د_ عبد الناصر سكرية
مع دخول انتفاضة الشعب اللبناني يومها العاشر دون كلل او تراجع من الحركة الشعبية عن مطالبها بإسقاط السلطة الفاسدة ومحاسبتها واسترداد المال العام المنهوب ؛ وبعد الاعتداءات المبرمجة الموقتة التي شنتها ميليشيات حزب الله على المعتصمين في اماكن عدة وبوقت واحد بقصد تخويف الناس وترويعهم وارغامهم على التراجع والتخلي عن مطالبهم ؛ وبعد محاولة بعض اطراف السلطة القديمين منهم او المستحدثين ، الالتفاف على المطالب الشعبية ومحاولة الظهور بمظهر البريء القادر على تنفيذ اصلاحات من شانها ابقاءه في السلطة ؛ نرى ضرورة القاء الضوء على طبيعة السلطة القائمة وبيان عدم صلاحيتها لاي اصلاح .جملة او فرادى..
حيث تشترك أطراف النظام اللبناني الذي يطالب الشعب المنتفض بإسقاطه، بعدة خصائص فريدة.. 1- الحماية الاجنبية. جميعها تتمتع بحماية اجنبية دولية. أحادية او ثنائية.. 2 – عدم ايمانها بلبنان الوطن. كل سلوكياتهم قائمة على اساس لبنان المزرعة.. 3 – السلطة مجرد معبر الى الإثراء غير المشروع وتكديس الثروات بالسرقات وتمرير الصفقات المشبوهة.. 4 – استحمار الناس والكذب والمراوغة.. 5 – انتهاك القانون واغتصاب حقوق الناس وعقولها وبث انواع التفرقة والانقسام والتباغض.. 6 – الاستقواء بالحماية الاجنبية تارة وبالشحن الطائفي والمذهبي تارات اخرى.. 7- الاستبداد وقمع الرأي المخالف في أطار حصة كل طرف من الاقتسام والتقاسم.. 8 – غياب اي مشروع وطني او حتى رؤية وطنية لمستقبل ومصير الشعب والوطن.. 9 – الوصول للسلطة اما بالوراثة او بالتوظيف الخارجي لقوى النفوذ الاجنبي.. 10 – الفساد وهو تحصيل حاصل لكل الخصائص الأخرى.. وفقا لهذه الخصائص، لا يدخل الى النظام إلا من كان طائفيًا؛ مذهبيا وفاسدا في ذات الوقت.. خاضعا للحماية الاجنبية ومرتهنا لنفوذها ومتطلباتها.. وعليه فأن جميع أطراف النظام اللبناني ليس لديها ولاء وطني حيث مصالحها وحمايتها وارتهانها للقوى الاجنبية التي تحميها وتمولها وتدعم بقاءها في السلطة. مهما ادعت غير ذلك او رفعت من شعارات للتمويه والتعمية على حقيقة ارتباطها بالخارج وولائها له.. اما فساد الاشخاص المشاركين في النظام، فتختلف نسبته وفقا لاعتبارات كثيرة.. إن مراجعة موضوعية بسيطة لسلوكيات أطراف النظام اللبناني جميعا، في تعاطيها مع الشأن العام ومع المواطنين اثناء ادائها التنفيذي العام؛ تدلل بوضوح تام على هذه الخصائص المشتركة الفريدة، بعضها او كلها.. لا سيما غياب ولائها الوطني وعدم إيمانها بالوطن مستقرا لكل ابنائه.. يستوي في هذا جميعا؛ القوى التقليدية العائلية والمذهبية والطائفية المنضوية في بنية النظام منذ عهود طويلة؛ والقوى المضافة حديثا اليه بفعل النفوذ الاجنبي المباشر الذي أدخلها في النظام فراحت تستعرض أمامه، قدراتها الفذة على تجسيد مصالحه وطلباته بجدارة لا سيما ممارسة التجييش المذهبي واقتلاع الهوية والسيادة الوطنية فضلا عن الدخول في صفقات الفساد والمحاصصة وتشكيل مراكز قوة وتسلط داخل النظام وتحت جناحه.. ولهذا كله شكلت انتفاضة الغالبية العظمى من اللبنانيين بكل مناطقهم وفئاتهم ومستوياتهم؛ صدعا عميقا في بنية النظام واساساته ذاتها مما يجعله غير قادر على الاستمرار والبقاء إلا مشروخا ومتصدعا إن لم يسقط.. انتفاضة اللبنانيين اروع صورة حديثة لممارسة الديمقراطية الشعبية المباشرة.. كشفت زيف قوى أطراف النظام وهزالة تمثيلها الوطني او تعبيرها عن الشعب والوطن.