في مؤتمر صحفي مقتضب في مقر الخارجية الأمريكية بعد اجتماع “الهيئة المصغرة لشؤون سوريا” أجاب المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون سوريا السيد جيمس جيفري على سؤال بخصوص مسار آستانا والعمل على تشكيل اللجنة الدستورية لسوريا قال: ” افتراضنا يتمثل في أنه يجب عدم مواصلة هذه المبادرة الغريبة في سوتشي و آستانا, التي تقضي بالعمل على تشكيل اللجنة الدستورية وتقديمها (للمبعوث الأممي الخاص) ستيفان ديمستورا”. وأضاف ” إنهم حاولوا تحقيق ذلك, لكنهم لم يتمكنوا حتى الآن. وإن لم يتسن لهم بحلول 14 يسمبر/كانون الثاني الجاري, فالولايات المتحدة ستنهي مسار آستانا” وأضاف ” وبعد ذلك سنعود إلى الأمم المتحدة “. يبدو جلياً أن السيد ديمستورا قد فشل في تشكيل اللجنة الدستورية في أعقاب زيارته لدمشق مؤخراً حيث حَمَّلَه وزير الخارجية السورية الجواب النهائي الذي تلخص في جملة واحدة “عملية صياغة الدستور أو تعديله شأن سيادي سوري, ولا يحق للأمم المتحدة التدخل في هذا الشأن”. بهذه الجملة تم إغلاق المخارج على ديمستورا بخصوص تشكيل تلك اللجنة وأعلن ديمستورا عن خيبة أمله في نهاية لقاء “آستانا11” وسيقدم تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 14 من هذا الشهر ويكون قد ضاق عليه الزمن الذي اقترب عن إستقالته في آخر هذا الشهر. لقد حاولت روسيا من خلال آستانا سحب الملف السوري من أروقة الأمم المتحدة وتؤكد للمجتمع الدولي على أن الأزمة في سوريا شأن داخلي وتتلخص في محاربة الإرهاب مع تعديل دستوري يرضي “المعارضة” والنظام مع إنهاء الأعمال العسكرية وعودة اللاجئين ثم البدء بإعادة الإعمار…. كما سايرت الولايات المتحدة سياسات روسيا وخلقها لمسار آستانا إلى حدٍ وكأن الولايات المتحدة كانت تدرك بأن تلك السياسة سوف لن تسير إلى النهاية وستصطدم بعائق يزعج روسيا وبالتالي ستجبر على العودة إلى الأمم المتحدة بعد أن تنحصر في زاوية خانقة كما نراها اليوم مع فشل لقاء آستانا الأخير والموافقة على أن تكون إدلب ومناطق سيطرة الجيش التركي آمنة مع إعطاء فرص لتركيا بخصوص حل للمجموعات الإرهابية في تلك المناطق. الآن روسيا أمام خيارين أحدهما أمرٌّ من الآخر, فإما تغيير الوضع في أدلب وإشعالها من خلال حملة عسكرية لخلط الأوراق, وهذا سيدفع بأمريكا والمجتمع الدولي إلى التحرك وأخذ موقف صارم تأكيدا على مواقفها السابقة التي أبدت بشأن إدلب, وإما الانصياع إلى الخيار الأمريكي في العودة إلى الأمم المتحدة وإغلاق مسار آستانا. لكن العودة إلى الأمم المتحدة من المفترض أن تنتج موقفاً حيال الأزمة توافق عليه الأطراف الدائمين في عضويتهم لمجلس الأمن, وهذا الموقف لايَتَعَّرَض لفيتو روسي كما سابقاته, لذلك أعتقد سيتم الاتفاق على شرعنة تواجد القوى الدولية في سوريا من مجلس الأمن بقرار دولي لحين حل المسألة السورية وبتوافق دولي استنادا إلى ورقة جنيف1 والقرارين الأمميين 2118و2254. أي بمعنى, وضع سوريا تحت الوصاية الدولية مع إعطاء الدول المتواجدة عسكريا في سوريا شرعية تواجدها كممثلة للمجتمع الدولي من أجل استتباب الأمن وإخراج جميع المسلحين غير السوريين بما فيهم قوات حزب الله والمجموعات الموالية لإيران وملاحقة المجرمين والعصابات المسلحة وكذلك الكتائب التي تتبنى فكراً إيديولوجياً متطرفاً وأعمالاً إرهابية كمجموعات جبهة النصرة و”داعش” ومثيلاتها. أما خارج هذا الإطار (الممكن), وفي حال معارضة روسيا العودة إلى الأمم المتحدة, يعني ذلك هناك شيء خطير يدور في الأفق بين الدولتين العظميين. سنرى في الأسابيع والأشهر القادمة تحولاً خطيراً في المواقف بين الدول المتصارعة على الأرض السورية لطالما أنها تمتلك قوات على الأرض إضافة إلى امتلاكها مجموعات كبيرة من المسلحين السوريين والأجانب جاهزين للقتال بالنيابة إلى أمدٍ طويل من دون أن نعرف نتائجها سوى المزيد من القتلى والتدمير والتهجير؟
مالك ونوس لدى المقاربة الحقيقية لجذور إجرام دولة الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن فصل هذا الإجرام بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني أخيراً،...
Read more