آشلي ويلان
تأمل قوى التغيير الديمقراطية في تزويد الشعب العراقي ببرنامج عملي معارض وذلك عن طريق الجمع بين مجموعة واسعة من الآراء والمبادئ السياسية.
بعد أكثر من عام من السعي للتوصل إلى إجماع ورؤية جماعية، نجحت حركة أكتوبر/تشرين وقوى سياسية أخرى ذات توجه مدني في الاتفاق على منصة سياسية مشتركة. فخلال مؤتمر ضم 1000 شخص في معرض بغداد الدولي في 15 تشرين الأول/أكتوبر، انضمت ثمانية أحزاب سياسية إلى بعضها البعض لتأسيس “قوى التغيير الديمقراطية” رسميًا، ما جعل من المبادرة حركة سياسية يمكن للعراقيين المحبطين أن يبدأوا بالتطلع إليها كبديل عن الطبقة السياسية الراكدة.
بناءً على المناقشات مع قادة الأطراف المعنية ومؤيديها، ينبغي النظر إلى هذا التطور على أنه نضوج إيجابي للجناح السياسي لحركة تشرين/الحركة المدنية، على وجه التحديد لأنه يبتعد عن سياسات الصفقات أو البيانات المنمقة، ولكن غير المجدية ويتجه نحو تأسيس خط معارضة يمكنه أن يقدم بديلاً فعالًا وواضحًا عندما تسنح الفرصة.
تتكون قوى التغيير الديمقراطية من مجلس تنفيذي لقادة الأحزاب الثمانية المجتمعة، ومكتب سياسي سيحدد السياسة، ومكتب برامج مسؤول عن مبادرات بناء القدرات، ولجنة تواصل لتوسيع التحالف مع الأحزاب والتجمعات الأخرى ذات التوجه المماثل، ومكتب اتصالات للتسويق الخارجي وحشد الدعم الشعبي. تُعد هذه الهيكلية مهمة بما أنها تُجنب الاعتماد المفرط للأحزاب السياسية الحالية على اللجان غير الضرورية، مثل لجنة الشباب، وتنظم عملية صنع القرار، كما هو متفق عليه بموافقة المشاركين الذين بلغ عددهم الألف، ما يضفي الشرعية عليها.
في ما يلي الأحزاب الثمانية: “البيت الوطني” و”البيت العراقي” و”الحزب الشيوعي العراقي” و”التيار الاجتماعي الديمقراطي”، و”نازل آخذ حقي” و”حركة تشرين الديمقراطية”، و”الوعد العراقي”، و”التيار الديمقراطي الجماعي.” تمثل هذه الأحزاب مجموعة واسعة من وجهات النظر المحددة، وهي لم تتمكن قط في السابق من الاتفاق على مبادئ ومنصة مشتركة.
بالإضافة إلى الدعوة إلى حكومة انتقالية تشرف على استئناف النشاط الحكومي الطبيعي مع التحضير في الوقت عينه لجولة جديدة من الانتخابات، ما يُتوقع أن يعترض عليه رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني بشدة، وربما يكون اعتراض، أعدت منصة التحالف عشرين موقفًا سياسيًا. على الرغم من أن جميع النقاط العشرين تتطلب تعريفًا إضافيًا لتصبح مقترحات سياسية، ويُعد العديد منها طموحًا إلى حد ما، خصوصًا في هذا المناخ السياسي، توجه المنصة التحالف نحو النمو الاقتصادي وتعزيز شفافية الموازنة الحكومية، والدفاع عن الحريات الأساسية، وإعادة تكريس اللامركزية، ومفهوم حكومة أغلبية مع معارضة هادفة.
تعمدت قوى التغيير الديمقراطية استبعاد مناقشة قائمة انتخابية مشتركة أو التنسيق بشأن المرشحين، وركزت بدلًا من ذلك على بناء الأساس الذي سيكون ضروريًا متى اتضحت أكثر هيكلية الانتخابات المستقبلية وتوقيتها. يُعتبر هذا النهج التدريجي ضروريًا، لا سيما بالنظر إلى الاستبداد والغطرسة والصراع الداخلي الطاحن الذي طبع في السابق الأحزاب والتجمعات ذات التوجه المدني.
