عام 2013 برفقة عشيقها محمود مرعي، وتمكنت في فترة وجيزة من عقد صلات مع قادة المعارضة، وطرحت نفسها للشعب السوري ثائرة عنيدة، ومعارضة متطرفة للأسد، وخاطبت الرأي العام عبر محطات فضائية محسوبة على الثورة، وهدفها الثابت اختراق مؤسسات وصفوف المعارضة، ولكن سحرها لم ينطل على أحد. ولما أدركت أنها فشلت مثل أفعى موسى عادت بشكل طبيعي الى أحضان الأسد مع عشيقها الذي شاركها نفس المهمة. وفي القاهرة أقامت ميس في حي الدقي في شقة رجل أعمال ومال (وسياسة…!) وعلى نفقته، وهذا الرجل قام بنفس المهمة لحساب النظام، ولا يختلف عنها سوى في أنه نجح فيما أخفقت فيه، وأدى دوره بإتقان واقتدار قبل أن يكشف قناعه ويقرر العودة إلى دمشق ليستقر في أحضان النظام قبل سنتين.
ضمن سياق هذه الألاعيب والأدوار برزت ميس كريدي مجددًا في الفترة الأخيرة كمهندسة للعلاقة بين النظام والادارة الذاتية الكردية، وهي مهمة حملتها على القيام برحلة لمنطقة الجزيرة وأدارت حوارات مع الجانب الكردي، ومن ثم حضرت في المؤتمر الذي انعقد في (الطبقة) وخرج بتوصيات تؤكد السعي للحوار والتفاهم مع النظام. وما لبث أن باشرها فورًا بزيارة وفد منه الى دمشق والاتفاق على ما وصفه ب(إجراءات بناء ثقة وتفاهمات مهمة واستراتيجية) ما يعني أن ميس كريدي نجحت في مهمتها هنا، او على الأقل لعبت دور المنسق بين أطراف ظلت دائما تدور في فلك النظام.
ومنهن أيضًا، الاعلامية لونا الشبل المذيعة السابقة في قناة الجزيرة الفضائية والتي تركتها حين وقفت القناة مع الثورة السورية، وتمسكت لونا بتأييدها للنظام، فكافأها هذا باختيارها مستشارة إعلامية خاصة له! ويكلفها بمهام أكبر منها كثيرًا.!
وللعلم فلونا الشبل هي مطلقة الاعلامي اللبناني سامي كليب زميلها السابق في الجزيرة والذي استقال منها لنفس السبب الذي دعاها للانسحاب، وانضم الى فريق قناة الميادين بينما ذهبت هي الى قصر الاسد، وقد استبدلت الكليب مؤخرًا ببعلها الجديد عمار ساعاتي رئيس اتحاد الطلبة السوري. لونا ليست اعلامية، وكل رأسمالها أنها جميلة الوجه فدخلت الجزيرة مذيعة فقط، ولكن نظام الاسد حولها الى اعلامية عالمية تقود فريقه الى محادثات جنيف 2014 جنبا الى جنب مع وزير الاعلام عمران الزعبي وناطقة رسمية باسم الوفد، وكانت مناسبة لا تعوض ليشاهد العالم قهقهتها الفاجرة في الجلسة الافتتاحية الرسمية أثناء مشادة كلامية.!
قائمة الوجوه النسائية اللواتي دربتهن أجهزة النظام للقيام بمهام حساسة خارجة عن سياق تاريخهن الشخصي والمهني، وزجت بهن في أنشطة التجسس والأمن تحت ستار النشاط السياسي المعارض تطول ولا تقصر، لتصل إلى بثينة شعبان التي لعبت دور (الثعبان السام) في فحيحها الاعلامي، وهي التي دخلته من عالم الأدب والترجمة، وأخيرًا السيدة الشمعية: نجاح العطار المسماة نائبة للرئيس، لتلعب دورًا ديكوريًا أنثويًا وثقافيًا في عالم القتلة ومصاصي الدماء الذي تجاوز بحوادثه وبشاعته عالم أجاثا كريستي وخيالها الخصب في عالم الجريمة.!!
في التوقيت ذاته تقريبًا وبالتزامن بين فجور ميس كريدي وكنانة حويجة ولونا الشبل يقف السوريون بإجلال واكبار، وهم يودعون مي سكاف أيقونة ثورتهم، فنانة مبدعة ومثقفة ملتزمة بشعبها، ومناضلة من أخلص وأنبل ما أنجبت الثورة العظيمة. فنانة وانسانة وقفت باريس كلها لوداعها المهيب.
وقبلها ودع السوريون وفي ذات المكان أيضًا الفنانة فدوى سليمان التي حظيت بحب كبير، وحفرت صورتها في ذاكرة السوريين في مظاهرات حمص، وهي تهتف وتغني للثورة بجانب عبد الباسط الساروت، ومثل رحيلها بعد معاناة شديدة مع مرض عضال، فاجعة كبيرة لعموم السوريين.
وفي قائمة هؤلاء المناضلات الصحافية عروبة بركات التي ذبحها عملاء النظام الارهابي مع ابنتها الاعلامية حلا، وتركوا على جثمانيهما الطاهرين بصمات الأسد الواضحة داخل شقتهما في اسطنبول. عروبة التي عاشت عمرها كله معارضة للنظام، واختارت الغربة والمنفى والفقر على العيش في كنف الوطن المحتل، وأجهزته الاجرامية. وعندما انفجرت الثورة الشعبية أوقفت عملها الاعلامي في دولة الامارات وباعت كل ممتلكاتها وتفرغت لخدمة الثورة وانتقلت الى تركيا لتقف مع المشردين واللاجئين تكفكف دموعهم وتمسح جراحهم، وتتفانى في العمل الاغاثي بين مخيمات الداخل السوري وتركيا، اضافة الى عملها الاعلامي والسياسي.
بين كل واحدة وأخرى من هاته الطاهرات وتلك العاهرات، تقع المسافة الفاصلة والهوة العميقة بين الثورة والطغيان، الفضيلة والرذيلة، العهر والطهر.