سعيد عبد الرازق
أبلغت تركيا الولايات المتحدة، مجدداً، بأنها الدولة الأنسب وصاحبة القوة القادرة على ضبط منطقة آمنة مقترحة في شمال شرقي سوريا.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أبلغ نظيره الأميركي مارك إسبر، في اتصال هاتفي أجراه معه ليل الاثنين – الثلاثاء، بأن تركيا ستكون مضطرة إلى إنشاء المنطقة الأمنية في سوريا بمفردها، في حال عدم التوصل إلى تفاهم مشترك بين الجانبين.
وذكر البيان أن أكار شدد على أن تركيا هي «الدولة الأنسب، وصاحبة القوة القادرة على ضبط المنطقة الأمنية في سوريا»، وأكد ضرورة مصادرة جميع الأسلحة التي بحوزة «وحدات حماية الشعب» الكردية (أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، حليف واشنطن الوثيق في الحرب على «داعش»)، وإخراجها من المنطقة الآمنة «المحتملة» بشكل كامل، وضرورة وقف الولايات المتحدة دعمها لـ«حزب العمال الكردستاني» بالكامل في سوريا.
وتابع البيان أن أكار أوضح أن عمق المنطقة الأمنية يجب أن يمتد إلى مسافة تتراوح بين 30 و40 كلم من الحدود التركية الجنوبية داخل الأراضي السورية، مع سيطرة تركيا عليها، بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
وأضاف أكار، بحسب البيان، أنه «كما أسلف الرئيس رجب طيب إردوغان، فإن لم نصل لتفاهم مع الولايات المتحدة حيال المنطقة الآمنة، ستضطر تركيا إلى أن تشكل المنطقة في سوريا بمفردها».
وأعلنت أنقرة، الأربعاء الماضي، فشل جولة مفاوضات أجراها وفد أميركي، برئاسة المبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، بشأن الاتفاق على منطقة أمنية في شرق الفرات، شمال شرقي سوريا، فضلاً عن عدم إحراز تقدم فيما يتعلق بتنفيذ خريطة الطريق في منبج، الموقعة بين الجانبين في يونيو (حزيران) العام الماضي.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن جيفري لم يقدم خلال مباحثاته في أنقرة ما يرضي تركيا، وإن واشنطن تماطل بشأن المنطقة الآمنة، على غرار مماطلتها بشأن اتفاق منبج.
ودفعت تركيا بمزيد من التعزيزات العسكرية على الحدود مع سوريا، وقامت بنقل بعض قواتها ومسلحين من الفصائل السورية الموالية إلى أطراف مدينة منبج، شمال شرقي حلب، وسط تصاعد تهديداتها بعمليات عسكرية في منبج وشرق الفرات، تستهدف «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وتقول تركيا إن هناك نحو ألف من عناصر «الوحدات» الكردية في منبج لم تنفذ واشنطن تعهداتها بنقلهم إلى شرق الفرات، بموجب اتفاق خريطة الطريق.
وجدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الجمعة الماضي، تهديداته بـ«دفن» عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية، بغض النظر عما ستتوصل إليه المباحثات الجارية مع واشنطن بشأن المنطقة الآمنة في شرق الفرات. وكشفت تقارير عن وصول تعزيزات كبيرة من تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، الذي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية قوامه الرئيسي، مزودة بأسلحة ثقيلة، إلى مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا، بعد تهديدات إردوغان بالاستعداد لعمليات عسكرية في تل أبيض وتل رفعت، للقضاء على ما سماه «الحزام الإرهابي» في المنطقة، وإقامة منطقة آمنة تحتوي سكانها الأصليين. في الوقت ذاته، التقى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو نظيره الروسي سيرغي لافروف في العاصمة التايلاندية بانكوك أمس (الثلاثاء)، على هامش مشاركتهما في الاجتماع الـ52 لوزراء خارجية دول رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، التي تشكل تركيا أحد شركاء الحوار القطاعي فيها، حيث بحثا تطورات الملف السوري، والوضع المتصاعد في إدلب.
وقال جاويش أوغلو، في تصريحات عقب اللقاء، إن جولة مباحثات «آستانة 13» التي ستنعقد في العاصمة الكازاخية «نور سلطان»، يومي 1 و2 أغسطس (آب)، ستتناول قضايا مهمة. وأضاف: «يجب أن نحافظ على رباطة الجأش، ونولي المزيد من الاهتمام للعملية السياسية. سنتفاوض أيضاً على إنشاء اللجنة الدستورية، وسنعمل معاً للإعلان عن إنشاء اللجنة». وذكرت مصادر دبلوماسية أن الأوضاع في إدلب احتلت جانباً مهماً في مباحثات جاويش أوغلو ولافروف.
وأعلنت الأمم المتحدة، أول من أمس، أن آلاف المدنيين السوريين فروا نحو الحدود التركية خلال اليومين الماضيين بسبب استمرار الضربات الجوية والقصف في شمال غربي سوريا، التي ينفذها الجيش السوري والطيران الروسي، ما أسقط 35 قتيلاً.
وبالتزامن مع عملية برية، يشن النظام السوري وحلفاؤه، منذ 26 أبريل (نيسان) الماضي، حملة قصف شرسة على منطقة خفض التصعيد في إدلب، التي توصلت إليها الدول الضامنة لمسار آستانة (روسيا وتركيا وإيران) منتصف سبتمبر (أيلول) 2017.
وأعرب فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، عن «قلق بالغ بشأن سلامة وحماية المدنيين في شمال غربي سوريا»، وأضاف أن «ما لا يقل عن 35 شخصاً، بينهم 3 من العاملين الصحيين، قتلوا في نهاية الأسبوع الماضي وحده (السبت والأحد الماضيين)، في سلسلة غارات جوية وقصف على المناطق الحضرية المكتظة بالسكان في الأراضي التي تسيطر عليها القوات غير الحكومية»، وتابع: «تضم منطقة شمال غربي سوريا نحو 3 ملايين من النساء والأطفال والرجال العالقين وسط تبادل إطلاق النار، وبلغ عدد القتلى، منذ 28 أبريل (نيسان) الماضي، أكثر من 500 قتيل، وتم تشريد ما يزيد على 440 ألفاً آخرين».
وتابع أن التقارير أفادت بأضرار جسيمة في المناطق السكنية، والبنية التحتية المدنية، شملت 7 مدارس وعيادة طبية وسوقاً ومخبزاً.
المصدر: الشرق الاوسط