أيمن أبو هاشم
التصعيد الأميركي والغربي مع إيران، الهدف منه ابتزاز دول الخليج، ودفعهم إلى شراء المزيد من الأسلحة الأمريكية والصفقات التجارية ضمن عقود الإذعان، وإعادة هندسة الصراعات في المنطقة، بحيث يتم استنزاف ما تبقى من الدول العربية، والحاقها جميعاً بالمصالح الإسرائيلية، وتشجيع روسيا على إضعاف نفوذ إيران في سورية، كي يدخل الطرفان في حقبة من الصراع المتبادل على النفوذ، وليس ما يحصل بمعزل عن تقليص قدرة تركيا على المناورة خارج حدودها، وإشغالها بالرمال المتحركة تحت أقدامها، كي تضبط سياساتها على الحسابات الأمريكية، وتقليص مساحات تحركها وتأثيرها في الملف السوري من داخل مسار أستانة أو من خارجه. فليس المطلوب إنهاء سلطة عصابة الملالي وتصفية أذرعها في الدول العربية، كما يراهن الحالمون والغافلون، ولم يكن هذا مطلباً أمريكياً منذ عام 1979 وحتى يومنا هذا، بل كانت إيران ضرورة لإثارة الصراع المذهبي في المنطقة، وتغيير الأولويات من العداء العربي للصهيونية، إلى العداء لإيران بسبب سياساتها الإجرامية في العراق والأحواز وسوريا ولبنان واليمن، وقد قبلت عصابة الملالي بهذا الدور الخطير، في مقابل ضمان الأمريكان والإسرائيليين لتمددها إلى قلب المنطقة العربية، واليوم نحن أمام فصل جديد من هذه اللعبة الدموية القذرة، التي تدفع شعوبنا العربية ثمنها الباهظ من دماءها ومآسيها ومن حرية وسيادة أوطاننا، ومن يقرأ سياسات الغرب طيلة الأربعين عاماً مع إيران، عليه أن يتمهل كثيراً وكثيرا، قبل أن يبني آماله على خطاب التصعيد الراهن ضد إيران. فجوهر القضية في مكان ومعنى آخر، وهو في الفهم العميق لمصالح القوى الدولية والإقليمية في المنطقة، لاسيما معرفة المنافع والخدمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، رغم كل (الزيطة والزنبليطة) عن العداء الظاهر بينهما، وإدراك حقيقة أصبحت كعين الشمس لمن لازال عقله محصناً من الأوهام، وهي أن خلاص الشعوب العربية وبناء دولها الوطنية الحرة، يقوم على تطبيق مقولة الشافعي “ما حك جلدك مثل ظفرك.. فتول أنت جميع أمرك ” وهل نحتاج أكثر مما يجري من حولنا كي نؤمن بالحقائق ونطرد الأوهام، كي نبدأ مسار خلاصنا الطويل ببصيرة فكرية وسياسية واعية.