هي رواية مهمة للكاتب الأمريكي اللاتيني (جابرييل غارسيا ماركيز) تحت عنوان (الحب في زمن الكوليرا) والتي جاءت ضمن /307/صفحات من القطع المتوسط.. حيث يبحر الأديب فيها عبر زمن أصر أن يسميه زمن الكوليرا، لكن هذا الابحار العشقي، له الكثير من المحطات السياسية، والتي تنطلق من معاناة شعوب امريكا اللاتينية ضمن زمن مضى وانقضى، مع أنه باق بمكوناته الحياتية في العالم أجمع، بل وفينا نحن معشر الشرقيين الذين ما زلنا نعاني من تبعاته المميتة والقاتلة يوما إثر يوم.
انه عمل أدبي ملحمي رائع لا يستطيع المرء أن يمسك به، دون النفاذ الى مواطئه، وشواطئه قاطبة، ولأن الكاتب يلاقح حيوات العشق لشخوصه في هذا العمل السردي الروائي المبدع، فهو يتوقف عند نتائج ربما كانت ملاذا فكريا له ضمن منعرجات المجتمع الذي يعيش فيه، وفي سياقات الحب الذي يؤمن به.. ليقول ” ما يؤلمني في الموت هو ألا أموت حبا “.
لذلك فهو يترك الهواء الملوث بالكوليرا يعاني من آثار حبه وليس العكس، عبر تصميمه الرائع، وهو تصميم شعب مقهور قد طاولته يد الغدر والصراعات، بل نالت منه يد الاستبداد والطغاة، حتى بات منهكا كجسد رجل عجوز في آخر أيامه.
وإذا كانت “فيرمينا داثا ” أيقونة العشق المسجى لديه، فان رسائله التي لا تنتهي وستبقى كما السفينة النهرية تغدو وتعود لتحافظ على لحظات الحب مستمرة في دوامة روحه التي تقاوم السلطات كل السلطات.
وبينما هو يقوم بذلك فإنما يظل متعلقا بمقولة غريمه أن “لابد للمرء من زوجتين، واحدة ليحبها، وواحدة لتخيط له الأزرار “
في الرواية الغابرييلية هذه ترانيم صغيرة وهامة، واستطرادات أدبية قل مثيلها لكاتب عاش حياته فقيرا كما بدأها، وهو من يقول في ثنايا الرواية “أن من يفرطون في حب الحيوانات هم القادرون على اقتراف أبشع القساوات مع البشر، وكان يقول إن الكلاب ليست وفية وانما هي ذليلة، وان القطط انتهازية وخائنة “.
وهو هنا انما يعود لإسقاطات مجتمعية ربما تكون صحيحة في بعض منها، أو هي بالضرورة من مفرزات الواقع الحياتي للناس، ليس في أمريكا اللاتينية فحسب، بل في عالمنا الشرقي والعربي عامة كذلك.