نجم الدين سمّان
أنا سليلُ آلِ الوَحشِ
ما كُنتُ أصلُحُ للمُلكِ
حتى وجدتُ نفسي
على عَرشِ أبي
بتاجٍ.. أكبرَ مِن رأسي.
ما كنتُ أجرُؤُ في حياتِهِ
على النظَرِ في عينيهِ؛
كان أولاً.. في كلّ شيءٍ:
الفلّاحُ الأول؛ الطالبُ الأول
العاملُ؛ المهندس؛ الطبيب
الأبُ القائدُ؛ الرفيق الأبديُّ
ألثغُ أمامَهُ.. بحَرفِ السِينِ
تضحك أمي.. ويسخرُ مِنّي.
ما كان لي.. سوى أن أقتلَهُ
لأقتلَ من شعبي.. بأكثرَ ممّا قتَل؛
حتى تيقنتُ بأنّ القتلَ
هو دربي الوحيدُ.. إلى قلبِهِ
كلما سَفَكتُ دماً.. بأكثرَ ممَّا تمنَّاهُ.
حين هتفوا برحيلي.. تعرَّقتُ
انتابتني في الليلٍ.. كوابيسي
تذكّرتُ كيف سحلوا “تشاوشيسكو” وزوجتَهُ
تذكّرتُ “القذافي”
رأيتُ “عَفَّاشَ” اليمنِ التعيسِ؛
دار حول سريري..
كلُّ مَن اغتالَهُ أبي
ومَن أمرتُ أنا.. بتصفِيَتِه.
فكَّرتُ لوهلةٍ.. أن أتنحَّى
منَعنِي أعداءُ أبي.. قبلَ حُلفائِي
صرخوا في عَتمةِ الكواليسِ:
نحنُ.. مَن فوَّضنا الوحشَ الكبيرَ
بسَحقِ كرامةِ السوريينَ.. قبلَكَ؛
نحنُ.. مَن أورَثناكَ عَرشَهُ
سُجونَهُ وجلّاديهِ وفَسَادَ حاشيتِه؛
نحنُ.. مَن عَوَّمنَاكَ
فوق دماءِ شعبِكَ؛
ونحنُ.. مَن نُقصِيكَ
حينَ نشَاءُ.
استفقتُ كمصَّاصِ دِماءٍ
بلا قمرٍ.. في عَتمةِ القصرِ؛
أمرتُ بإطلاقِ النارِ
بقَصفِ كلِّ شيءِ
بقتلِ كلِّ سجينٍ
بهَتكِ الأعراضِ؛ وبالنَهبِ
قتلتُ وهجَّرتُ من شعبي
بأكثر مِمَّا فَعَلهُ الغُزاةُ
حتى صار جبلُ الجَمَاجِمِ أمام “هولاكو”
ورائي؛
كلُّ مجازر التاريخِ
صارت نُكتةً.. أمامَ مذابحي؛
كلُّ بلادٍ.. لم تَعُد تُشبِهُ بلادي.
بِعتُ بلدي.. لكلِّ غريبٍ
ولكلِّ هجينٍ
رَهَنتُ تاجَ أبي.. عند حُلفَائِي
وبلا رمحٍ..
حاربتُ طواحينَ الخَوَاءِ.
سيتعبُ جَلّاديَّ من ضحاياهم
والقنَّاصونَ..
من تقاطُعِ رصاصتينِ في الرأسِ
والموتِ.. مِن مَوتَايَ
والأمهات.. من نَحِيبِهِنَّ
والجميعُ.. مِن هُرَائِي.
سأصعدُ الدرجاتِ برغمِ أنفي
مثلَ “كاليغولا”.. إلى حَتفِي؛
لم يكن يليقُ بي.. هذا الشعبُ
أنا.. رئيسُ الرُعَاعِ
قائدُ الشبّيحةِ
زعيمُ المُعَفِّشِينِ
أنا.. امبراطورُ الخَرَابِ
أنا.. طاغية الأرضِ اليبابِ.