توم كليفورد /ترجمة: علاء الدين أبو زينة
بكين- سؤال: أي زعيم هو الذي شهد جيش بلاده وهو يُسقط 26.171 قنبلة في عام واحد؟ وقد استمر ذلك كل يوم من تلك السنة، حيث قام جيش البلد بإلقاء 72 قنبلة، أو 3 قنابل كل ساعة، على مدار 24 ساعة في اليوم، وفقاً لمجلس العلاقات الخارجية. وكان ذلك الرئيس فائزاً بجائزة نوبل للسلام.
الجواب: باراك أوباما. وفي نفس ذلك العام، 2016، كان بالوسع العثور على مُشغلين خاصين من الولايات المتحدة في 70 في المائة من دول العالم.
سؤال واحد أخير. مَن هو عضو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي لم يطلق رصاصة نتيجة الغضب خارج حدوده منذ 30 عاماً، ولكنه مع ذلك مُتهم بالتوسعية العسكرية؟
الجواب: الصين.
وهم يرون الأشياء بشكل مختلف في الصين؛ ما نشير إليه في الغرب بأنه الشرق الأوسط، يسمونه في الصين، الغرب الأوسط.
ثمة الكثيرون في الغرب ممن ينظرون إلى الصين على أنها تهديد عسكري وخطر واضح وكامل الحضور. ولكن، غني عن القول إن الصين ترى الأشياء من منظور مختلف.
تحتل الولايات المتحدة أملاكاً وعقارات عالمية رئيسية. ولديها اثنان من الجيران الودودين في كندا والمكسيك. ولدى الصين علاقات متوترة تمتد وراء لعدة قرون مع العديد من جيرانها. ويشمل هؤلاء، الهند واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام. ومن بين الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (الصين، وفرنسا، وروسيا، والولايات المتحدة والمملكة المتحدة)، تظل الصين هي الدولة الوحيدة التي لم تطلق رصاصة واحدة خارج حدودها منذ ثلاثين عاماً. وكانت المواجهة البحرية مع فيتنام في العام 1988 هي المرة الأخيرة التي أطلقت فيها الصين رصاصة بدافع الغضب.
نُظر إلى انهيار الاتحاد السوفياتي في الغرب على أنه انتصار لحقوق الإنسان. وفي الصين، نُظر إليه على أنه إدانة محذِّرة للتخطيط الاقتصادي السيئ. وقد تعلمت الصين الدرس. يجب أن يأتي النمو الاقتصادي قبل الإنفاق العسكري. وقد لا يكون الاقتصاد الصيني بالقوة التي تشير إليها الأرقام الرسمية. لا أحد هنا يعتقد حقاً بأن الاقتصاد ينمو بمعدل 6.5 في المائة سنوياً.
ولكن، لا يمكن أن يكون هناك أي شك في النمو الاقتصادي الذي تحقق على مدى العقود الأربعة الماضية أو نحو ذلك.
بالمقارنة، بعد ضبط التضخم، أصبحت أجور العمال في الولايات المتحدة أعلى بنسبة 10 في المائة فقط في العام 2017 مما كانت عليه في العام 1973 عندما كان نيكسون في البيت الأبيض. وما يزال نمو الأجور الحقيقي السنوي أقل من 0.2 في المائة. وقد شهد الاقتصاد الأميركي ركوداً طويل الأمد في الأجور.
نمت التجارة بين الولايات المتحدة والصين من 5 مليارات دولار في العام 1980 إلى 660 مليار دولار في العام 2018. وثمة دولة يديرها الشيوعيون، والتي تشكل أكبر مالك أجنبي لسندات الخزانة الأميركية. وهذا يموِّل الدَّين الفيدرالي ويبقي أسعار الفائدة الأميركية منخفضة.
كما تُعد الصين أيضاً أكبر شريك تجاري للبضائع في الولايات المتحدة، وأكبر مصدر للواردات، وثالث أكبر سوق للصادرات الأميركية.
هل لعب الصينيون بسرعة وبطريقة فضفاضة مع قواعد التجارة العالمية؟ ربما. هل يحاولون استخدام أموالهم لشراء النفوذ السياسي في الخارج؟ محتمل. هل تستخدم الصين الممارسات التجارية غير العادلة (مثل العملة المقومة بأقل من قيمتها والدعم المقدم للمنتجين المحليين) لإغراق الأسواق الأميركية بالسلع منخفضة التكلفة؟ نعم. لكن الصين ليست مسؤولة عن الركود في الأجور الأميركية. كان ذلك الركود واضحاً قبل فترة طويلة من أن تصبح عاملاً فيه.
منذ العام 1978، نجحت الصين في انتشال 800 مليون شخص من ربقة الفقر وخلق أكبر طبقة وسطى في العالم.
ليس الشعب الصيني أعمى عن عدم المساواة والظلم والوحشية في مجتمعه الخاص. وينطوي الشعب الصيني على إعجاب كبير بالولايات المتحدة. ويرسل الكثير من الصينيين أبناءهم ليتعلموا هناك. وسوف يستمتع الشعب الصيني بفرصة الحصول على قول أكبر في إدارة شؤونه. لكن التاريخ ودروسه تهم في الصين. وقد تعلم الصينيون من التجربة المريرة على مدى آلاف السنين من التاريخ أنهم يعانون أكثر عندما تكون الحكومة المركزية ضعيفة ومنقسمة. فبعد حرب الأفيون في العام 1842، تمزق البلد بسبب الغزوات والحروب الأهلية والمجاعات. ومنذ العام 1949، أصبحت حدود البلد آمنة، وبعد كارثة سنوات ماو، أصبح شعبه يتمتع بمستوى معيشي لا يمكن تصوره، عندما كان نيكسون في البيت الأبيض في العام 1973 يتأمل في الاجتماع مع ماو في العام السابق ويتساءل عن أفضل السبل للتعامل مع الكلمة التي كانت تدخل المعجم السياسي: ووترغيت.
المصدر: الغد الأردنية/ (كاونتربنتش)