أحمد عبد الوهاب
بدأت وزارة المالية السورية، مطلع نيسان/ابريل، بالتنسيق مع الجهات القضائية المُصدّرة لقرارات الحجز، التحول من “الحجز الاحتياطي” إلى “الحجز التنفيذي” في دمشق وريفها.
والحجز الاحتياطي، هو منع المحجوز عليه من التصرف بماله أو جزء منه، مؤقتاً، حتى انتهاء المنازعة أو الدعوى القضائية. في حين أن الحجز التنفيذي هو الحجز الذي بمقتضاه يضع الدائن سنداً تنفيذياً تحت يد القضاء، طالباً الحجز على أموال مُدينه المنقولة وغير المنقولة، بغية إقتضاء دينه من المال، أو بعد بيع الأملاك بالمزاد العلني.
الحقوقي محمد الصطوف، قال لـ”المدن”، إنه في الأحوال العادية، يتحول “الحجز الاحتياطي” إلى “حجز تنفيذي” بقرار رسمي من المحكمة، في حال لم يفِ المَدين بالتزاماته اتجاه الجهة الدائنة، ويتم ذلك بعد جلسات ومرافعات في المحكمة بين الطرفين. ويترتب على القرار التنفيذي، وفقاً للمراسيم الناظمة للقانون السوري، تحويل أملاك “المَدين” المحجوز عليها إلى البيع في مزاد علني، للوفاء بالتزاماته اتجاه الجهة الدائنة التي أصدرت بحقه قرار الحجز.
وأضاف الصطوف لـ”المدن”، إنه في حالة الحجز على أملاك المعارضين، تسير الأمور بالطريقة ذاتها، إلا أن “الدين” للجهة المدعية غير معروف، وتتم المحاكمات وإصدار القرارات بشكل غيابي، دون السماح لأحد من طرف “المَدين” بحضور جلسات اصدار الحكم. واستناداً إلى القانون السوري، فإن تنفيذ حجز مبهم من دون تحديد قيمته هو باطل، والتنفيذ باطل.
مصدر قضائي مطلع، قال لـ”المدن”، إن أول من سيشملهم تنفيذ القرار هم الضباط وصف الضباط المنشقين، وذلك عن طريق القضاء العسكري بإشراف لجنة من “الشرطة العسكرية” و”النيابة العامة في القضاء العسكري”. هذا بالإضافة، إلى أصحاب المعامل والشركات التي فُرِضَ على أصحابها الحجز الاحتياطي بتهمة “تمويل الإرهاب”، وذلك بإشراف مباشر من “وزارة المالية”. ويلي تلك الفئتين، النشطاء والعسكريون الذين هُجِّروا إلى الشمال السوري، وذلك عن طريق “القضاء العسكري”.
القلمون الغربي
مصادر متقاطعة في القلمون الغربي، أكدت لـ”المدن”، أن عناصر المخافر في بلدات حوش عرب وجراجير والسحل، سربوا أخباراً بأن مديري النواحي تسلموا من “القضاء العسكري” قوائم تضم أسماء ضباط منشقين ممن حُجِزَ على أملاكهم احتياطياً ودخل الحجز حيّز التنفيذ. وسيصار إلى ابلاغ ذوي المحجوز على أملاكهم، بضرورة اخلاء العقارات التابعة لهم، خلال الفترة المقبلة لتتسلمها الجهة المدعية.
أحد الضباط المنشقين من بلدة حوش عرب، كان قد صدر بحقه قرار حجز احتياطي منذ العام 2013، قال لـ”المدن”، إن رئيس مخفر البلدة برفقة عناصر من الشرطة العسكرية، حضروا إلى منزله الذي يقطنه ذووه، وأبلغوهم بضرورة اخلاء العقار خلال مدة لا تتجاوز الشهر من تاريخ امضائهم على ورقة “البلاغ”، لصالح “القضاء العسكري”، الجهة المُصدّرة لقرار الحجز. وفي حال عدم اخلاء الأهل للعقار، خلال المدة المحددة، سيتم اخلاؤهم قسرياً.
وأشار الضابط المنشق إلى أنه وبعد ابلاغ ذويه بأيام، تواصل معه ضابط رفيع المستوى من “الأمن العسكري”، وقدم نفسه كوسيط ليساعده على تدارك قرار الحجز التنفيذي، مقابل مبلغ مالي.
القرار للتنفيذ و”المَدين” لا يعلم
مصادر متقاطعة في قرية عين الفيجة، أكدت لـ”المدن”، أن المعارضين الذين يمتلكون عقارات بالقرب من حرم النبع وصدرت بحقهم قرارات حجز احتياطي منذ العام 2016، باشرت قوات النظام بهدم عقاراتهم وتحويلها إلى جزء من حرم النبع. واخذت ورشات تتبع للنظام على توسعة الحرم، بمساحة أكبر من المشار لها في القانون رقم 1 للعام 2018، والقاضي بإنشاء حرم حول نبع الفيجة.
شركات شملها القرار
مصدر قضائي مطلع، قال لـ”المدن”، إن قرار الحجز الاحتياطي رقم 3448 الصادر عن وزارة المالية بحق 6 شركات تعود ملكيتها لعائلة العنزروتي في دمشق، دخل في مرحلة الحجز التنفيذي. وأبرز تلك الشركات هي “تنمية الصناعة الغذائية كتاكيت” و”كتاكيت للمشروبات ومساحيق البودرة” و”عنزروتي اخوان”. وما وصل لإدارة تلك الشركات عن طريق القضاء، “أنه سيصار الى اتباع الإجراءات القانونية خلال أيار/مايو المقبل بإشراف مباشر من وزارة المالية”.
وأشار مصدر “المدن”، إلى أن دخول مرحلة التنفيذ شمل أيضاً عقارات تعود ملكيتها لمستثمرين عرب، خصوصاً في مناطق ريف دمشق الغربي كالزبداني وكروم مضايا والديماس في مشروع الشيخ زايد. وتعود ملكية عشرات القصور والفلل الفاخرة في تلك المناطق لمستثمرين سعوديين. وأجبرت قوات النظام النواطير المقيمين في تلك الفلل على مغادرتها.
هل يمكن إلغاء الحجز الاحتياطي؟
مصادر متقاطعة في مدينة الزبداني، قالت لـ”المدن”، إنه مع بداية عام 2019 بدأ متطوعون في “الأمن العسكري” من أبناء المنطقة، بتقديم عروض للأشخاص المحجوز على املاكهم المنقولة، لإلغاء الحجز مقابل مبالغ وصلت أحياناً إلى 4000 دولار. وتدفع تلك الأتاوة لضباط “الأمن العسكري”، الجهة التي قامت بالحجز عقب اخلاء المنطقة من عناصر المعارضة.
وفي حالة السيارات المحجوز عليها احتياطياً بعد توقيفها على حواجز “الأمن العسكري”، يتوجب على صاحبها لفك الحجز الاحتياطي عنها، دفع الأتاوة، بالإضافة إلى ما يترتب على السيارة من مخالفات وتأمينات لصالح مكتب المالية في وزارة المواصلات. وأكدت مصادر “المدن” أن البعض تمكن من استعادة السيارات، سواء من الذين خضعوا لـ”التسوية”، أو من الموجودين خارج البلاد عن طريق ذويهم.
المصدر: المدن