نظير مجلي – ايلي يوسف
كشفت مصادر سياسية في اسرائيل، الثلاثاء، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يبذل جهودا قوية لتحصيل اعتراف من الإدارة الأميركية بقرار ضم هضبة الجولان السورية المحتلة إلى إسرائيل. ويسعى أن يكون هذا الاعتراف هدية له قبيل الانتخابات الإسرائيلية. وأكدت هذه المصادر أن نتنياهو عبر عن هذه الرغبة أمام المسؤول البارز في الحزب الجمهوري، السيناتور ليندزي غراهام، من على أرض الجولان.
وكان السيناتور غراهام، قد أعلن من أرض الجولان أيضا الإثنين، وهو بصحبة نتنياهو، ومعهما السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، أنه سيدفع في مجلس الشيوخ باتجاه سن قانون يعتبر الجولان جزءا من إسرائيل، وقال إن «الأجواء مشجعة في البيت الأبيض للاعتراف بقرار الضم الإسرائيلي لهذه المنطقة».
وقال غراهام إنه يأمل أن يعلن الرئيس، دونالد ترمب، في نهاية المطاف إن الجولان «هي أرض إسرائيلية». وأضاف أنه لا يتحدث نيابة عن البيت الأبيض، ولكن إدارة ترمب تدعم العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأنه يعتقد أنه حان الوقت لكي يدرك الجميع موقف واشنطن من الجولان. وتابع: «الجولان منطقة حيوية واستراتيجية لإسرائيل، ولا يمكن التنازل عنها، وتركها لسيطرة (حزب الله) وإيران اللتين تحاولان السيطرة على كل شيء في هذه المنطقة. أنا لا أرى أي سيناريو تقوم إسرائيل بموجبه بإعادة الجولان (إلى سوريا) وتظل قائمة كدولة آمنة».
وقال إنه يعتقد أن هناك دعما من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، لاعتبار الجولان جزءا من إسرائيل، لافتا إلى أن هناك الكثير من الديمقراطيين الذين يدعمون هذه الفكرة.
يشار إلى أن غراهام يعمل في السنوات الأخيرة إلى جانب السيناتور الجمهوري تيد كروز على مبادرة في مجلس الشيوخ لاعتبار الجولان المحتل جزءا من إسرائيل. وهما يعملان بالتنسيق مع نتنياهو، الذي يدفع أيضا باتجاه اعتراف أميركي بضم إسرائيل للجولان منذ فترة طويلة. وقد طرح نتنياهو هذه القضية عدة مرات، في محادثات سابقة مع ترمب وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية. وقد أعرب عن تمنياته بأن يأتي هذا الاعتراف الأميركي هدية له قبيل الانتخابات الإسرائيلية التي ستجري في التاسع من الشهر المقبل، ولذلك فمن المتوقع أن يطرح هذه القضية مجددا الأسبوع القادم في لقائه مع وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، وبعد أسبوعين في لقائه مع ترمب في البيت الأبيض. وهو يزعم أن «الجولان كانت دائما منطقة إسرائيلية منذ آلاف السنين، وليس فقط من سنة 1967». وقال إنها يجب أن تكون جزءا من إسرائيل إلى الأبد لأنها منطقة حيوية لأمنها ولوجودها. وادعى أن احتلالها سنة 1967 تم في إطار المعركة الوجودية.
وفي دمشق، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين، قوله إن دمشق «تدين بأشد العبارات تصريحات ليندسي غراهام عضو مجلس الشيوخ الأميركي حول الجولان العربي السوري المحتل، التي تعبر عن عقلية الهيمنة والغطرسة للإدارة الأميركية، ونظرتها إلى قضايا المنطقة بعيون صهيونية، وبما يخدم المصالح الإسرائيلية».
وتابع: «تصريحات غراهام لا تنم فقط عن الجهل بحقائق التاريخ والجغرافيا، بل إنها تشكل الدليل الأحدث على ازدراء الولايات المتحدة للشرعية الدولية وانتهاكاتها الفاضحة والسافرة للقانون الدولي. وكل قرارات الأمم المتحدة – ولا سيما قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981 تحت الفصل السابع، الذي حظي بإجماع أعضاء مجلس الأمن، بمن فيهم الولايات المتحدة – أكدت على الوضع القانوني للجولان السوري بأنه أرض محتلة، وأن قرار كيان الاحتلال الغاصب بالضم باطل ولاغٍ ولا أثر له».
وأشار البيان إلى أن «الشعب العربي السوري عموماً، وأهلنا في الجولان السوري المحتل خصوصاً، الذين لم يتوقفوا عن مقاومة الاحتلال هم أكثر تصميماً وعزيمة على الاستمرار في النضال، حتى تحرير الجولان المحتل بشكل كامل وعودته إلى كنف الوطن الأم».
في واشنطن، لم تثر تصريحات غراهام ردود فعل لافتة، سواء داخل مجلس الشيوخ أو بين السياسيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، على الأقل خلال الساعات القليلة الماضية.
غراهام الذي أيد وسفير واشنطن لدى إسرائيل ديفيد فريدمان تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول الاعتراف بضم الجولان، يستعد للعمل مع السيناتور الجمهوري من ولاية تكساس تيد كروز لتقديم مشروع قرار يدعو مجلس الشيوخ إلى الاعتراف بالجولان كجزء من دولة إسرائيل الآن وإلى الأبد.
وسبق أن طرح السيناتور كروز، وهو من بين أشد المناصرين لإسرائيل، مشروع قرار لمجلس الشيوخ يدعو الولايات المتحدة إلى الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان خلال عهد أوباما. ويتوقع مراقبون أن يتمكن غراهام الذي يحظى بعلاقة جيدة مع الرئيس ترمب، من إقناعه بتأييد هذا القرار والحصول على موافقة الأعضاء الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس الشيوخ، بعدما تحول الموقف من إسرائيل إلى مادة للسجال السياسي والانتخابي، سواء في الولايات المتحدة أو إسرائيل. ويخشى إذا اعترفت إدارة ترمب بأن مرتفعات الجولان جزء من إسرائيل، قبل الانتخابات الإسرائيلية فسيكون ذلك فوزا سياسيا هائلا لنتنياهو الذي يواجه حملة صعبة لإعادة انتخابه، مما يعزز فرصه في الحصول على ولاية خامسة. كما سيغذي التكهنات بأن إدارة ترمب المؤيدة لإسرائيل بشكل علني تشن حملة صارخة لصالح نتنياهو.
المصدر: الشرق الوسط