يُفترض أن يجعل هذا الإنجاز مراقبي العراق متفائلين بحذر، على أمل أن تبني هذه القوى الزخم اللازم لاستقطاب الناخبين وتعبئتهم بأعداد كافية لتغيير الخارطة الانتخابية في العراق، وهي عملية بدأت عام 2021 ومن الواضح أنها لم تبلغ نقطة التحول الضرورية لإرغام شاغلي المناصب الحاليين على الدخول في لعبة بقواعد جديدة. فالشرعية التي منحتها قيادة “البيت الوطني” وهيكلية التحالف الناشئ القائمة على تقنيات التنظيم القديمة المنبثقة عن الحزب الشيوعي، الذي كان ينتظر بفارغ الصبر هكذا فرصة منذ عقود، تجعل “قوى التغيير الديمقراطية” في وضعية جيدة، على الرغم من عرقلتها من خلال عناد حركة “امتداد”، التي رفضت حتى الآن الانضمام إلى القوى، في إشارة إلى غطرستها المتزايدة بشكل مقلق. وللأسف، من الممكن أيضًا أن تفشل هذه المبادرة بسبب الاقتتال الداخلي أو التنافس على القيادة أو تسلل المفسدين من الأحزاب القائمة.
لقد تطورت خيبة الأمل لدى المواطنين من الأداء الحكومي الرديء والطبقة السياسية الفاسدة من احتجاجات الشوارع المتفرقة إلى التعبئة الاجتماعية الكبيرة، ولكن المنتشرة وغير المنظمة، لثورة تشرين التي شهدها عاما 2019 و2020 إلى “التجمعات” الفئوية الناشئة اليوم المتنافسة في ما بينها. فقد استوعبت تلك التجمعات أخيرًا الحاجة إلى العمل الجماعي والتسوية، ما يعزى إلى حد كبير إلى مشورة من لديهم خبرة دولية مقارنة في بناء التحالفات وتطوير الحركات الاجتماعية. ويمثل التحول نحو معارضة شبيهة بتحالف، تدعم بشكل متبادل بناء القدرات وتعزيز الصوت الجماعي مع السماح بالهويات ووجهات النظر الفردية بشأن القضايا، مرحلة جديدة للحركة ذات التوجه المدني في العراق.
من الواضح أن المؤتمر ونهج التعبئة والدعاية الخاصة به أثار قلق الميليشيات المتحالفة مع إيران وحلفائها السياسيين. ببساطة، ومن خلال استخدام هاشتاغ 15 تشرين الأول (#١٥تشرين) لجذب الانتباه بين الأوساط المدنية/حركة تشرين، وهو شكل دعوة واضحة عبر عشرات التجمعات والحركات المتباينة، بدأت حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للميليشيات بدعوة حكومة الكاظمي إلى ممارسة سيطرة الدولة لمنع التعبئة في الشارع. ومن المدهش أن نلاحظ أن هذه الجماعات الخبيثة افترضت أنها لا تستطيع سوى تنظيم احتجاج، سعت في البداية إلى قمعه، بينما سعت قوى التغيير الديمقراطية في الواقع إلى ما هو أكثر أهمية وتنظيمًا بكثير مما يمكن أن تنظمه الأحزاب السياسية المتحالفة مع الميليشيات.
آشلي ويلان، هي خبيرة سياسية وإنمائية لديها خبرة في تنفيذ منبر الحوكمة والشفافية والإدماج السياسي والمشاركة المجتمعية. كشريك في مجموعة رؤيا للتنمية، ركزت كتاباتها على التحليلات السياسية، وتطوير التخطيط الاستراتيجي. كما تعمل ويلان كمستشارة خبيرة لدى المنظمات الدولية، والقادة السياسيين العراقيين، والمجتمع المدني، والنشطاء المدنيين، كما شغلت سابقا منصب مديرة العراق للمعهد الجمهوري الدولي من 2017 إلى 2022 .
المصدر: معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى