هبة محمد
تواصل قوات المعارضة السورية محاولات صد تقدم قوات النظام والميليشيات المحلية التابعة لها، خلال الهجوم على أرياف ادلب وحماة، بعدما تمكنت القوات المهاجمة من السيطرة على 16 بلدة وقرية في ريف حماة، منذ إطلاق العملية العسكرية الأعنف من نوعها شمال غربي سوريا، بمسافة تقدر بـ 87 كيلومتراً مربّعاً، الا ان القوات المهاجمة لم تتمكن من توسيع رقعتها، نظراً لاستيعاب فصائل المعارضة للهجوم، الذي اشتد خلال العشر الاول من شهر رمضان، مستهدفاً المنطقة خلاله بنحو 8000 ضربة جوية وبرية ما تسبب بمقتل أكثر من 300 مدني بينهم أطفال ونساء.
ووثق المرصد السوري لحقوق الانسان خسائر بشرية فادحة خلال الأسبوعين الأخيرين، جراء التصعيد الأعنف على الإطلاق، عبر القصف المكثف لسلاح الجو الروسي والسوري فضلاً عن القصف البري من قبل قوات النظام والمعارك العنيفة بين الطرفين، مؤكداً مقتل 91 مدنياً و 17 طفلاً و16 سيدة كحصيلة للهجوم والمعارك.
وقال ان المنطقة استهدفت بـ 1645 ضربة جوية خلال الأيام العشرة الأخيرة، إذ ألقت طائرات النظام المروحية نحو 775 برميلاً متفجراً مستهدفة أرياف حماة وإدلب واللاذقية ضمن منطقة «خفض التصعيد»، كما نفذت طائرات النظام الحربية 496 غارة جوية على المناطق ذاتها بالإضافة للريف الحلبي، فيما استهدفت المقاتلات الروسية المنطقة المنزوعة السلاح بـ 374 غارة جوية.
في المقابل، قالت مصادر تركية مطلعة لـ «القدس العربي»، تعليقاً على مواصلة القصف الروسي في ظل الحديث عن التنسيق مع أنقرة لضبط المنطقة وإعادتها إلى مسار التهدئة، ان المباحثات التركية – الروسية وصلت إلى نقطة متقدمة فيما يتعلق بوقف الخروقات التي يقوم بها النظام السوري بالتعاون مع روسيا في إدلب التي تهدد اتفاق أستانة.
المحلل السياسي التركي والخبير في الملف السوري حمزة تكين أوضح لـ «القدس العربي» «أن الرئيس التركي اوصل رسالة واضحة لنظيره الروسي فلادمير بوتين تؤكد ان تركيا لن تتخلى عن إدلب ومهما كانت الضغوط فإنها متمسكة باتفاق سوتشي وتريد الحفاظ على الوضع الهادئ بعيداً عن أي عمل عسكري».
لكن الموقف التركي، حسب ما يقول هو «موقف يتيم وتركيا تصارع لوحدها القوى والمصالح الدولية ساعية إلى تحييد المنطقة خطر المجزرة والكارثة الإنسانية ورغم ذلك فهي لم تتخل عن إدلب كما يروج البعض، فهي لو تخلت عن اتفاق سوتشي لكانت النتيجة اجتياح ادلب بالكامل».
واكد المتحدث لـ «القدس العربي» ان صمود تشكيلات المعارضة السورية في وجه تقدم النظام القصف الروسي هي بسبب الدعم العسكري الذي تقدمه أنقرة لفصائل الثورة مضيفاً «المعارضة السورية قوية على الجبهات تمنع أي اجتياح بري وهي اشارة ايجابية من تركيا التي تدعم الثورة وقادرة على ذلك على مختلف المستويات عسكرياً وأمنياً، وسياسياً اذ انها لا زالت مستمرة في محادثتها مع موسكو ومقبلة على عقد اجتماع سريع في اقرب وقت ممكن لاعادة التهدئة الكاملة إلى المحافظة ولجم النظام».
وتحدث تكين عن الهدف المشترك الذي يجمع تركيا ورسيا، في القضاء على التنظيمات «الإرهابية» فيما يختلف الطرفان في آلية الوصول إلى هذا الهدف حيث «تتذرع موسكو بالتنظيم لشن عملية عسكرية على ادلب ومحيطها، بينما تصر تركيا على منع عملية عسكرية شاملة إلى جانب ايقاف الخروقات المستمرة، كما هي تعمل بالطرق السياسية مع اهالي ادلب والمجالس المحلية المشكلة في الداخل لإنهاء هذا التنظيم وحله واخراج عناصره الاجنبية»
وكانت قوات النظام السوري سيطرت على بلدة الحويز في ريف حماة الشمالي الغربي، إثر معارك عنيفة مع فصائل المعارضة، وقالت وكالة «سبوتنيك» الروسية ان القوات المهاجمة سيطرت على البلدة بعد عملية عسكرية بقيادة «علي طه» قائد إحدى مجموعات الاقتحام العاملة بإمرة العميد سهيل الحسن (الملقب بالنمر).
الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي قال إن خريطة المناطق التي تقدّم إليها النظام السوري في المنطقة العازلة الواقعة ضمن منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب ومحيطها، توسعت، منذ بدء الحملة العسكرية البريّة في 6 أيار/مايو 2019 بإسناد جوي روسي مكثّف، والتي سبقها تمهيد ناري كثيف استمر لعدّة أسابيع، اذ تُقدّر المساحة التي سيطرت عليها قوات النظام السوري بـ87 كيلومتراً مربّعاً، وتشمل مدناً ومناطق ذات أهميّة كبيرة مثل كفرنبودة وقلعة المضيق، ولم يستطع النظام السوري توسيع رقعة السيطرة رغم التغطية النارية الكثيفة ومحاور القتال المتعددة، نظراً لامتصاص فصائل المعارضة للهجوم وصد تقدمها؛ وإقامة خطوط دفاع خلفية لمنع مزيد من الانهيار، عدا عن الهجوم المعاكس الذي شنّته في 13 أيار/ مايو وسيطرتها على تلّة الحماميات الاستراتيجية شمال شرق كرناز وعدد من القرى في محيطها، قبل أن تنسحب منها، وهذه التلة كانت تُشكّل عقدة أمام المعارضة ولم تستطع تجاوزها منذ أكثر من خمس سنوات.
وأكد الباحث السياسي ان نقاط المراقبة التركية تشكل عائقاً إضافياً أمام رغبة النظام السوري في التقدّم والسيطرة، اذ لم تفلح محاولاته في استهداف محيط نقطة شير مغار في الضغط عليها للانسحاب رغم الكثافة النارية العالية، في حين عزّز ذلك من فرص فصائل المعارضة في المواجهة والدفاع.
وتكثف المعارضة السياسية من لقاءاتها تنديداً بالقصف الهمجي على خزان المعارضة المدنية والمسلحة، فيما عقدت الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة اجتماعها الدوري الخميس، في مقر الائتلاف في ريف حلب، وناقش الاجتماع الوضع الميداني في المناطق المحررة، والعدوان الروسي الإيراني على إدلب وريف حماة، وعمليات التهجير الواسعة التي تسبب بها، وقال رئيس الائتلاف عبدالرحمن مصطفى إن الغارات الوحشية التي شُنَّت على المدنيين في إدلب وحماة تسببت في استشهاد أكثر من 350 مدنياً حتى الآن، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى تهجير أكثر من 300 ألف نسمة، وإحداث دمار كبير في الأحياء والبنى التحتية والمشافي والمدارس. ودعا مصطفى إلى وقف العدوان فوراً، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه.
المصدر: القدس العربي