أحمد مظهر سعدو
ثمة ظاهرة غريبة ومريبة، في كثير من الاعلام العربي، وخاصة المصري منه، وهي الاصطفاف علانية جهارًا نهارًا إلى جانب الأكاذيب والترهات وقلب الحقائق، التي يمارسها إعلام النظام السوري، وهو يقوم ببث افتراءات واهية، ومكشوفة، من أن ما يجري في ادلب اليوم، وكذلك في ريفي حماة وحلب، هو مجرد حرب رسمية مبررة ضد إرهابيين، وأن النظام السوري (الوديع ) يرمي عليهم براميله وصواريخه ويمطرهم بآلاف قذائف الراجمات، وتشاركه روسيا الاتحادية بآلاف الطلعات الجوية، التي تلقي قذائفها فوق رؤوس البلاد والعباد، فتهجر أكثر من 300 ألف سوري حتى الآن وتقتل ما يزيد عن 500 وتجرح ما ينوف عن 1000 وأن هذه الحرب هي حرب مبررة من نظام ممانع ، ضد إرهابيين دواعش.
لكن الواقع يشير إلى أن النظام السوري وأدوات حربه ضد شعبه قد أضحى مكشوفًا ومفضوحًا للغادي والصادي، ولم يعد بالإمكان تغطيته بقشة هنا، أو غربال هناك، وهو الذي هجر قسريًا أكثر من 14 ألف سوري داخليًا وخارجيًا، وقتل أكثر من مليون، واعتقل ما ينوف عن 400 ألف سوري، لكن الذي يدعو إلى القلق والاستغراب أن نجد الكثير من الاعلام المصري هذه الأيام يمارس نفس حالة التشبيح الأسدي، في قلب الحقائق، وبدلًا من فضح الطاغية، ومن يدعمه من إيرانيين ومليشيات طائفية، وروس محتلين، نجده يسير في نفس معطى وركاب الإعلام السوري الأسدي، فيمارس النفاق، ويبرر قتل أهليه في الإقليم الشمالي لدولة الوحدة، ادلب التي وقفت وكل شعب سورية مع مصر العربية، مصر العروبة، وهي تدرك أن أهل مصر هم أهلها، ليس فقط تترك اليوم لمصائرها، وبين يدي عدوان أسدي روسي إيراني لا يرحم، يرمي يوميًا آلاف القذائف فوق ما يزيد عن 4 ملايين سوري يتجمعون في ادلب من كل بقاع سورية.
وإذا كان الاعلام المصري وبعض الاعلام العربي لا يجد غضاضة من الوقوف إلى جانب الطاغية المجرم في دمشق، فعلى الأقل فليمارس دوره المسؤول والمهني في تظهير الحقائق، من أن ما يجري هي حرب عدوانية ممنهجة، ضد شعب عربي سوري مدني، وأن ما يجري تقتيله، ليس الإرهاب كما يدعون، حيث النظام السوري هو أول من دعم الإرهاب وأخرج الدواعش من سجونه، لكي تتم شيطنة الثورة السورية فيما بعد، وبنصيحة أضحت مكشوفة من الإيراني صاحب المشروع الفارسي الطائفي للمنطقة برمتها، وليس بلاد الشام فقط.
لم يعد اليوم مقبولًا شعبيًا مصريًا على الأقل، أن يكون دور الاعلام المصري / السيسوي بكل هذه الصفاقة، وبكل هذا الكذب، بينما يُقتل المئات يوميًا في ادلب وما حولها، تحت ذريعة الإرهاب ومحاربة الإرهاب، والدنيا كلها أصبحت تدرك أن القضية هي حرب نظام فاجر مجرم مستبد ضد شعبه، وليس ضد الإرهاب الداعشي، الذي ساهم هو الآخر بتغطية وتعويم كل شعارات النظام السوري المجرم وتمريرها، والتي أرادت إزاحة الثورة الشعبية السورية السلمية، واستبدالها بداعش ومن يمثلها ويشبهها، من مليشيات إيرانية باكستانية أفغانية استقدمها نظام الملالي، لإعادة قيامة النظام السوري المتهالك، والذي كاد أن يسقط، لولا الميليشيات الطائفية، والدور الروسي القذر أواخر أيلول/ سبتمبر عام 2015.
ما يجري في سورية اليوم حرب إجرامية فاشية لم يعرف التاريخ الحديث ولا القديم للأمة قرين لها، وهي حرب مسكوت عنها دوليًا، لأنها إنهاء حقيقي لأي ثورة للحرية والكرامة، وهم يريدون للاستبداد أن يبقى كحامٍ أكيد وقوي لحدود إسرائيل الأهم في المنطقة أميركيًا، وبدور وظيفي للأسد بائس في المنطقة برمتها، وهو صاحب التاريخ (الناصع ) في ذلك، عندما عبث حافظ الأسد في الواقع اللبناني وخرب ما خرب فيه، ودمر قوى الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وألغى السياسة من المجتمع السوري، وزج بكل السياسيين المعارضين، في سجونه . كما ساهم في اللعب سلبًا في واقع العراق المنتفض ضد الأميركان في حينه.
وتبقى المسؤولية المستمرة التي لابد لها من إيضاح حقيقة ما يجري في سورية، على الإعلاميين المصريين الشرفاء، والمهنيين في نفس الوقت، رغم كل هذه التعمية عن الحقيقة، وهذا يعتبر جزءً من مسؤوليتهم أمام الله وأمام ضميرهم، وأمام أمتهم وشعبهم العربي السوري في الإقليم الشمالي، من أجل سورية الحرة التي لم تتراجع، جهدًا شعبيًا وليس أنظمة، عن المساهمة في أي حراك من أجل أمتها، في الماضي القريب أو البعيد. فهل يفيق الاعلام المصري من غفوته؟ وهل يولي الاعلام العربي بعضًا من وقته لفضح الاجرام الأسدي الفاقد لأي مشروعية شعبية أو دولية.
المصدر: موقع المدار نت