أحمد مظهر سعدو
تستمر عملية (نبع السلام) التي انطلقت مؤخرًا. سلمًا أم حربًا، من أجل إنهاء حالة الإرهاب المستفحل عبر بعض التنظيمات الكردية الارهابية شمال سورية وعلى رأسها تنظيمات (ب ي د) و(ب ك ك) وما يسمى ب (قسد)، ويبدو أن المسألة قد أضحت أكثر قربًا من التنفيذ بعد الاتفاق التركي الأميركي الأخير بشأنها، وكذلك التوافقات مع الروس.
في عملية (نبع السلام) تقاطعت بالضرورة المصلحة التركية في ضرب الإرهاب وإنجاز العمل الجدي لأمن قومي تركي، يتساوق بالضرورة مع مصلحة وطنية سورية في منع إقامة حالة تقسيمية شمال سورية، أرادوها “روج آفا” وأرادها الشعب السوري وحدة سورية أرضًا وشعبًا. فكانت الضربة قاصمة لـ “روج آفا” برمتها.
صحيفة (إشراق) حاولت سؤال بعض السياسيين والمثقفين السوريين عن رؤيتهم لعملية (نبع السلام) وسألناهم: هل ستعود عملية (نبع السلام) بالإيجاب على السوريين والأتراك؟ وهل من الممكن أن تحقق عودة اللاجئين السوريين والحفاظ على الأمن القومي التركي؟ وكيف ترون موقف الغرب من هذه العملية؟
الباحث الدكتور مروان الخطيب منسق الصالون السياسي في عينتاب قال “إن عودة اللاجئين السوريين إلى أرض الوطن مرتبط بعوامل عدة، منها تحقيق الأمن والأمان في مناطقهم، وانتهاء سلطة الأجهزة الأمنية التي عاثت في البلاد فساد وإرهاباً، وبالتالي فإن تحقيق الأمن والأمان في المنطقة المستهدفة من عملية (نبع السلام) وإنهاء سيطرة قوات الـPYD التي حملت للمنطقة مشروعاً انفصاليًا بدأ بتغيير مناهج التعليم وصولاً لفرض الضرائب وتشكيل هياكل أشبه بدولة وفرض التجنيد على شباب المنطقة، إضافة إلى عمليات القمع التي شهدتها تلك المناطق وتجريف القرى وتهجير السكان، قد يتيح مجالاً لإعادة أجواء الاستقرار إلى تلك المنطقة وبالتالي يحمل الكثير من أبناء تلك المناطق الذين يعانون من قلة فرص العمل في تركيا إضافة إلى ارتفاع تكاليف الحياة المعيشية.” ثم قال ” لكن المعيق الأساس هو آلية إدارة المنطقة بعد تحريريها من قوات الـ PYD إذ أن النموذج الماثل أمامنا في درع الفرات وغصن الزيتون ليس محفزاً للكثيرين. أما من ناحية الأمن القومي التركي، فهو على الأقل سيدفع بأعداد كبيرة من قوات الـ PYD إلى العمق السوري ويقطع التواصل مع المجموعات التي كانوا على تواصل معها ويتم تغذيتها في الأراضي التركية، وهذه العملية ستكون بهدفها الأبرز القضاء على فكرة تشكيل (كردستان الغربية) على الأراضي السورية ويثبط أحلام المجموعات الحالمة باقتطاع جزء من تركيا لإنشاء كيان كردي مستقل.” وتحدث عن الموقف الغربي فقال: ” الموقف الغربي يبقى عالقاً في إشكالية خسارته لورقة ضاغطة على الحكومات التركية المتعاقبة، وهي تحريك المجموعات التي قوتها معارك التحالف الدولي ضد داعش، والتي كان يممكن أن تكون نواة لنقطة انطلاق لموازنة الضغوطات التي تحاول الحكومات التركية تشكيلها على الغرب من خلال تنامي القوة الاقتصادية والعسكرية التركية، والتلويح بين فترة وأخرى بورقة قوافل اللاجئين التي يمكن أن تطرق أبواب أوربا مجددًا إن تغافل عنها حرس الحدود التركي.”
أما السياسي منصور الأتاسي رئيس حزب اليسار السوري فقال لإشراق: عملية (نبع السلام تمت كما أعتقد نتيجة توافق روسي إيراني تركي. وموافقه أميركية من قبل ترامب الذي سحب قواته من منطقة عمليات (نبع السلام). ولهذه العملية العديد من النتائج الإيجابية، وهناك العديد من التحفظات التي يجب أن نعلنها أما الايجابيات فيمكن تلخيصها بالانتهاء من حالة التطرف الذي تمثله سياسة البي واي دي والتي عملت وتعمل عن فرض شكل من الحكم المحلي يحقق فهمها للوضع في سورية وبدعم وتعاون مع الأميركان. بعد أن أصبحت محافظة الجزيرة (روج آفا) أي (غربي كردستان) وأسست جيشًا وانتخبت رئيسًا وبرلمانًا ومجلسًا تنفيذيًا ولها علمها الخاص، بما يعني أنها دولة ضمن دولة على الطريقة العراقية واللبنانية، التي حولت هذه الدول إلى دول فاشلة ” وأضاف الأتاسي ” أكدت التطورات على أن من يعتمد على الخارج لا يحصد سوى العلقم، بعد أن تركت أميركا حلفائها لقدرهم وانسحبت لتدمر الأحداث كل أحلام هؤلاء المتطرفين، الذين ساهموا بانشقاق الحركة الوطنية وإضعافها من خلال حسابات قومية دفعتهم مؤخرًا إلى أحضان النظام الذي اضهدهم تاريخيًا . ومن ناحية أخرى فإننا نشهد تراجع التطرف الديني أولًا والقومي ثانيًا. وأعتقد أن هناك مصالح مشتركة بين الدول والشعوب، علينا تفهمها ضمن شرط الاحترام المتبادل لخصوصيات الشعوب المتجاورة.” ثم أكد أن ” المنطقة الآمنة وحسب التجارب الملموسة بمناطق خفض التوتر، لن تكون منطقة آمنة وخصوصًا أن تحالفات الحكومة التركية مع الروس والايرانيين أعداء الشعب السوري وأصدقاء النظام. وأيضًا فإن من يجب أن يعود لهذه المناطق هم سكانها فقط. أما المهاجرون الآخرون فيجب أن يعودوا إلى مدنهم وقراهم. وإلا فإن حالة خطيره ستتشكل في سورية، وأيضًا فإن من الخطورة أن يكون هناك توافق بين الروس والحكومة التركية من جهة والروس والنظام من جهة أخرى يتضمن اقتسام المناطق الشرقية. وهذا ما نلاحظ ارهاصاته ومؤشراته الآن، وعلينا كوطنيين التنبيه من خطورته إننا مانزال عند ثوابتنا باعتبار الروس والايرانيين محتلين لبلدنا، ونطالب بإخراج كافة الجيوش والميليشيات الأجنبية من بلادنا، ونرى أن الحل المستدام ينطلق أولاً من تنفيذ بنود بيان جنيف (1) وقرارات جنيف ذات الصلة وأن الحدود الآمنة بين الدول تحققها حكومات قوية متجاورة تحترم حدود الجوار وتحميها من أي تسرب لمتطرفين معادين لاستقرار الجوار”.