أحمد مظهر سعدو
يهيم الشباب السوري في كل جغرافيا العالم ، بحثًا عن خلاص من الحكم الطاغوتي الأسدي الذي أغرق البلاد والعباد في حالة من المقتلة الأسدية المستمرة، فمنذ ماينوف عن أحد عشر عامًا، يعمل نظام الاستبداد قتلًا وتنكيلًا، بكل الشعب السوري وخاصة الشباب الذي انتفض في وجه الفاشسيست الأسدي، من أجل بناء دولة المواطنة، دولة الحرية والكرامة.
ويبدو أن نصيب الشباب السوري من العسف الطغياني الأسدي كان أكبر بكثير، فقد نالهم النصيب الأكبر من عمليات الإبادة الجماعية والمجازر، وزج النظام خيرة شباب الوطن السوري في غياهب السجون، حتى باتت عشرات الألاف من صور (قيصر) تزينها صور الشباب/ الشهداء تحت التعذيب، ونظام الأسد وأجهزته الأمنية وعصاباته وكل الميليشيات التي شكلها أو استجلبها من بقاع العالم تمارس حقدها الفاجر على المعتقلين والمحاصرين بممارسة شتى أنواع التعذيب وانتهاك الحرمات، وسط صمت مطبق من (العالم المتحضر) الذي يتفرج على المقتلة والاعتقال والاختفاء القسري، والتهجير القسري حيث يتجاوز عديد الذين تم تهجيرهم قسريًا نزوحًا أو لجوءً ال 14 مليونًا ونيف، وكانت النسبة الأكبر منهم من جيل الشباب السوري الباحث عن الأمان والمستقبل الخالي من القتل، والمتطلع نحو مدنية حياتية لا قهر فيها ولا قتل ولا انتهاكًا للحرمات، حياة بلا كيماوي ولا سلب للحرية أو استلاب للانسانية كلها في الوطن السوري المخطوف من آل الأسد منذ خمسين عامًا وأكثر.
المشكلة عند الشباب السوري الهارب من ظلم الأسد أنه لايجد أبواب المستقبل مفتوحة أمامه إلا ماندر، إذ أنه خلا تركيا فإن أبواب الدول العربية والإسلامية المحيطة، مازالت موصدة في وجهه، وهو مهجرًا يبحث عن حراك إبداعي يفجر طاقاته، ويفسح المجال لبناء حياة أفضل، تكون خالية من القهر والعسف الواقع فوق رؤوس البلاد والعباد.
هذا الشباب السوري المظلوم يحتاج لمن يُمسك بيده ويفتح المجال أمامه كي يبني المستقبل الشبابي، لأننا ندرك أن الشباب كانوا دائمًا عماد المستقبل وأدواته التي تكمن فيها كل أنواع التفتح والعطاء، ولعل توفر أية أجواء حرياتية تقدر معنى الابداعات السورية الشبابية ستعطي الأمل بحيوات أكثر إشراقًا، وتحيل المسألة برمتها إلى منعرجات بنيوية لاتلوي عل شيء إلا العمل الجاد المبدع، الذي يساهم في عملية بناء النفس أولًا ثم الإنسانية ثانيًا.
إشكالية الشباب السوري اليوم أن لا مستقبل أمامه واضح المعالم ولا طريق سالك، ولا وجود لأية مسارات تبدأ ثم تنتهي إلى بناءات أرحب وأكثر ثقة بالقادم من الأيام، وهذا مايترك الكثير من حالات اليأس والتيئيس بين ظهراني السوريين، ومنهم الشباب والشابات، حيث لا مستقبل بآفاق مفتوحة بل إن التطلع إلى الآن القريب يرينا بوضىح أن الآفاق مابرحت مسدودة، رغم كل محاولات الشباب السوري المعطاء بحثًا وجهدًا وعملًا دؤوبًا وصولًا إلى ماهو أرحب وأكثر انفتاحًا على الآخر.
ولعل حالة التخلي المعولم التي تشهدها المسألة السورية مؤخرًا تشير إلى حجم وفداحة الخسارة الكبرى، وتبين مدى الانشغال العربي والإسلامي والعالمي القريب والبعيد، عن إمكانية فتح النفق المسدود أمام السوريين، ولكن هل يتراجع الشباب السوري أو ييأس؟ وهل يمكن االركون إلى الواقع دون بذل الجهود للخروج من عنق الزجاجة؟ وهل يمكن أيضًا أن يتراجع الشباب السوري الذي خرج في 15 آذار / مارس 2011 لايلوي على شيء، هل يمكن أن تجعله ظروف التهجير القسري واللجوء الصعب أن يتقهقر أو يتراجع وينتكس ويسلم للظروف؟ أنا لا أعتقد ذلك، ولا أرى أن عنفوان ووعي وقدرات الشباب السوري يمكن أن تخبوا أو تضمحل، كما لايمكن أن نجد حالة الغليان الشعبي وعلى رأسها وأولها الشباب يمكن أن تعود الهوينا أو أن تنزوي وراء الجدار، أو إلى جانبه، بانتظار الفرج، الذي قد لا يأتي من الأمم المتحدة ولا سواها. إن شباب سورية كانوا ومايزالون بؤرة مشتعلة ومتوقدة تصبوا وتفعل قبل أن تصبوا نحو النصر على كل المعوقات، وتجاوز كل العثرات، فمن يتحرك باتجاه الحرية ويدفع أغلى مايملك من دماء الشباب على مذبح الحرية، الذين تجاوزت أعداد شهدائه المليون، ولايمكن أن يتراجع يومًا حتى تحقيق فكرة الحرية والكرامة، وإعادة بناء الوطن السوري على أسس جديدة ،تتكيء إلى العلم والمعرفة والفكر إلى الديمقراطية والقيم الإنسانية النبيلة، وإلى دولة المواطنة الحقة وبناء العقد الاجتماعي الذي يجمع الجميع منأجل سورية الحرية والديمقراطية، بلا آل الأسد وبلا أي طغيان أسدي أو سواه.
المصدر: صحيفة إشراق