فرانسیس غایلز
ترجمة: علاء الدین أبو زینة
الخوف من الإسلام مشكلة لن تنتهي، ببساطة. ولیس من السهل العثور على كلمة إیجابیة عن الشرق الأوسط في الإعلام الغربي – وأقل من ذلك عن الإسلام.
نادراً ما تكون الأخبار عن المسلمین في وسائل الإعلام الغربیة إیجابیة. وفي بعض البلدان، والمملكة المتحدة بشكل خاص، لا یتلقى أي مجتمع آخر مثل هذه التغطیة الصحفیة السیئة. وهناك صحف محلیة من أمثال ”الدیلي میل“، و“الدیلي إكسبرس“ و“التایمز“، التي یمكن الاعتماد علیها في إهالة السخریة والازدراء على أي شيء إسلامي.
ولا یقتصر الأمر على تصویر الإسلام بأنه مناقض بنیویاً ومنهجیاً للقیم اللیبرالیة وأنه یقف في تعارض مع الهویات البریطانیة، أو الأمیركیة أو الفرنسیة، وإنما یقوم الكثیر من المفكرین المشهورین بنشر خطابات تقول إن الإسلام یكشف كله عن وحدة متراصة ولا یمكن تجزيؤه. على الیسار، وخاصة في الولایات المتحدة، تقوم سلسلة منتقاة من كارهي الإسلام بعسكرة الإلحاد كأیدیولوجیة، ولا یكتفون بنزع المصداقیة عن الأبعاد الروحیة للإسلام فحسب، وإنما یقومون بشیطنته بطریقة لا تختلف عن المقاربات الاستشراقیة القائمة منذ وقت طویل.
بالنسبة لهؤلاء الملحدین، فإن الإسلام غیر مشروع لأنه دین. لكنه، على النقیض من الأدیان الأخرى، ینطوي على التهدید بشكل خاص لأنه یتعارض -بطبیعته- مع القیم اللیبرالیة. وهم ینضمون إلى الأب الفكري ل فوبیا الإسلام المعاصرة، المؤرخ برنارد لویس، في القول إن عقیدة الإسلام نفسها تصنع مشكلات وتقیم عقبات فریدة أمام ظهور حضارة عالمیة.
تستطیع طائفة من الیسار الأمیركي أن تطرح، من خلال برنامج ”الوقت الحقیقي مع بیل ماهر“، الذي تبثه محطة كیبل ”هوم بوكس أوفیس“، أن ”العالم المسلم لدیه الكثیر مما هو مشترك مع داعش“، وأن ”الإسلام هو الدین الوحید الذي یتصرف مثل المافیا، والذي سیقتلك إذا قلت الشيء الخطأ“. ولا شك في أن ربط 1.6 ملیار شخص الذین یعتنقون الإسلام بشبكة إرهابیة یلقى موافقة من الرئیس الأمیركي دونالد ترامب.
ویمكن الاعتماد على المفكر الفرنسي النافذ شعبیاً، إیریك زیمور، في إساءة تمثیل أي أخبار تأتي من العالم المسلم، والأكثر أهمیة بالنسبة للسیاسة المحلیة، ملایین الفرنسیین الذین هم مسلمون. وقد زعم زیمور ذات مرة بأن حمل اسم أول عربي في فرنسا یوحي بأن الشخص المعني یرفض الاندماج في المجتمع الفرنسي، متجاهلاً حقیقة أن واحداً من مكونات اسمه هو ”مویس. “
عندما قال ترامب أثناء حملته الانتخابیة قبل ثلاث سنوات أن سوریة التي مزقتها الحرب ”یمكن أن تكون داعش نفسه“، وأن ”الإسلام یكرهنا“، فقد كان یرضي بذلك جمهوره من المحافظین. لكن كراهیة الإسلام لدى معسكر اللیبرالیین أیضاً في ازدیاد.
كما یستطیع صعود الشعبویة والقومیة في أنحاء أوروبا أن یضیف فقط إلى نزعة رهاب الإسلام. وهما تحرضان على التخریب والعنف ضد المسلمین، ولذلك شهدت عملیات العنف التي استهدفت مسلمین زیادة بنسبة 56 في المائة في العام 2017، مقارنة بالعام 2016، وكانت ست من كل عشر من ضحایا هجمات جرائم الكراهیة ضد المسلمین من النساء، بینما كان ثمانیة من كل عشرة من الجناة من الرجال، كما تشیر الإحصائیات الرسمیة.
ثمة القلیل من الشك في أن ”بریكسیت“ غذى هذا الصعود في فوبیا الإسلام، لكن الهجمات الإرهابیة ساهمت في ذلك أیضاً، بما فیها التفجیر الانتحاري الذي استهدف الحفلة في مانشیستر أرینا.
یقول تقریر صدر مؤخراً في الولایات المتحدة عن ”رونیمید تراست“ إن ”الإشارة إلى الكراهیة الموجهة للمسلمین فقط ربما یعید الأمور ثانیة إلى الواجهة. وعادة ما تتطور الاتجاهات المسیئة تجاه مجموعة معینة من أجل تبریر الحرمان الاقتصادي والسیاسي الذي تعاني منه هذه المجموعة“.
