محمود أحمد الأحوازي
منذ بدء تراجع بيع النفط الإيراني وانكماش دخل النظام من العملة الصعبة إثر سياسة ضغط الرئيس الأمريكي المستمرة ويتوسع يوم بعد يوم، تأثر الاقتصاد الإيراني فهبط حتى ضعفت قدرته على المناورة، ليس اقتصادياً فقط، بل وسياساً واجتماعياً وحتى عسكرياً وأمنياً بنسبة كبيرة على كل الساحات الداخلية والخارجية، وهذا الأمر بالإضافة الى توسع استشراء الفساد وتنافس الأجنحة على السيطرة على قوت الناس في رأس السلطة وهذا سيؤدي بالنهاية قريبا الى نهاية النظام.
ويمكننا متابعة الوضع الاقتصادي الإيراني بالنظر لتأثيره على التحرك للنظام داخلياً وخارجياً،
أولاً: التأثير الداخلي
ازدراء الوضع الاقتصادي الداخلي اتضح كثيرا عندما رفع النظام سعر البنزين في ديسمبر ٢٠١٩ والذي نتجت عنه اضطرابات بينت ان الأوضاع الاقتصادية لم تُبق أمام النظام حلول إلا القمع الممنهج مهما كانت نتائجه، و خلال اسبوع قتلت قوى الحرس الف و خمس مائة (١٥٠٠ ) من المتظاهرين دون رحمة و ذلك يبين حاجة النظام الملحة لهذه الزيادة في سعر البنزين، الأمر الذي رفع من مستوى التحديات لأبناء الشعوب الذين أعطوا اكبر التضحيات و خصوصا الأحوازيين حيث تضحياتهم وصلت الى ما يقارب ثلاثمائة شهيد، اكثر من نصفهم استشهدوا في المجزرة التي ارتكبها النظام في مدينة معشور.
وفي كرمانشاه المدينة الكردية ايضا، التي كانت تتهيأ لتشكيل جيش تحرير قوامه ثلاثة آلاف مقاتل بالإضافة الى احزاب أخرى مسلحة يتجاوز عدد مقاتليها مجتمعين عشرة آلاف مقاتل كردي.
الى جانب ذلك، قوة الحراك الشعبي والمقاومة في الأحواز وبلوشستان وأيضاً التحرك الجماهيري في طهران وشيراز واصفهان والأحواز و١٢٠ مدينة أخرى بعد ارتفاع سعر المحروقات وقتل أكثر من ١٥٠٠ من ابناء الشعوب خلال اسبوع، وحاجة النظام الفاشي لقوى أكبر وقمع أوسع لمواجهة هذا الكم والحجم من الحراك الذي كان هو الأوسع في ٤١ عام عمر النظام الجمهوري.
ميزانية التسلح وتوسيع وتطوير السلاح الصاروخي وحاجة المصانع والمؤسسات المختلفة للعملة الصعبة لاستيراد التقنية والمواد الأولية التي أصبح النظام غير قادر على تأمينها بسبب توقف حدود٧٠٪ من صادرات النفط،
ثانياً: التأثير الخارجي:
تراجع نفوذ إيران في العراق وسورية ولبنان واليمن، بسبب الحصار الأمريكي على النظام
اولاً مليشيات النظام التابعة لفيلق القدس في العراق وتحمله ميزانية ضخمة لتأمين رواتب هذه المليشيات وأسلحتهم وخدماتهم التدريبية والصحية والاجتماعية والثقافية والتعليمية، اضطرت النظام للتقشف الكبير حتى أوقف ميزانيات بعض المليشيات التي تقبلت التراجع والعمل تحت إمرة رئيس الوزراء، والبعض اغلقوا مكاتبهم في المحافظات وبغداد.
كما وحماقات النظام في سورية الآن شبه متوقفة ولم يمر أسبوع عليهم دون قتلى من الفاطميون والزينبيون وحتى من العراقيين ومن قادة الحرس بالسلاح الإسرائيلي دون رد،
أما رواتب هذه المليشيات فتدفع جزئياً لعائلاتهم بالريال الإيراني.
في لبنان أيضاً هناك توقف شبه كامل لنشاط حزب الله الذي اصبح مطارَد في كل العالم و في هذه المرحلة بالذات عقوبات أمريكا شملت حتى حلفاء الحزب في الحكم اللبناني مثل نبيه بري رئيس البرلمان و باسيل و حتى الجيش و بعض البنوك و الحزب بقي يؤمن مصاريفه من الإتجار بالمخدرات على مستوى العالم وبيع المخدرات التي يزرعها في البقاع اللبناني ومن سيطرته على بعض المنافذ الحدودية و الإتجار من خلالها و بيع المازوت اللبناني الرخيص على الشاحنات السورية.
أما الوضع في اليمن فأصبح واضح، توقف أو قلّ وصول الصواريخ لقصف المملكة العربية السعودية بسبب مراقبة تحرك السفن الإيرانية في بحر العرب والبحر الأحمر من قبل امريكا من جهة ومن جهة أخرى سلطان عمان المتعاون أو المتساهل مع الحوثيين توفى! والحوثيين في تراجع كبير ومعظم أسلحتهم هي الروسية القديمة التي كان يمتلكها الجيش اليمني في زمن الرئيس صالح وانحسرت على ساحل البحر الأحمر.
و في ما يخص البروبگاندا الاعلامية الخارجية للنظام، فميزانية الإعلام الخارجي و بعد توقف عمل قناة الكوثر والإذاعة بلغة (الأردو) الأفغانية التي عمرها ٤٠ عام، و قناة سحر بالأردو أيضاً للهند، تحدث پیمان جبلي مدير الإعلام الخارجي لمؤسسة الإذاعة و التلفزيون الإيرانية هذا اليوم الأربعاء ١٠ يونيو لوكالة پارس التابعة للحرس و أشار الى أن قناتي “العالم” العربية و press TV الإنجليزية سيغلقان خلال الأيام أو الأسابيع القادمة بعد مواجهة المشاكل المالية وعدم وصول دولار واحداً لنا خلال خمسة أشهر الماضية وهاتين القناتين هما أهم قنوات البث الخارجي للمشروع التوسعي الإيراني مع أنه مازال لإيران قنوات ايرانية وأخرى ممولة إيرانياً مثل قنوات حزب الله والمسيرة الحوثية، و يتبين انها ستتوقف هي الأخرى مادامت ايران تعاني من شح بالعملة الصعبة و مستمرة بالقمع الداخلي وعدم الاعتراف بحقوق الشعوب و الحقوق الإنسانية لكل الفئات في الداخل واستمرار سياسة التوسع في الخارج و العدوان لجيرانها العرب و للمجتمع الدولي في كل القارات، ولو لم يتبين، أن هناك فرصة باقية للنظام لتحوير نفسه بعد هذه المرحلة التي اغرق نظامه في مستنقع أمورها المعقدة التي هو من صنعها.