محمود خزام
..في وداع رفيقة الدرب..رفيقة الدمع الحارق..رفيقة الوجع الذي لاتظهر سخونته مهما ” لسعها ” ..رفيقة طريق آلام وآمال ” زمن الأوادم ” على حد تعبير حبيبها ورفيق دربها ودربنا عدنان بدر الحلو..وقبل هذا وذاك صاحبة احَنّ ” لهفة صوت ” ممكن ان تسمعه وهي ترد عليك التحية صباحية كانت ام مسائية..
أما الخاص بي من كل ماتقدم وفوقه زيادة حبتين..استقبالها لي في بيتها في باريس منتصف الثمانينيات وانا في طريقي نحو أثينا للاشراف على اعادة اصدار مجلة ” النشرة ” بعد اغتيال مؤسسها ورئيس تحريرها زميلنا ورفيقنا الصحفي والاعلامي ” الفدائي ” ميشيل النمري في 1985/9/18 في أثينا..
وصلت باريس حسب الاتفاق مع رفيق الدرب والعمر والذي سيكون المشرف العام على الاصدار الصحفي والاعلامي البارز خليل الزبن / الذي سيكون الشهيد الصحفي الفدائي الثاني في غزة في العام 2003/3/2 /..
حسب الخطة التي وضعناها حينها بموافقة الشهيد القائد الفدائي ابو عمار
/ سآتي على ذكرها بالتفصيل قريبا / طلب مني السفر الى باريس لترتيب نقل ” أرشيف ” النشرة الى هناك لمعاودة اصدارها من باريس…
وصلت باريس وكان الراحل خليل قد رتب لي العديد من الاتصالات التي ستساعدني في مهمتي قبيل وصوله هو .
أول اتصال كان مع الكاتب الصحفي ابن سوريا البار” عدنان بدر ” ابن حركة الاشتراكيين العرب.. ورفيق درب الحكيم جورج حبش والكاتب والشاعر والصحفي الفدائي غسان كنفاني ورفيق عمره المناضل والاعلامي البارز امده الله بالذاكرة والصحة بسام ابو شريف ..والصديق الصدوق للزعيم الراحل ابو عمار..
ثاني ايام وصولي اتصلت بمنزل رفيقنا عدنان /ولم أكن قد تعرفت عليه شخصيا/ ردّ عليّ صوت نسائي حاني وبلهجة لبنانية محببة للسمع والانصات :
” اهلين ” وكأنها كانت تنتظر اتصالي..
وبمجرد سماعها صوتي تابعت بحنان..أكيد خينا ابو الفهد..لم تسمح لي المتابعة..وين انت نحنا وابو بدر ناطرينك ياخيّي…
حشجرج صوتي وتلعثمت..وقالت اعطني اسم الاوتيل الي انت نازل فيه واستنا عندك ..عدنان رح يجي لعندك…اعطيتها الاسم وانتظرت….
بعد حوالي الساعة جاء ابو بدر ابن “مشتى الحلو ” بابتسامته ونبل ترحيبه وهو حينها ( ابن المعارضة الوطنية السورية الديمقراطية البارز )…اركبني سيارته واخذني الى بيته..
بمجرد فتحه للباب ركض نحوي احد الاطفال ووراؤه مباشرة ( سهيلة ) التي لم تعمل أي حساب لخجلي واخذتني بالاحضان ..
بعد قليل ساعرف ” تواصي ” رفيق دربي الراحل خليل الزبن التي حمّلها كأمانة للعزيزين عدنان وسهيلة..لم تتركني اتكلم : ” خود هاي من أختك سهيلة .. كول هوديك شغل اليوم..وهكذا
بعد قليل سانتبه لصحن ” الترمس ” الذي اعشقها وانا بالاصل ابن سوريا الحبيبة..
انتبهت لي وانا امدُّ يدي نحو الصحن..
مدّت يدها قبلي واعطتني ” كمشة ” واكملت : من يوم وطالع ياخيي ابو الفهد حصتك من الترمس ياللي أنا بساويه رح تكون مؤمنة سواء كنت عنا هون في باريس او في أي مكان بالدّني ..وهكذا كان
لم تنقطع علاقتي بسهيلة وعدنان ومن ثم بالابناء خاصة بدر ومي والاخرين…
بقيت ” سهيلة ” كما عرفتها ..سيرتها بالنسبة لي هي ” سيرة عدنان ” الصحفية والسياسية والمعارضة الوطنية السورية والفلسطينية والعربية..
كانت شريكته بالحياة..وشريكتنا بالمشوار والدرب المشترك..وتحديدا ب ” النشرة ” هذا الصوت الذي أسبغ عليه ابو بدر يوما
” صوت صارخ في البرية “…
وعدنان بدر / سآتي على هذا الموضوع يوما / لم يكن كاتبا ب ” النشرة ” هو أكثر من ذلك بكثير…هو ” عامود ” أساسي ساهم معنا بقلمه وعرقه وفكره وانسانيته للحفاظ على هذا ” المنبر ” الذي كنا نخط كلماته ” بالدم ” دم شهيدها المؤسس ودم جنودها ” المجهولون ” وآخرهم شهيدها مؤسس انطلاقتها الثانية ” خليل الزبن “..
بقينا على تواصل الى ان جاء وقت استثنائي وقف فيه عدنان بدر الصحفي والكاتب السياسي والمعارض البارز فوق
” صفيح استثنائي ساخن ” واخذ قراره الشخصي الشجاع بالعودة الى وطنه الحبيب سوريا وتحديدا الى ” مشتى الحلو ” بيته الاحب..
وقتها اتصل بي رفيق الدرب ابو بدر قائلا : ابو الفهد الحبيب..انت من رفاقي الحقيقيين..وانا قررت العودة للوطن…
شو رأيك..رأيك أساسي ويهمني…
لا انكر ان قلبي ” ارتجف ” دهشة اول الامر ثم خوفا من هذه الخطوة ” الانتحارية ” الصادمة لنا جميعا معنويا ونفسيا…وافقته بعد نقاش قلق وسريع..
ذكرني بقلقي وخوفي حين ابلغني رفيقي ومعلمي الراحل ” ميشيل كيلو ” بقرار عودته الى الوطن…
امام صعوبة هذا القرار وسخونته لنا نحن رفاق درب ابو بدر / لن أطيل هنا / وقفت ” سهيلة ” خلف وامام رفيق قلبها وعمرها بكل ثقة العاشقين ونبلهم ..وحدثتني بهذا الأمر وقلت لها أنا معك قبل ان اكون مع ابو بدر لانني احبك واثق بك وبعدنان…
بعد العودة الى سوريا تقطعت السبل بيننا بسبب ” الجغرافيا وظلمها “..لكن بين حين وآخر كان يصلني من ابو بدر وسهيلة ” سلامات ومحبات ” الى ان عدنا للتواصل بعد انطلاقة الثورة السورية العظيمة ومآلاتها …..!!!!!!؟؟
سهيلة..رفيقتنا وحبيبتنا و ” سندي ” أنا على مدار عمر باكمله…
لروحك السكينة والسلام….ولحبيبك ورفيق عمرك وباقي الأسرة الجميلة وللاهل والاحبة في كل مكان..كل الصبر والسلوان ………مع السلامة ” خيتا “..
المصدر: صفحة محمود خزام