لا شك في أن قول 37 في المائة من الناس في بریطانیا إنهم سیدعمون حزباً سیاسیاً یقوم بتقلیل أعداد المسلمین في المملكة المتحدة، وإن نصف السكان المسلمین في بریطانیا یعیشون في الـ10 في المائة من المناطق الأكثر حرماناً في البلد، هي حقائق تقع تحت هذه المظلة الفضفاضة من كراهیة الإسلام، والتي یجري تطبیعها في الكثیر من أجزاء المجتمع البریطاني – وكذلك في المجتمعات الفرنسیة والأمیركیة أیضاً، ویمتد استخدامها لیتجاوز قطاعات الأكادیمیین والباحثین، لیشمل الشرطة، والإعلام والقادة السیاسیین.
في العام 2011، قالت البارونة سعیدة وراسي، التي كانت في ذلك الحین الزعیمة المشاركة لحزب المحافظین، أن التعصب ضد المسلمین یصبح أكثر قبولاً باطراد في مجتمع النخبة. وفي العام 2016، تضمنت حملة زاك غولدسمیث لمنصب عمدة لندن الزعم بأن لمنافسه على المنصب، صادق خان، صلات بالإرهابیین الإسلامیین. وقد تم انتخاب خان عمدة للمدینة مع ذلك. یبدو أن بث خطاب كراهیة الإسلام لا یعمل دائماً.
یتفق الكثیرون مع الرئیس السابق لمجلس النواب الأمیركي، نیوت غینغریتش، في قوله ”إن الجهادیین الخفیین یستخدمون أدوات سیاسیة وثقافیة واجتماعیة ودینیة وفكریة؛ ویستخدم الجهادیون العنیفون العنف، ویسعى الطرفان إلى استبدال الحضارة الغربیة بفرض نسخة متطرفة من الشریعة الإسلامیة“. ویبدو أن رئیس الوزراء الفرنسي السابق، مانویل فالز، یشاركه كراهیته الشدیدة للمسلمین/العرب والإسلام. وفالز الآن هو أحد مرشحي الیمین للانتخابات البلدیة لبرشلونة التي ستجرى في الربیع القادم، ویقول إن الشریعة تقود إلى ”استرقاق النساء“.
تاریخیاً، لیست الشریعة قانوناً بالمعنى الذي یفهمه الغرب، وإنما هي مجموعة من الإرشادات التي تستلهم القرآن، والتي توجه المسلمین نحو عیش حیاة إسلامیة. وهي لیست مناهضة للمرأة بشكل تمكن ملاحظته. ومع ذلك، تحولت الشریعة في عقول الأصولیین المتشددین إلى مجموعة من القواعد التي یجب تطبیقها هنا والآن، بما في ذلك أكثر أنواع العقاب وحشیة.
تحب وسائل الإعلام القصص المثیرة – ولیس فیما یتعلق بالإسلام فحسب- لكنها تفشل في إظهار أن تكتیكات عصابة كو كلوكس كلان لیست أكثر تمثیلاً للممارسة المسیحیة الحقیقیة مما تمثل أعمال داعش الوحشیة الإسلام. وبذلك، لو قامت تلك البلدان التي یتم فیها رجم الزانیات بإلغاء هذه الممارسة، فإن ذلك سیحسن بالتأكید فهم الإسلام في الغرب.
ثمة سبب آخر غالباً ما یتم تجاهله لنظرة الغرب السلبیة إلى الإسلام، هي جهل الكثیر من الأوروبیین والأمیركیین المتعلمین بتاریخ الشرق الأوسط وآسیا، ولیس أقله حیاة مؤسس الدین، النبي محمد. في كتاب صدر حدیثاً بعنوان، ”محمد، رسول السلام وسط صدام الإمبراطوریات“، یعكف خوان كول على استكشاف الخلفیة التاریخیة وطبیعة رسالة السلام، كما یراها، لمؤسس الدین التوحیدي الثالث. یتحدى كول عناصر من التراث الإسلامي والتصویرات المعاصرة للإسلام المبكر. وهو یرى أن النبي محمد لم یكن أمیاً. ویجادل بأن إلفة القرآن مع الكتب المقدسة الیهودیة والمسیحیة، وكذلك مع الفكر الیوناني، مصحوبة بحقیقة أن النبي كان تاجراً یسافر إلى أماكن بعیدة، توحي كلها بأن النبي كان ضلیعاً في اللغة العربیة الكلاسیكیة، والآرامیة، وربما الإغریقیة. مثل هذه الكتب الأكادیمیة عادة ما تقرؤها قلة قلیلة من الناس على أمل تحقیق فهم أفضل للإسلام. وفي الأثناء، فإن الید الثقیلة للرقیب في الكثیر من أنحاء الشرق الأوسط تمنع الأكادیمیین والصحفیین العرب والصحفیین من صیاغة سرد ذكي مناقض عن الغرب. سوف یكون العنصر الرئیسي الذي یقلل من حدة فوبیا الإسلام في الغرب هو انخفاض مظاهر العنف في الشرق الأوسط، لكن ذلك لا یبدو متوقعاً في أي وقت قریب.
المصدر: میدل إیست أونلاین
الغد الأردنية